للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[القصة فن تربية النشء]

علي لطفي عبد الحكيم حسين

بين دوامات الحياة، وأمواجها المتلاطمة ينشغل الآباء والمربون، ويوماً بعد يوم يصبحون أسرى أمام متطلبات الحياة وواجباتهم الاجتماعية، ورويداً رويداً تزيد الفجوة، وتتسع بين الآباء والأبناء.

إن ظروف العصر الذي نحياه فرضت على الأبناء الكثير من الاحتكاكات، فضلاً عن الحواسيب والإنترنت، وما به من متع وفنون، وأمام هذا السيل الجارف أصبح الآباء في مأزق حقيقي: كيف يربون أطفالهم، وكيف يستحوذون على عقولهم وقلوبهم، وكيف يضمنون أن تظل تلك الفطرة داخل الطفل سليمة نقية كما خلقها الله عز وجل؟ لذلك كان لزاماً على الآباء الأم أو الأب أن يقتطع من وقته فترة يجالس أولاده، ويناقشهم، ويقص عليهم، ويجيب عن تساؤلاتهم.

هل جربت يوماً أن تصادق أولادك، وأن تبني بينك وبينهم جسوراً من الثقة والتواصل، وأن تتابعهم بين الحين والآخر لتخرج منهم المتواري، وتكتشف طاقات النبوغ والعبقرية فتنميها، وأن تتلمس جوانب الضعف والسلبية فتقومها وتنقيها، وأن تتحسس مناطق التشوش داخل نفوسهم؛ فتعيد إليها توازنها واعتدالها، هل جربت؟

- ما السبيل إلى ذلك؟

تعتبر القصة جسراً للتواصل بين الآباء والأبناء، ينفذ الأب من خلالها إلى قلوب أولاده، وإلى عقولهم فيشكلها كيفما شاء.

والقصة لون من ألوان أدب الطفل، بل هي الأكثر شيوعاً وتأثيراً؛ نظراً لما لها من تأثير، وما تحدثه من نتائج وأهداف تنعكس على سلوك الطفل وتصرفاته.

ونظراً لأهمية القصص، وتأثيرها الفعّال في النفس البشرية نرى المولى ـ عز وجل ـ يفرد سورة كاملة في القرآن الكريم يسميها سورة «القصص» . ليس هذا فحسب، بل في أكثر من موضع يسوق الخالق ألواناً شتى من القصص والحكايات؛ أملاً في الهداية والإصلاح. يقول المولى ـ عز وجل ـ: {لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لأُوْلِي الأَلْبَابِ} [يوسف: ١١١] .

وفي موضع آخر يقول الله ـ تعالى ـ: {فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ} [الأعراف: ١٧٦] . وإذا كان هذا حال القصص مع القلوب الجامدة الغليظة المنكرة لعبادة الله وحده؛ فكيف يكون حال القصص مع الأطفال الأبرياء، وفطرتهم ما زالت سليمة، وقلوبهم وعقولهم ما زالت صفحة ناصعة بيضاء؟ لا شك أنها سوف تحدث أعظم الأثر، وتؤتي أجود الثمار.

- القصة جسر الآباء إلى الأبناء:

لا شك أن القصة من أنجح الوسائل للوصول إلى قلب الطفل، ولا يعادلها في ذلك أي رسالة إعلامية أخرى، ولا أي وسيلة من الوسائل؛ فقد يستحوذ الأب أو الأم على قلب الطفل من خلال هدية جميلة، أو مبلغ من النقود، ولكن سرعان ما يزول أثر تلك الهدية بمجرد اعتيادها، أو قدمها، أو بمجرد صرف النقود، أو.... ولكن أثر القصة يبقى في عقل الطفل ووجدانه، يحيا بين أبطالها، وينسج لنفسه خيالات واسعة بين أحداثها، وفي هذا الصدد يقول الدكتور (علي أحمد مدكور) عميد كلية التربية والعلوم الإسلامية: «إن الطفل يستمع بشغف إلى القصة الجميلة يسردها له أبوه، أو جدته، ويطرب أشد الطرب لذلك، وهذا يدل على أن الطفل يستجيب لألوان الأدب، خاصة القصة!» (١) .

ولِمَ لا، ونحن نلحظ أن الأطفال يتهافتون على آبائهم وأمهاتهم ليحكوا لهم قصة أو حكاية، وقد يسرعون إلى إنجاز واجباتهم ودروسهم على أتم وجه؛ أملاً في أن يفوزوا بحكاية جميلة، أو قصة خلابة؟!

- طرق ومعايير عرض القصة:

القصة ليست مجرد أفكار يتم نقلها للطفل بأسلوب آلي، وإنما حكاية القصة لا بد أن تخضع لمعايير تربوية وفنية، حتى تحدث الأثر المطلوب في نفس الطفل.

- أولاً: المعايير الفنية لعرض القصة:

١ ـ التهيئة وحسن الاستهلال:

تخضع القصة كأي رسالة إعلامية لعدة معايير ينبغي توافرها في طرفي عملية الاتصال «المرسل والمستقبل» فينبغي على الأب أن يكون متهيئاً لحكاية القصة، مرحاً بشوشاً متفرغاً؛ لذلك لا يلقيها على مضض وكره؛ وكأنه يقوم بعمل آلي؛ حيث إن هذا الشعور يتسرب إلى نفس الطفل؛ فتفقد العملية الاتصالية الهدف المرجو منها.

وما ينطبق على الآباء ينطبق على الأطفال؛ فلا بد أن يكون الطفل مهيأ لتلقي القصة لا مرغماً عليها، ولا منشغلاً بشيء غيرها، كما أنه لا بد أن يسبق حكاية القصة حسن استهلال من قبيل التسمية، وذكر الله، والصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم -، وبعض عبارات المديح والإطراء لموضوع القصة، حتى تنفرج أسارير الطفل، ويستمع بشغف لما يلقيه عليه والده من قصص.

٢ ـ الترتيب المنطقي للأحداث:

قد يعتقد الآباء أن الطفل بعقله الصغير من الممكن أن يُستدرَج، ومن ثم يسرح بعقله، ويسرد عليه أبوه أحداثاً بعيدة عن المنطق، وغير ممكنة الوقوع، أو يلقي عليه أحداثاً غير مرتبة ترتيباً منطقياً، كما يحدث في الواقع، وهنا قد يفقد الطفل الثقة في والده، ولا يعيره أي اهتمام، وإنما ينبغي على الأب أو الأم أن يرتب أحداث القصة ترتيباً منطقياً، وألا يشطح بخياله بعيداً عن الواقع، وأن يتدرج في التصاعد الدرامي للأحداث، حتى يصل إلى الذروة في نهاية القصة.

٣ ـ تقديم أبطال القصة في صورة واضحة:

ولكي تؤدي القصة دورها في نفس الطفل، ويخرج منها بالنتيجة المرجوة فإنه يجب على الأب أن يقدم أبطال القصة في صورة واضحة المعالم والتفاصيل؛ بحيث يسهل على الطفل المتابعة، وحتى لا يتوه بين طيات الأحداث.

٤ ـ وضع نهاية مناسبة للقصة:

يراعى أثناء الحكاية ألا يلمّح الأب أو الأم بنهاية القصة؛ وذلك حتى لا تفتر همة الطفل في المتابعة، وحتى نترك للطفل أن يُعمل عقله وخياله، وفي نهاية القصة يلمح الأب بذكاء إلى أطفاله أن القصة أوشكت على النهاية، ويحاول أن يستنطقهم في النهاية المتوقعة. وهنا لا بد من وضع نهاية مناسبة للأحداث بدون مبالغة أو تحريف.

- ثانياً: المعايير التربوية لعرض القصة:

١ ـ الاهتمام والتأهب:

يلاحظ الآباء والأمهات أن الأطفال قبل حكاية القصة يكونون مشدودين ومتأهبين للاستماع أكثر من أي شيء آخر؛ ولذلك كان لزاماً على الأب أو الأم أن يكونا على المستوى نفسه من الاهتمام والتأهب أثناء حكاية القصة؛ وذلك حتى لا تحدث فجوة بين مستقبِل متأهب ومهتم، وبين مرسِل فاتر وغير مكترث، وحتى لا تفقد عملية الاتصال أهم خصائصها؛ وهي الحميمية والتفاعل والتجاوب المشترك، ولكن يجب أن يتم ذلك بغير افتعال، أو تكلف حتى لا تكون الأحداث في وادٍ، وطريقة العرض في وادٍ آخر.

٢ ـ التعبير الجسدي أثناء القص:

ينبغي على الأب أو الأم أثناء حكاية القصة أن ينقلوا الأحداث بطبيعتها؛ فمثلاً عندما يحدث موقف إيجابي في القصة فعلى الأب أن يظهر علامات السرور والفرح على وجهه، وإذا حدث موقف سلبي؛ فعلى الأب أن يرسم علامات الحزن والرفض على تقاسيم وجهه، وأن ينهج المنهج نفسه في الأحداث التي تتطلب الانفعال، أو الدهشة، أو الاستنكار، ويراعي أن يتم ذلك بتلقائية شديدة بعيداً عن المبالغة والافتعال.

٣ ـ التوافق مع المستوى الاجتماعي:

الطفل يتكيف مع واقعه الذي يحيا فيه، ويتمنى في أبطال القصة أن يشاركوه ظروفه وأحواله، كما يتمنى أن يشاركهم ظروفهم وأحوالهم؛ لذلك يجب على الأب أن يراعي ذلك البُعد، وألا يحكي عن أبطال في أبراج عاجية، حتى لا يترك أولاده في صراع نفسي بين واقعهم وواقع أبطال القصة؛ فقد يكون الأب متوسط الحال من الناحية المادية؛ فينبغي ألا يحكي عن أبطال يتفوقون عن هذا المستوى، حتى لا يفاجَأ بأحد أطفاله يسأله: لماذا لا نكون مثلهم يا أبي؟ هل أنت مقصر معنا؟

٤ ـ مراعاة المرحلة العمرية للطفل:

ينبغي أن يكون مضمون القصة وطريقة معالجتها مناسباً لسن الطفل؛ بحيث يفهم أبعادها، ويتجاوب مع مضمونها، وخاصة أن مرحلة الطفولة مرحلة مليئة بالصراعات، وفي هذا الصدد يقول الدكتور (السيد البهنسي) رئيس قسم الإعلام التربوي ـ جامعة عين شمس بالقاهرة: «الطفل يحتاج إلى مخاطبة خاصة بلغته الفريدة، خاصة في مرحلته العمرية التي تموج بالمتغيرات الحادة المتلاحقة، وتحتاج إلى جهد خاص لمعالجتها، حتى لا يحدث لدى الطفل أي تشويش أو خلط نفسي» (١) .

٥ ـ نهاية القصة في صالح الخير:

إذا كان من الواجب أن ينتصر الحق والخير في عالم الواقع؛ فالأوْلى أن ينتصر الحق ويعلو أكثر وأكثر في عالم الخيال؛ حيث يشارك الطفل أبطال القصة، ويتمنى أن يحذو حذوهم، ويؤكد هذا المعنى الدكتور (صابر عبد المنعم) مدرس المناهج وطرق التدريس جامعة القاهرة بقوله: «إن أحداث القصة تؤثر في نفس الطفل من خلال المشاركة الوجدانية، عندما يتابع حركة الأشخاص في القصة، ويتفاعل معهم؛ حيث يضع نفسه مكان أبطال القصة على طول الخط؛ فإن كانوا في مواقف السمو والإيجابية تمنى لو كان في موقفهم، وإن كانوا في مواطن التدني والكراهية حمد الله أنه ليس منهم» (٢) .

- ماذا نقصُّ لهم؟

تموج المكتبات، ووسائل الإعلام، وشبكة الإنترنت بآلاف القصص، منها ما هو في الأصل عربي، ومنها ما هو مترجم من لغات أخرى إلى العربية، وأمام هذا السيل الجارف من القصص والجبال العالية من الحكايات يقف الآباء والمربون حيارى، كيف يختارون، وأي شيء سيقصون على أبنائهم؟

بداية نقول: إن القصص والحكايات تتنوع في شكلها، ومضمونها حسب السن المستهدفة، وحسب الهدف أو المغزى منها؛ فنرى أن الحكاية تأخذ شكل القصة البسيطة من نسج خيال الأب أو الأم أو الجدة؛ لينام عليها الأطفال، وتتدرج تلك الحكاية، حتى تصل إلى القصة مكتملة البناء والأركان.

- الأبناء مسؤولية في أعناق الآباء:

انطلاقاً من قول الرسول -صلى الله عليه وسلم -: «كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته» ؛ فإن المسؤولية على الآباء تصبح جد عظيمة، وعلى الراعي أن يتوخى الحذر، وينأى بأطفاله عن مواطن الذئاب؛ فعوامل الهدم صارت كثيرة؛ فالشارع يهدم، والصحف والمجلات تهدم، والتلفزيون يهدم، وأُخطبوط الإنترنت أكثر هدماً.

وأمام هذه المعاول الهدامة لا بد أن يقيم الآباء والمربون سدوداً منيعة، وحوائط آمنة يُكتنَف بداخلها الأبناء، حتى يشقوا طريقهم على منهج الإسلام القويم. يقول المولى ـ عز وجل ـ: {إنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُوْلَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولاً} [الإسراء: ٣٦] أمام هذه المسؤولية، وتلك الأمانة فلتنظر أيها الأب أي شيء ستُسمع أبناءك، وأي شيء ستريهم، وأي شيء ستلقيه في قلوبهم وتجعله يعلق بأفئدتهم؟

- المضمون والخطر الثقافي:

عند انتقاء القصة أو الحكاية لا بد أن يطلع المربي عليها جيداً، وأن يعي مضمونها؛ فالأعمال الوافدة في معظمها تمثل ثقافات لمجتمعات تموج بالانحلال، وتنتهج ثقافات تدعو إلى العنف وازدراء الضعيف، فضلاً على أنها تدعو إلى فوضى الأخلاق؛ حيث ينعدم وازع الدين والضمير، وهذا لا ينطبق على الأعمال الوافدة فحسب، بل إن من بني جلدتنا من يشيع تلك الأعمال الهدامة، ويعرضها على أولادنا عن قصد أو بدون قصد، وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً.

إن مضمون القصة لا بد أن يكون نابعاً من إيمان راسخ بالله ـ عز وجل ـ وبرسوله الكريم -صلى الله عليه وسلم -؛ ولا بد أن يحكم ذلك المضمون مجموعة من القيم الإسلامية التي تدعو إلى السمو، والرفعة، والتسامح، والرقي بسلوك الأفراد، وأن يتمتع أبطال القصة بالفضيلة والسلوك الحسن؛ حيث ينعكس ذلك الجو على سلوك الأفراد، وتوجهاتهم ومنهجهم في الحياة.

- لدينا أحسن القصص:

يخاطب المولى ـ عز وجل ـ الرسول -صلى الله عليه وسلم - بقوله: {نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إلَيْكَ هَذَا الْقُرْآنَ وَإن كُنتَ مِن قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِينَ} [يوسف: ٣] .

لقد وصف المولى ـ عز وجل ـ القصص القرآني، (خاصة قصة يوسف) أنها أحسن القصص، وهو كذلك حقاً من حيث جمال العرض، ودقة الحدث، وبلاغة اللفظ وصدق المضمون وسمو التوجه، وروعة الإخراج، وبهذا استحق أن يكون أحسن القصص:

من هذا المنطلق فإن كل قصص نقصه على أبنائنا لا بد أن يخضع لتلك المعايير، وأن يحذو هذا الحذو، وأن ينهج المنهج نفسه؛ فقصص الأطفال لا بد أن يتسم بالموضوعية، ويتحلى بالصدق، وأن ينمي لدى الطفل القيم النبيلة والأخلاق الحسنة، وأن يسمو بوجدان الطفل وجوارحه، حتى ينشأ محباً للحق والعدل والخير، وحتى يحيا على الإحسان والتسامح.

- فنون القصة:

١ ـ القصة إقرار بالعبودية وتوحيد الخالق:

أعظم شيء نبثه في نفوس أولادنا توحيد الخالق، وإفراده بالألوهية، وهنا يتخير الأب القصة التي تسير على هذا النهج، أو ينسج من خياله ما يبرز هذا المعنى، ويوضحه في نفوس الأطفال.

٢ ـ القصة موعظة حسنة:

من خلال القصة يستطيع الأب أن ينفذ إلى قلوب أطفاله، وأن ينثر عليهم أكاليل الوعظ، والإرشاد بأسلوب تلقائي غير مباشر، بعيداً عن الافتعال، فيأسر الأولاد، ويستحوذ على قلوبهم؛ فيلقي فيها ما يشاء من عظات حسنة، وقيم نبيلة: كالبر والإحسان، والصدق، والرحمة، والمحبة، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، والمروءة والنبل، والكرم، وغيرها من قيم الإسلام السمحة.

٣ - القصة استنهاض للهمم:

من خلال القصة يستطيع الأب بكل ذكاء أن يستعيد ذكريات الماضي، وأمجاد الإسلام؛ فيستطيع أن يقص كل يوم قصة عن بطولة من بطولات الإسلام، وموقف من موقف الصحابة والتابعين الكرام، ويستطيع الوالد من خلال اطلاعه، ومعارفه في كتب السيرة النبوية، وتراجم الصحابة أن يلخص موقفاً معيناً، ويقصه على أبنائه، حتى ينشؤوا على حب التضحية والفداء، وكيف عانى المجاهدون الأولون في سبيل رفعة الدين، وإعلاء كلمة الله.

٤ ـ القصة معلم لغوي:

إن من أعظم المسؤوليات التي تُلقى على عاتق الآباء هي مسؤولية تعليم اللغة العربية، وحفظها من الاعوجاج والإسفاف، ومن خلال القصة، ومن خلال طريقة العرض يستطيع الأب أن يلقي في نفوس أولاده جمال اللفظ، وروعة التعبير، وسحر الكلمة؛ فينشأ الأولاد محبين للغة معتزين بتعلمها.

٥ ـ القصة فن الإجابة على الأسئلة المحرجة:

كثيراً ما يتعرض الآباء لأسئلة محرجة من قِبَل الأبناء، وعندها نجد المربين في ارتباك، وقلق أمام أطفالهم، ولا يعلمون بما يجيبون عن أسئلتهم، إما جهلاً وإما حياءً. وفي فترة الطفولة تكثر الأسئلة، وتتوالى الاستفسارات، حتى إن خبراء التربية يسمون تلك الفترة بـ (فترة السؤال) ، ومن خلال القصة المحايدة يستطيع الأب أن يجيب عن أسئلة كثيرة مسبقاً بكل ذكاء، وبكل موضوعية بعيداً عن الحرج.

إن أهداف القصص كثيرة وثمارها متنوعة تضيق المساحات عن الإلمام بها، ولكن هذا يتطلب من الآباء والمربين حسن الانتقاء، وجودة المضمون، وجمال الشكل والعرض، وإن لم يتيسر لهم ذلك؛ فبإمكانهم أن يجهدوا أنفسهم مدة يسيرة كل يوم، يطَّلعون فيها على أمهات الكتب الإسلامية، ويلخصون منها موقفاً معيناً، أو يلقون الضوء على موضوع ما، ثم يضعونه في شكل قصة، أو حكاية، ملتزمين بالمعايير الفنية والتربوية التي ذكرناها سالفاً، متوخين الحذر أشد الحذر في طريقة العرض، أو الإلقاء، ويوماً بعد يوم ستنشأ جسور الصداقة والألفة بين الآباء والأبناء، وسيُقبلون بشغف على التعلم والمعرفة، فيحيون في كنف العقيدة، وفي ذكريات الماضي، وبطولات الأبرار؛ فتقوى بذلك العزائم، وتُستنهَض الهمم، وتضاء العقول، وتصفو الأنفس، أملاً في بعث جيل جديد يعيد للإسلام أمجاده.

(*) متخصص في إعلام الطفل.

(١) انظر: موسوعة سفير لتربية الأبناء، ١/٢٣، دراسة بعنوان: «أدب الأطفال في التصور الإسلامي» .

(١) انظر: موسوعة سفير لتربية الأبناء، ١/ ٤٥، دراسة بعنوان: «التلفزيون الحاضن» .

(٢) انظر: موسوعة سفير لتربية الأبناء، ١/ ٦٦، دراسة بعنوان: «القصة في التدريس» .