للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مشاهدات في أوربا

مدرسة طارق بن زياد

محمد سليمان

عندما وصلنا إلى مدينة (هلموند) في هولندا، والتي تبعد عن العاصمة

أمستردام حوالي (١٣٠ كم) ، كان القائمون على المسجد يرددون كثيراً (المدرسة

الإسلامية) ، فسألتهم عن هذه المدرسة، فقالوا: الأفضل أن تراها وهي قريبة في

مدينة مجاورة اسمها (إندهوفن) ، وفي اليوم التالي اتجهنا إلى المدرسة التي أطلقوا

عليها اسم (طارق بن زياد) ، وهي مدرسة ابتدائية متكاملة بفصولها ومرافقها قدمتها

الدولة للجالية الإسلامية في هذه المدينة.

تجولنا في فصولها ومرافقها، وكان كل شيء يوحي بأنها إسلامية، ثم كان

هذا الحوار مع أخوين من الجالية العربية المغربية وهما من الأعضاء الخمسة

المشرفين على المدرسة:

-كيف بدأت قصة المدرسة؟

- كنا نعاني كثيراً من خطر ضياع الأطفال في المجتمع الغربي، فأسسنا

مسجداً للصلاة بالاشتراك مع الإخوة الأتراك، وبدأنا بتعليم الأطفال القرآن الكريم

في هذا المسجد في عطلة نهاية الأسبوع، ثم ضاق المسجد بنا فانتقلنا إلى مكان

أوسع وفكرنا في زيادة حصص اللغة العربية، وكنا نعاني من عدم وجود مدرسين

مؤهلين، وفي عام ١٩٨٦ تفاقمت مشاكل الاختلاط في المدارس، وكنا نذهب

كمندوبين عن الجالية نناقش هذه المشاكل مع إدارة المدرسة، ثم تكلمنا مع البلدية

حول خصوصية المسلمين وثقافتهم، فقالوا: هذا قانوننا، وإذا كنتم تريدون غير

هذا فابحثوا عن مدرسة خاصة بكم، وقال أحد الموظفين في البلدية: عندي القانون

الذي يسمح لكم بمدرسة خاصة بكم، من هنا بدأت الفكرة، ذهبنا إلى البلدية نبحث

معهم الموضوع، وطلبنا من بعض الهولندلين مساعدتنا فقالوا: إذا كنتم تستطيعون

صعود الجدار فابدءوا، ولكننا لم نيأس.

-كم من الوقت استمر هذا البحث؟

حوالي ثمانية أشهر، في ٣١/٣/٨٧ دفعنا الطلب إلى البلدية، وبعد شهر

وجدنا تجاوباً وسجلنا أنفسنا كجمعية، وقدمنا لهم قائمة بأسماء الأطفال الذين يرغب

الآباء في تدريسهم في مدرسة إسلامية، وافق المجلس البلدي بعد مناقشات حادة فيما

بينهم، ثم وافقت المحافظة والوزارة بعد ضمان من مؤسسات تعليمية.

- هل يعني هذا أن الوزارة وافقت على تقديم البناء وكل تكاليف المدرسة

ورواتب المدرسين والموظفين؟

- نعم، ولكن نحن ندفع تكاليف النشاط فقط.

- متى افتتحت المدرسة؟

- في ١٤/٨/٨٨ وكان عدد الأطفال الذين سجلوا (١٦٠) طفلاً تتراوح

أعمارهم ما بين (٤-٨) سنوات ولكن الذين حضروا فعلاً كانوا (٤٥) ثم زاد العدد

بعد شهر إلى (١٠٤) والمدرسة الآن تحوي فصلين حضانة وثلاثة سنوات ابتدائي.

- من المشرف الفعلي على المدرسة؟

-لجنة مؤلفة من خمسة أعضاء كلهم مسلمون ومن جنسيات مختلفة، وهم

الذين يشرفون على المناهج.

- كم عدد المدرسين المسلمين؟

- عندنا ثلاثة مدرسين للدين واللغة، ومُدرسة هولندية مسلمة.

- والبقية؟

- المدير هولندي وهو متجاوب معنا تماماً لأنه جاء حسب الشروط التي أعلن

عنها، وبقية المدرسين هولنديون أيضاً.

- هل تحذف بعض الفقرات من المناهج التي تخالف الإسلام؟

- نعم، مثل كتاب القراءة، هناك صفحات عن أعياد النصارى اتفقنا مع

المدير على حذفها.

- ودروس الموسيقى؟

ليس هناك درس موسيقى، وعوضنا عن هذا بتعليمهم الأناشيد، ويتعلمون

التجويد طبعاً، وعندما جاء المفتش سمع من الطلاب وهم يقرءون فأعجبه ذلك.

- هل هذه أول مدرسة من نوعها في هولندا، أعني مدرسة حكومية إسلامية؟

نعم، وقد فتحت بعدها مدرسة في أمستردام تشرف عليها الجالية المصرية،

ومدرسة في روتردام تشرف عليها الجالية التركية، ونتوقع في هذه السنة أن يصل

عدد المدارس الإسلامية إلى سبع عشرة مدرسة.

- هل تخططون لتأهيل مدرسين؟

بعد إنشاء هذه المدارس، بدأ بعض الشباب بالتوجه نحو التأهيل التعليمي،

ولكن في أمستردام هناك كوادر من الإخوة الأتراك متخصصون في التدريس.

- هل تجدون مضايقات من الشعب الهولندي؟

في البداية، حصلت مضايقات، أحرقوا المكتب وهددوا بالهاتف والرسائل.

- هل هو حزب عنصري؟ .

نعم، ولكنهم لا يصرحون بهذا، والآن استقرت الأمور وليس هناك مشاكل.

شكرت الأخوة في (إندهوفن) و (هلموند) على هذا اللقاء وهذا التعرف على

المدارس الإسلامية، والتي تشكل إحدى الحاجات الرئيسية للجالية الإسلامية في

أوربا، وأظن أن الدعم الذي يلقاه المسلمون في هولندا لتأسيس مدارس إسلامية لا

يوجد مثيل له في باقي دول أوربا.

إن إبعاد التأثير الغربي عن أطفال المسلمين من أهم ما يجب العناية به، وهو

هدف من أهداف المنتدى الإسلامي، كما أن موضوع التعليم بشكل عام هدف من

أهداف مجلة البيان.