للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[إدارة المشايخ]

إ براهيم بن سليمان الحيدري

لم تنتهِ الموضوعات الإدارية حتى لم يعد إلا أن نتكلم عن هذا الموضوع الحساس، ولكن الداعي لطرقه أنه إحدى المزايا التي تختص بها المنظمات الدعوية والخيرية دون سواها؛ فالمنظمات الدعوية والخيرية ـ ولله الحمد والمنة ـ تعمر بالمشايخ الأجلاء وبطلبة العلم الفضلاء الذين يضيفون للأعمال كثيراً من سبل النجاح.

المشكلة ـ إن كان ثمة مشكلة ـ هو خلط القائمين على المنظمات الدعوية بين المكانة العلمية والاجتماعية للمشايخ وطلبة العلم، وبين الجدارة الإدارية والقدرات الذاتية؛ إذ قد تؤثر مشاعر التقدير والاحترام لأهل العلم والفضل على تطبيق بعض المعايير الإدارية كالجدارة والعدالة والتخصص.

ومظاهر هذا الخلط تتنوع بدءاً من التحرج في تقويم أداء الشيخ وتصحيح مسار عمله، إلى إيكال أعمال إدارية مهمة ومسؤوليات كبيرة لا تتناسب مع قدرات فضيلته، ونتائجه تبدأ من ضعف الأداء وتأخر النتائج، وقد تنتهي بأزمة شخصية بين الشيخ والمنظمة.

إن العمل بروح المؤسسة الذي ينشده كل غيور لعملنا الإسلامي، والذي يضمن بعد توفيق الله استمرار العمل وجني الثمار، يتطلب منا أن نطبِّق معاييره؛ وأحد معايير العمل المؤسسي المهمة هو (الجدارة) التي تتعارض مع التوظيف أو تقييم أداء الموظفين بناء على مكانتهم الاجتماعية أو العمرية أو المالية، وتجاهل القدرات والمهارات.

وعندما تتأمل ـ أخي القارئ الكريم! ـ حصول موسى ـ عليه وعلى رسولنا الصلاة والسلام ـ على وظيفة رعي الغنم في قصته مع الفتاتين اللتين سقى لهما تجد أنه شغلها؛ لأنه جدير بمتطلبات هذا النوع من الوظائف (القوة والأمانة) لا لأنه نبي مرسل (١) .

وأياً كان موقع المشايخ في خريطة المنظمات الدعوية والخيرية مديرين أو مدارين؛ فإن بأيديهم مفاتيح مؤثرة في تهيئة الجو الإداري السليم لتطبيق معايير العمل المؤسسي في إنشاء وإدارة المنظمات الدعوية.

يطالب بعض المتطرفين إدارياً أن يتنحى بعض المشايخ عن وظيفة الإدارة حتى في المنظمات الدعوية التي أُنشئت من أجل نشر نتاجه العلمي والدعوي ... متطرفون!


(*) ماجستير في الإدارة، باحث في إدارة العمل الخيري.
(١) ذكر ابن كثير عن مجاهد أن الحكم والعلم في قوله ـ تعالى ـ: {وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَى آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا} [القصص: ١٤] هي النبوة، انظر تفسير ابن كثير للآية في سورة (القصص) .