للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[معاناة معتقلي غوانتانامو وواجبنا نحوهم]

د. مفلح بن ربيعان القحطاني

تتابع الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان وبقلق شديد منذ نشأتها وضع المعتقلين السعوديين في غوانتانامو والبحث في كل السبل الكفيلة بإنهاء معاناة هؤلاء المعتقلين وأسرهم على حد سواء، ووضع نهاية لهذه المأساة الإنسانية؛ حيث ورد للجمعية شكاوى وتظلمات من العديد من أسر المعتقلين يطالبون فيها بمساعدتهم في وضع حد لمعاناة أبنائهم المعتقلين التي استمرت لما يزيد عن ٤ سنوات دون النظر في وضعهم ومحاسبتهم إذا كانوا بالفعل مذنبين على حد ادعاء السلطات الأمريكية؛ فمثل هذه القضية تعتبر انتهاكاً صارخاً لحقوق الإنسان، ومن هذا المنطلق وبحكم اختصاصاتها قامت الجمعية بالعديد من الوسائل للبحث عن حلول لهذه القضية الإنسانية؛ حيث رصدت الجمعية ما تناقلته وسائل الإعلام عما يتعرض له المعتقلون من انتهاكات لحقوقهم وآدميتهم من قِبَل مسؤولي المعتقل، وقامت الجمعية بمخاطبة سفير الولايات المتحدة الأمريكية لدى المملكة تطالب فيها الحكومة الأمريكية بسرعة التدخل للوقوف على أوضاع المعتقلين هناك، وقد طالبت الجمعية بأن يتم التنسيق مع الجهات المختصّة في الحكومة الأمريكية لتمكين بعض أعضاء الجمعية من زيارة معتقل غوانتانامو والالتقاء بالمعتقلين، والتأكد من صحة ما تناقلته وسائل الإعلام عن وقوع انتهاكات وتجاوزات لحقوقهم؛ إلا أن هذا الأمر لم يتم لعدم التجاوب مع طلب الجمعية، بالإضافة إلى قيام الجمعية بوضع إطار عام للعمل من أجل توحيد وتضافر الجهود بهدف سرعة الوصول لحلول عاجلة ومنهية لهذا الوضع المأساوي المخالف لأبسط حقوق الإنسان؛ حيث قامت الجمعية بالتواصل مع العديد من الجهات داخلياً وخارجياً بالإضافة إلى الاجتماع بأهالي المعتقلين وبعض وكلائهم للتباحث حول آخر المستجدات والتطورات فيما يتعلق بقضية المعتقلين، ومناقشة الآليات الواجب اتباعها لمساعدتهم وأسرهم. وقد تم اتخاذ العديد من الإجراءات والخطوات التي من شانها المساعدة في إنهاء وضع هؤلاء المعتقلين بالإضافة إلى ضمان التواصل مع أسرهم والعمل على الاستفادة من تجارب الجمعيات الحقوقية المماثلة والمهتمة بقضايا معتقلي غوانتانامو.

وعندما لاحظت الجمعية أن بعض أسر المعتقلين لا تمكنهم ظروفهم من معرفة تطورات القضية وما هو وضع أبنائهم إما بسبب عدم وجود القائم على شؤونهم أو لأي سبب آخر؛ فقد جرى الاتصال ببعض أسر المعتقلين وطلب الاجتماع بهم، وكان الهدف من الاجتماع هو التباحث مع الأهالي لتكثيف الجهود والعمل من أجل خدمة القضية وعودة جميع المعتقلين السعوديين في غوانتانامو، والبحث في الوسائل التي تمكِّن الأهالي من معرفة أوضاع أبنائهم بشكل مستمر، وكذلك إطلاع الأهالي على جهود الجمعية وأعضائها في هذا الجانب، وقد خرج المجتمعون بالتوصيات الآتية:

- مناشدة القيادة الأمريكية لإطلاق سراح المعتقلين.

- الدعوة إلى إقامة مؤتمر في المملكة يدعى له مجموعة من الحقوقيين والناشطين في حقوق الإنسان للمطالبة بإنهاء وضع هؤلاء المعتقلين.

- مخاطبة الجهات المؤثرة في القيادة الأمريكية للتدخل من أجل وضع حل نهائي لقضية هؤلاء المعتقلين.

- التأكيد على أهمية دور الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان لمساعدة هؤلاء المعتقلين.

- العمل على تمكين ممثلين من الأهالي للوصول للمؤتمرات الدولية التي تناقش أوضاع معتقلي غوانتانامو.

- تكثيف التواصل مع الجمعيات والمنظمات الدولية المعنية في هذا الشأن.

- استمرار السعي لضمان السماح من قِبَل الحكومة الأمريكية لبعض أعضاء الجمعية وذوي المعتقلين لزيارتهم في سجن غوانتانامو.

- تشكيل لجنة لمتابعة أوضاع المعتقلين وتتبع أحوالهم والتأكد من حصولهم على حقوقهم من خلال القنوات الرسمية، وقد تم تشكيل اللجنة وتحديد أسماء أعضائها وعددهم (١٢) عضواً تجتمع بشكل دوري ومنتظم، وقد تشكلت هذه اللجنة بهدف التعريف بقضية المعتقلين السعوديين في غوانتانامو من خلال وسائل الإعلام الغربية المختلفة، والتواصل مع أهالي المعتقلين من حيث موافاتهم بأخبار المعتقلين عند توفرها، والتواصل مع المعتقلين المفرج عنهم سواء كليّاً أو من لا يزالون تحت التحقيق في المملكة، أو من لا يزالون داخل المعتقل في غوانتانامو؛ بالإضافة إلى سعي الجمعية لإنشاء رابط خاص على الموقع الرسمي للجمعية الوطنية لحقوق الإنسان يتم تخصيصه لقضية المعتقلين السعوديين في معتقل غوانتانامو يُعنَى بهذه القضية؛ بحيث يتم توفير بيانات عن أسماء المعتقلين السعوديين وصورهم، ومراسلات المعتقلين لأهلهم وذويهم، ومراسلات الأهالي للمعتقلين، بالإضافة إلى أبرز القوانين والمعاهدات الدولية الخاصة بأوضاع المعتقلين والأسرى، وأخبار اللجنة المشكّلة، وأخبار الأسرى وأهاليهم، وأخيراً التصريحات والأخبار الرسمية التي تصدر عن الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان فيما يتعلق بالمعتقلين وكل ما من شانه خدمة هذه القضية.

وفي خضم هذه الأعمال التي تقوم بها الجمعية في سبيل توفير جميع الوسائل اللازمة لتحقيق الهدف المنشود من هذا العمل ألا وهو إطلاق سراح جميع المعتقلين أو محاكمة من ثبت تورطه منهم أمام محاكم مدنية تفاجأت الجمعية والعالم بأسره بما أُعلن من قِبَل السلطات الأمريكية والمسؤولين عن المعتقل أن ثلاثة من المعتقلين أقدموا على الانتحار؛ فكيف يمكن لثلاثة من المعتقلين بحسب الرواية الأمريكية الانتحار؟ أليس هناك حراس مكلفون بالمرور كل دقيقتين على زنزانة كل معتقل بالإضافة إلى كاميرات مراقبة تراقب كل ما يدور في كل زنزانة؛ ناهيك عن غياب الوسائل المساعدة على أي محاولة لإيذاء النفس؟ ومع ذلك تقول وزارة الدفاع الأمريكية إن هؤلاء المعتقلين انتحروا!!! ولذلك فإن الجمعية تشكك في صحة الرواية الأمريكية؛ فما قيل على لسان بعض المسؤولين الأمريكيين من تبريرات غريبة غير مقنع؛ فموت هؤلاء المعتقلين تقع مسؤوليته على الإدارة الأمريكية سواء نُحروا بالوسيلة أم بالنتيجة؛ لأنه ليس من المعقول ولا من المقبول، فضلاً عن عدم المشروعية القانونية احتجاز مجموعة من الناس لمدة تزيد عن أربع سنوات دون إثبات تُهَم ضدهم.

ولا زالت الجمعية تتابع وضع هؤلاء المعتقلين وتطالب بإغلاق هذا المعتقل.


(*) نائب رئيس الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان.