للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[خلفيات وقائع وأحداث مقديشو]

(٢ - ٢)

الشيخ محمود عيسى

لم يزل الشعب الصومالي يتحين الفرص كي يتخلص من الكابوس المزعج الذي ظل جاثماً على صدره منذ فترة تزيد على عقد ونصف العقد من الزمان، ذاق خلالها ألواناً من الويلات، وانغمس لأجلها في معارك طاحنة تثور من وقت إلى آخر لأتفه الأسباب يتولى كِبْرَها زعماء الحرب أو قادة المليشيات الذين قسّموا الشعب الصومالي إلى فئات وعشائر يتحكمون في أمرها ويطغون عليها، ويجرُّونها إلى حروب لا ناقة لها فيها ولا جمل سعياً وراء مصلحتهم الشخصية.

وأصبحت مدينة مقديشو وحدها مُوزّعة على أكثر من ١٥ فصيلاً، كلٌّ يسيطر على جزء معين من المدينة يستبد بأمره، ويفرض عليه ما يشاء من الإتاوات، ويضع الحواجز والنقاط على الطرق والشوارع لابتزاز الأموال، حتى كانت الحواجز على مسافات متقاربة لا يفصل بينها إلا يسير من الأمتار، مما جعل الحركة مشلولة، وأدى إلى انتشار الذعر والقلق في نفوس المواطنين الذين ظلوا يترقبون دائماً ماذا يحدث لهم خاصة عند عبورهم الحواجز التي تكثر عندها المصائب.

ومهما يكن من أمر فإن عزيمة هذا الشعب لم تنكسر أبداً، ولم ييأس من أن يعيش كغيره من الشعوب بسلام ووئام، ولم يزل يكافح في استعادة حريته وحقوقه المسلوبة، ويأبى أن يذعن لمحاولات المُلاّغ (أمراء الحرب) الذين عاثوا فيه فساداً، وحاولوا أن يقوموا مرة أخرى بإشعال حرب من نوع آخر ضد هذا الشعب، وضد مقدساته؛ حيث أعلنوا عن تحالف شيطاني هدفه إلقاء الشر والعداوة والبغضاء بين أبناء هذا الشعب المسلم ليضرب بعضه بعضاً.

وكان هذا التحالف يضم ١١ مجرم حرب جمعتهم الولايات المتحدة الأمريكية وجندتهم لتستخدمهم عملاء لها في محاربة المسلمين وقتلهم وتسليمهم لها، وبالمقابل تغدق عليهم المال والسلاح، فتنادوا مصبحين أن اغدوا على حرب علماء المسلمين في الصومال إن كنتم مطاوعين سادتكم (يعنون أنفسهم) ، واعترفوا علناً في لقاءاتهم تفاخراً أنهم لا يقومون بهذا الأمر إلا بتفويض من المخابرات الأمريكية والشرطة العالمية ((Interpol.

فكان هذا الإعلان فتحاً ونصراً مبيناً للمسلمين، وتنبه المواطنون إلى حقيقة هذه المؤامرة ومغزاها، وبادروا إلى الالتفاف حول المحاكم الإسلامية التي تصدت لهجمات التحالف التي شنها فور الإعلان عنه وردت الصاع له صاعين، وكسرت شوكته، وهزمت قواته في جميع ميادين القتال حتى لاذ قادته بالفرار، وصارت اليد العليا للشعب بفضل الله ومنّة، ثم بسبب المحاكم الإسلامية التي استطاعت بسط سيطرتها على مقديشو ومحافطات ومدن أخرى في جنوب ووسط البلاد.

وتوصلت المحاكم الإسلامية في عملياتها لتحقيق المكاسب التالية:

١ ـ إعادة الأمن والنظام:

منذ أن خاضت البلاد الحروب الأهلية كان السلاح بكل أنواعه منتشراً في أيدي أفراد الشعب، وانفتحت أسواق كثيرة للمتاجرة به، حتى صارت أصوات البنادق ودوي المدافع مما يألفه الناس صباحاً ومساءً، كما صارت الاشتباكات التي تحدث بين أفراد الميليشيات جزءاً من حياة المدينة، وكان اللصوص وقطاع الطرق منتشرين في الشواع والسكك ينهبون ويغصبون أموال المواطنين، وكانت النعرات القبلية تسود المجتمع ويكثر فيه القتل والثأر، حتى جاء الفرج واليسر مع المحاكم التي باتت تتغلب على الانفلات الأمني، وأعادت الأمن والأمان للمواطنين بإذن الله؛ حيث طبقت نظاماً أمنياً صارماً، وفرضت حظراً على امتلاك الأسلحة الثقيلة وتداولها بين المواطنين، كما فرضت نظاماً للرقابة على أسواقه كخطوة أولى يتلوها أن تشرع في اتخاذ إجراءات تمنع المواطنين أياً كانوا من الاحتفاظ بأسلحة دون إذن.

٢ ـ توحيد العاصمة مقديشو:

كان الحديث عن توحيد العاصمة مقديشو وحدها، فضلاً عن باقي البلاد، شبه المستحيل؛ حيث كانت مقسمة بين عدد من زعماء الحرب الذين لا تجمعهم رابطة؛ فكان كل منهم يحتل جزءاً معيناً يبقى فيه ويتقيد بحدوده ولا يتجاوز عن الخط الأحمر، حتى لا يستفز نظيره الذي قد يرد عليه بوابل من الرصاص مما ينتج عنه هلاك الكثير من المواطنين.

وعاش الناس في تلك الحالة يساورهم الخوف والهلع والدهشة من ذلك، فصاروا متحيرين في أمر هؤلاء الذين ليس لهم وازع ديني يمنعهم من ارتكاب هذه الجرائم، ولا يجدون من يردعهم في الحكم يشكون إليه، ففوضوا أمرهم إلى الله وهو خير الحاكمين.

وبذلك صارت أجزاء كبيرة من العاصمة غير مسكونة، وتحولت إلى أشباح تخلو من السكان ومن المارة، ولكن لما جاءت المحاكم الإسلامية التي أسسها المواطنون لمعالجة ذلك الوضع المتردي واستطاعت أن تمسك بزمام الأمور وجدنا الناس يتنفسون الحرية، ويحسون راحة البال، وبذوقون طعم الحياة، ورأينا أن المدينة عادت إلى وضعيتها، وتداعى الناس إلى الخروج من أقاصي المدينة وأواسطها، وبدؤوا يجوبون الشوارع التي أخذت تعج بهم، ويستبشرون بما يرونه من النصر ومن الوحدة السياسية التي استعادتها عاصمتهم، وتمنوا أن يعم هذا الخير الوطن كله، وعسى الله أن يريهم ذالك وياتيهم بالفتح العظيم.

٣ ـ إعادة تشغيل المطار والميناء:

توقف العمل في كل من المطار والميناء الرئيسيين في مقديشو منذ نشوب الأزمة في الصومال واندلاع الحرب الأهلية فيها لعدم إمكانية وجود نظام يتفق عليه زعماء الحرب المتشاكسون لإدارة هذين المرفقين، ويضمن لكل منهم نصيبه من الإيرادات ـ التي يرى المحللون أنها هي السبب الرئيسي في إغلاقهما ـ فلأجل ذلك باتا معطلين، وتعرضا للنهب والتدمير؛ إضافة إلى الخراب الذي لحق بهما من جراء توقف العمل.

ولكن بعد توحد العاصمة مقديشو سياسياً على يد المحاكم الإسلامية اختفى هذا الهاجس وصارت الظروف مواتية لحركة الطيران أن تعيد نشاطها وأعمالها إلى المطار مرة أخرى، وكانت طائرة الجامعة العربية أول طائرة هبطت وأقلعت من مطار مقديشو الدولي حاملة معها وفداً رفيع المستوى من المحاكم الإسلامية إلى الخرطوم لحضور الجولة الثانية من المفاوضات التي أُجلت بسبب غياب وفد الحكومة عنها.

وبعد ذلك أصبح المطار يشهد حركة طيران واسعة أراحت المواطنين من معاناة السفر الطويل بعد أن كانوا يذهبون إلى مطارات بعيدة يتولى أمرها أفراد من الميليشيات.

وأما الميناء البحري فأجري فيه بعض الاصلاحات والترميمات لإعادة تأهيله وتنشيطه؛ لأنه قد لحق خراب ودمار ببعض أجزائه خلال سنوات تعطله، وبعدها أصبحت البواخر والسفن ترسو فيه ويشهد حركة ملاحة بحرية واسعة للشحن والتفريغ، وعاد هو الآخر إلى سابق عهده.

٤ ـ النظافة:

لم تكن العاصمة مقديشو متأثرة بالحروب وبالفوضى وعدم النظام فقط، بل إن هناك مشكلات أخرى أضرت بالمواطنين وتسببت في تردي الوضع الصحي للمدينة بعد أن تكونت داخل المدينة أكوام كبيرة من القمامة والأوساخ تشبه تلالاً منتشرة في الأحياء السكنية وفي الشوارع والطرق والأماكن العامة؛ إضافة إلى الرمال التي جرفتها سيول الأمطار وترسبت على الشوارع وغيرت معالمها وأعاقت حركة المرور.

وكانت هذه الأوساخ والرمال تراكمت خلال خمس عشرة سنة مضت بقيت فيها الصومال دون حكومة مركزية. إلا أن المحاكم الإسلامية لما سيطرت على العاصمة جعلت نظافة المدينة من اهتماماتها الأولى انطلاقاً من الحديث النبوي الشريف: «إماطة الأذى عن الطريق صدقة» وشكلت لجنة عليا منبثقة منها لهذا الغرض مهمتها نظافة المدينة وإصلاح الطرق والممرات لتسترد المدينة رونقها وجمالها، وباشرت هذه اللجنة أعمالها وتستمر فيها وأنجزت قسماً كبيراً من المهمة.

٥ ـ إعادة تأهيل الميليشيات:

من المعلوم أن عدداً كبيراً من الميليشيات الذين كانوا تابعين لتحالف أمراء الحرب المهزوم ما زالوا موجودين في مقديشو فآوتهم المحاكم الإسلامية وجردتهم من السلاح، وحمعتهم في معسكرات تدريبية لإعادة تأهيلهم لينسجموا مع المجتمع، وتشعر بالمسؤولية تجاه تعليمهم وتربيتهم دينياً ليعود إليهم صلاحهم؛ حيث إن هؤلاء الشباب كانوا متعودين على مضغ القات وتعاطي بعض المخدرات التي يوفرها لهم زعماء الحرب كغسيل للمخ ليسيطروا عليهم وتزداد تبعيتهم لهم.

ولذلك أرادت المحاكم الإسلامية أن تقوم بتأهيل هؤلاء الشباب ليعود الصلاح والوعي إليهم، ولينخلعوا عما كانوا يفعلونه، ويتوبوا إلى ربهم ويدعوا أن يغفر لهم.

ü المفاوضات والمصالحة الصومالية المرتقبة:

بدأت الآمال تعود إلى الشعب الصومالي، ووجد أنه يتحرر من قبضة أمراء الحرب ويخرج من المأزق الذي عاش فيه طيلة عقد ونصف العقد من السنين لقي خلالها معاناة قاسية مليئة بالظلم والطغيان، ولاحت له بشائر من النصر والوئام بعد لقاء الخرطوم الذي جمع المحاكم الإسلامية والحكومة المؤقتة برعاية السودان والجامعة العربية.

وكان هذا للقاء تم بحضور وفد يتكون من عشرة أعضاء من جانب المحاكم الإسلامية برئاسة الدكتور محمد علي إبراهيم، بينما حضر من جانب الحكومة وفد يضم الرئيس عبد الله يوسف أحمد، ورئيس البرلمان شريف حسن شيخ آدم، ورئيس الوزراء علي محمد جيدي بالإضافة إلى عدد من الوزراء.

ورغم الضغوطات التي مورست على المحاكم الإسلامية من جانب الجامعة العربية والمجتمع الدولي بدأت المفاوضات في جو هادئ، ونجح الوسطاء في أن يلتقي الطرفان وجهاً لوجه، وتم التوصل إلى توقيع اتفاق إعلان مبادئ تتضمن اعترافاً متبادلاً (اعتراف المحاكم الإسلامية بشرعية الحكومة، وبالمقابل تعترف الحكومة بوجود المحاكم الإسلامية كأمر واقع) ، ووقف العداء والحملات الإعلامية، ومحاكمة مجرمي الحرب، وتوجيه نداء عام للسلام، وضرورة مواصلة الحوار والمفاوضات دون شروط مسبَّقة، كما اتفق الطرفان على عقد الجولة اللاحقة من المفاوضات في الخرطوم يوم ١٥ يوليو الماضي.

وكان هذا الاتفاق الذي وقعه كل من الحكومة والمحاكم يعتبر خطوة كبرى إلى الأمام لحل المشكلة الصومالية، وبات يبعث الأمل في نفوس المواطنين. إلا أن هذا الأمل لم يدم طويلاً وكاد يخيب بعد تغيب الحكومة عن المشاركة في الجولة اللاحقة من المفاوضات التي كان من المفترض أن تعقد منتصف شهر يوليو الماضي محملة المسؤولية للمحاكم الإسلامية التي ذهبت من جانبها إلى الخرطوم مقر المفاوضات وحضرت لإجرائها، ولكنها رجعت دون شريك. وبررت الحكومة غيابها بأن المحاكم الإسلامية نقضت ما تم الاتفاق عليه في الجولة الأولى وخاصة البند الذي ينص على «وقف العداء» بعدما شنت حرباً في مقديشو على عبدي حسن عواله (قيبديد) أحد عناصر تحالف أمراء الحرب الذي كانت تدعمه أمريكا، وأنها قامت بحملة تصفية شاملة ضد المناوئين لها لتوسيع نطاق حكمها، وبسط سيطرتها على مدن ومحافطات أخرى.

واحتجت الحكومة بأن هذا البند ينص على أن يبقى كل طرف من طرفي الاتفاق على المناطق التي كان يسيطر عليها قبل توقيع الاتفاقية، وأن المحاكم الإسلامية تجاوزت عن ذلك، واحتلت مناطق جديدة وأشعلت حروباً أخرى، وأصرت الحكومة على أنه ليس من المعقول أن تستمر معها في المفاوضات طالما لم تحترم ما تم الاتفاق عليه سابقاً.

ودافعت المحاكم الإسلامية عن دورها في معرض ردها على مزاعم الحكومة بأنها خرقت الاتفاقية، وقالت: إن هذه الحجج التي أوردتها الحكومة لا تتجاوز أن تكون حججاً واهية ومبررات خاطئة؛ إذ إن العقد أولاً هو شريعة المتعاقدين، وأن المحاكم الإسلامية لم تعتدِ من جانبها على الحكومة، وأنها لم تزل واقفة على احترام البنود التي تم الاتفاق عليها، وأن الاتفاق الذي تم في الخرطوم لم يكن تحالف أمراء الحرب طرفاً فيه، وأن المحاكم الإسلامية لما كانت تفاوض مع الحكومة وتوقع معها هذا الاتفاق لم تزل في حربها مع التحالف وقادته الذين لم يكونوا أعضاء في الحكومة؛ لأن الوزراء الذين يشكلون المحاور الرئيسية للتحالف طردتهم الحكومة وأعفتهم عن مناصبهم الوزارية، وردت السبب في ذلك إلى مخالفة هؤلاء للدستور ودورهم في قتل الأبرياء، ونقضهم اتفاقات سابقة لوقف إطلاق النار، وكانت اتفاقية الخرطوم تنص على (محاكمة مجرمي الحرب) ، ولذلك انحرفت الحكومة عن مبدئها، وكانت الجانب الذي لم يحترم الاتفاقية ونقضتها حيث تمسكت بمبدأ براءة هؤلاء المجرمين الذين أوردوا المواطنين إلى جحيم الحرب، وقامت بإيوائهم، ورحبت بهم في مدينة (بيدوا) وقدمت لهم دعماً عسكرياً مما يعد خرقاً للاتفاقية، كما سعت الحكومة إلى حشد قوات إثيوبية على الأراضي الصومالية التي توغلت بكتائب مجهزة بالسلاح الثقيل كالمدرعات والمدافع الثقيلة، ووصلت إلى مدينة (بيدوا) مقر الحكومة، بينما دخلت وحدات أخرى في المحافظات الصومالية قرب الحدود وهي ترابط فيها، مما يعد تهديداً للوضع الأمني الداخلي، واستعداد العدو الصليبي الإثيوبي والحكومة لشن حرب على المحاكم الإسلامية وإعادة البلاد إلى المُربّع الأول أو الأسوأ منه.

ويرى المحللون أن رفض الحكومة المؤقتة للمشاركة في الجولة الثانية من المفاوضات ينتج عن نفسيتها؛ حيث ترى أن هشاشة بنيتها وضعف قدرتها يجعلانها غير قادرة على الحصول على مكاسب سياسية قوية من المفاوضات التي تجرى في الخرطوم؛ حيث إن هذه الجولة تتطرّق إلى البحث حول القضايا الخلافية الرئيسية مثل قضية القوات الأجنبية والدستور وتقاسم السلطة، ولذلك أرادت ان تصطنع بعض العوائق والمبررات لرفضها، إلى حين تتخطى هذه المشكلات التي تتمثل في الآتي:

أـ الخلافات الداخلية:

الحكومة الصومالية المؤقتة لم تسلم منذ تأسيسها من خلافات داخلية؛ حيث بدت الانقسامات بين أعضائها والبرلمان قبل الرجوع من كينيا إلى البلد للعمل فيه حول المكان الذي تعمل فيه الحكومة، فارتحلت مجموعة من أعضاء البرلمان والوزراء بقيادة رئيس البرلمان شريف حسن إلى مقديشو بحجة أنها هي العاصمة وأن مشكلتها تتطلب حلاً فورياً، وأن حلها لا يأتي إلا بالعمل فيها، بينما رفضت مجموعة أخرى بقيادة الرئيس عبد الله يوسف أحمد ورئيس الوزراء علي محمد جيدي الانتقال إليها بحجة أنها غير آمنة، ولا يمكن أن تعمل الحكومة فيها، وانتقلت إلى مدينة جوهر على بعد ٩٠ كيلو متراً شمالاً من مقديشو؛ حيث استقبلهم هناك حاكم الإدارة لمحافظة شبيلي الوسطى محمد طيري الذي صار ردءاً لهذه المجموعة قبل أن يتطور الخلاف بينها وبين محمد طيري الذي انضم إلى التحالف الشيطاني الأمريكي لمحاربة الإرهاب، وانتقال الحكومة إلى (بيدوا) على بعد ٢٤٠ كيلو متراً غرب مقديشو بموجب الاتفاقية التي كانت بين الرئيس عبد الله يوسف أحمد ورئيس البرلمان شريف حسن شيخ آدم برعاية الرئيس اليمني علي عبد الله صالح مما أنهى الخلاف القديم بين كبار الدولة، إلا أن خلافات أخرى نجمت بينهم بعد عودتهم من مفاوضات الخرطوم، وكان سببها الاختلاف في من له الحق بالإشراف على المفاوضات التي تجرى مع المحاكم الإسلامية، أو فيما إذا كانت الحكومة تستمر فيها أو تعلقها؟

وحذر رئيس الدولة في خطاب ألقاه أمام البرلمان من التدخل في شؤون اختصاصات غيره، وقال: «إن البرلمان هيئة تشريعية لا دخل لها في العملية السياسية ... وإننا علّقنا المفاوضات مع المحاكم ما دامت لم تحترم ما اتفقنا عليه» بينما رد رئيس البرلمان قائلاً: «إن أصل العمل الذي جاء لأجله البرلمان هو تطبيق المصالحة، ورسم السياسة العامة للدولة ومتابعة تنفيدها، وأن عمل البرلمان سياسي ... وأن المفاوضات جارية ولا يستطيع أحد أن يعلقها» وأكد أنه سيقوم بتشكيل لجنة من البرلمان لمواصلة الحوار والتفاوض مع المحاكم الإسلامية، مما أحدث زوبعة سياسية جديدة داخل المؤسسات الفيدرالية، واحتدم الخلاف وتطور حتى تقدم بعض النواب إلى البرلمان بمشروع يقضي بسحب الثقة؛ من الحكومة؛ لأنها ترفعت عن الخضوع لمحاسبته، بينما دافع نواب آخرون عنها، وتبادل الطرفان اتهامات يدين بعضها بعضاً، وصوَّت البرلمان فيما إذا كان يعطي الثقة للحكومة أو يسحبها، فجاءت النتيجة أن الحكومة حصلت على ثقة البرلمان، وفازت بفارق ضئيل من الأصوات.

ولم يتوقف الخلاف عند ذلك الحد، واستقال عدد كبير من الوزراء ونوابهم وزراء الدولة من مناصبهم، بما يقارب نصف الحكومة، وشرع رئيس الوزراء في إعادة شغل المناصب التي شغرت مما ترك وضع الدولة يتأزم ويضطرب، وتوجه بطلبه إلى أثيوبيا حارسة الحكومة أن تتدخل في شؤونها لاحتواء الأزمة؛ حيث وصل إلى مدينة (بيدوا) فجأة وزير الخارجية الإثيوبي (سيوم مسفن) للتوسط بين الجانبين، ونجح في أن يجمعهم على طاولة الحوار والتوصل إلى اتفاق وإنهاء الخلاف بينهم.

ب ـ ضعفها وعدم قدرتها في تثبيت الأمن:

وضع الحكومة وعدم قدرتها على تثبيت الأمن، وانتشار الميليشيات المسلحة في (بيدوا) جعل المدينة تشهد اضطرابات أمنية واصطدامات مسلحة بين المليشيات الحكومية والمليشيات القبلية التي ترفض الولاء للحكومة؛ حيث حدث في المدينة في مرات عديدة اشتباكات دامية قتل فيها وجرح أعداد كثيرة من المواطنين، كما قتل وجرح أعضاء من الحكومة والبرلمان بالإضافة إلى بعض زعماء العشائر.

وكانت آخر الاشتباكات التي وقعت في (بيدوا) يوم ٢١ أغسطس الماضي بعد أن حاولت مجموعة من ميليشيات الحكومة أن تفك من السجن أحد المتهمين بقتل الوزير في شؤون الفيدرال والدستور عبد الله ديرو إسحق ـ رحمه الله ـ الذي قتل في الشهر الماضي بعد تأديته صلاة الجمعة مباشرة أمام المسجد في (بيدوا) مما أثار حفيظة سكان المدينة ودفعهم إلى القيام بمظاهرة تتصف بالعنف، أدت إلى تبادل لإطلاق نار كثيف.

ومما يوضح ضعف الحكومة وعدم قدرتها على تثبيت الأمن أن أفراد الميليشيات الذين جمعتهم ليصبحوا نواة للجيش الوطني بدؤوا يتفرقون ويتركون المعسكرات، يخرجون منها أرسالاً مع عرباتهم وأسلحتهم لينضموا يوماً بعد يوم إلى المحاكم الإسلامية التي رحبت بهم لتؤهل من كان يرغب في العمل معها.

وكان السبب في ذلك أن هؤلاء الشباب فقدوا ثقتهم بالحكومة، وأصابتهم الشكوك من نيتها، من حيث:

١ ـ عدم حصولهم على رعاية واهتمام من جانب الحكومة التي اشتغلت عنهم بخلافاتها الداخلية.

٢ ـ قسوة المدربين الذين كان أغلبهم إثيوبيين يعاملونهم معاملة قاسية كالضرب والركل، ومنعهم من تأدية الصلوات وغيرها.

٣ ـ خوفهم من حروب محتملة، حيث وجد هؤلاء الشباب أن الحكومة تخطط للهجوم على المحاكم الإسلامية ومناوئيها، بعد إيواء زعماء الحرب المهزومين من مقديشو وغيرها وحشد القوات الإثيوبية في الأراضي الصومالية، فعرفوا أنهم سيصبحون الشرارة الأولى لتلك الحروب الأهلية التي تورط البلاد وتعيدها إلى مُربّعها الأول، فتركوا المعسكرات رغبة في إفشال هذه الخطة والذود عن البلد.

ü مشروع نشر القوات الأجنبية:

تتمسك الحكومة بمشروع نشر قوات إفريقية في الصومال وتجعله من أهم أولوياتها، وتبذل قصارى جهدها لإنجاحه، وترى ضرورة تلك القوات لتستعيض عن النقص في الإمدادات العسكرية، وتقدمت الحكومة بهذا المشروع إلى البرلمان للمصادقة عليه، وصوت لصالحه.

ويلقى هذا المشروع دعماً وتأييداً من الاتحاد الإفريقي ومنظمة دول الإيغاد التي أعربت دولتان منها (أوغندا والسودان) عن استعدادهما للمشاركة بقواتهما في عملية حفظ السلام المزعومة في الصومال، بينما كانت إثيوبيا تسابق الأحداث، وأرسلت قواتها فور تصديق البرلمان على المشروع قبل صدور قرار رفع حظر السلاح المفروض على الصومال من مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة تمهيداً لنشر قوات أجنبية فيه وخاصة إفريقية، وهو ما ترفضه غالبية الشعب الصومالي بالإضافة إلى المحاكم الإسلامية التي تسيطر على العاصمة مقديشو ومدن أخرى، وصرح رئيس المحاكم الإسلامية في خطاب ألقاه في بعض المناسبات: «أن هذا الأمر غير معقول وغير مقبول، وأنه احتلال، وخيانة عظمى، ولا داعي إلى استدعاء قوات أجنبية، وأن الشعب الصومالي قادر على حل مشاكله بنفسه، وأن له تجربة وخبرة في ذلك؛ حيث تواجدت القوات الدولية في بداية التسعينيات من القرن الماضي ولم تسفر عنها أي نتائج إيجابية غير أن تؤزِّم وتعقد الأمور» .

وأدانت المحاكم الإسلامية الحكومة واتهمتها بأنها عديمة الثقة بشعبها، وتريد أن تطيح به تحت الاستعمار الحبشي الذي له تاريخ طويل مع الصومال مليئة بالحروب خلال القرون الخمسة الماضية، ويحتل منطقة الصومال الغربي التي كانت محور الصراع بين البلدين، ولا يزال يحمل للصومال عداوة تقليدية ويعمل كي يحقق أطماعه ونواياه الخفية ومخططاته الصليبية.

ولا تزال الحكومة تتمسك بهذا الموقف وتدافع عنه وتصر عليه، وتعتقد أن استقدام قوات أجنبية يكون لصالح البلد ويحقق مآربه، كما قال الرئيس عبد الله يوسف: «إن الاستعانة بقوات أجنبية أياً كانت هو ما تأمرنا به روحنا الوطنية والدينية ولن نتنازل عنه، وسنمضي قُدُماً في ذلك» .

ü دوافع وتداعيات هذا القرار:

إن هذا المشروع تقدمت به الحكومة من قبل إلى البرلمان في كينيا، ولقي فشلاً يوم ١٧ مارس من العام الجاري بعد أن أثار جدلاً محتدماً وتضارباً بالعصي والكراسي بين أعضاء البرلمان، ولكن السؤال الذي يطرح نفسه هو: ما الذي دعا الحكومة إلى إحياء هذا المشروع وتقديمه مرة أخرى إلى البرلمان؟ وما هي الدوافع الحقيقية التي أجبرت البرلمان في هذه المرة على تمريره والمصادقة عليه ليتزامن ذلك مع الأحداث الجارية في مقديشو والتحول السياسي فيها؟!!

قبل الإجابة عن هذا السؤال لا بد أن نعرف أن المؤتمر الذي انعقد في كينيا وتمخض عنه البرلمان الصومالي الذي انتخب رئيساً للدولة، وانبثقت منه الحكومة المؤقتة الحالية لم يشارك فيه سوى زعماء الحرب وقادة الميليشيات الذين أغلقوا الباب أمام مشاركة الآخرين.

وبعد سنتين من الاجتماعات المطولة تحول الكل إما إلى أعضاء في البرلمان أو وزراء في الحكومة أو رئيس للدولة، ولم يأت واحد منهم عن طريق الانتخاب ولا عن رضى من الشعب، ولكن يعرف الجميع ماذا حصل لأولئك المتنافرين بعد أن اجتمعوا للعمل في المؤسسات الحكومية؛ إذ أصبح تقاسم السلطة من المستحيل، وأضحوا كأهل غابة جمعتهم مأدبة العشاء؛ إذ يريد القوي أن يستحوذ عليها دون الضعيف. وللأسف لا يوجد ضعيف هنا، فالكل أقوياء، وبدأ الشلل يصيب حكومتهم كسابقاتها، وبدأ كل زعيم يعمل على شاكلته ويتحين الفرص لصالحه كي يتخلص من منافسه، ولو أدى ذلك إلى الاستعانة بالعدو الصليبي الذي يغدق عليهم المال والسلاح لإبادة المسلمين في الصومال، وقد يكون هذا العدو داعماً لكلا الخصمين في آن واحد؛ إذ الشيء الذي يعجبه أن يرى هو الدمار والخراب الذي ينتج عن الحرب بغض النظر عن أطراف الصراع أو الجانب الخاسر.

ولكن بعد قيام ثورة شعبية ضد هؤلاء الزعماء وبروز المحاكم الإسلامية في الواقع كقوة جديدة رأى العدو أن الرياح هبت بما لا تشتهي السفن، وأصبح الجانب الخاسر معتبراً لديه لتصدي التيار الإسلامي الإصلاحي الذي أخذ يتحرك لإخماد ما أشعله، ويعتزم إصلاح ما أفسده، فدعا المهزومين أن ينضموا إلى ركب زعيمهم قائد الحكومة في بيدوا؛ إذ يعتبر الرئيس عبد الله يوسف أحمد أول زعيم حرب صومالي حمل السلاح منذ ٣٠ سنة، ولا يرجى منه أن يقبل الاعتراف بشرعية المحاكم الإسلامية، لذا اختاره العدو أن يقود هذه الحملة من جديد ويجمع شتات المنهزمين الذين لم يكن خلافهم مع الحكومة بالأمس مبنياً على مبدأ يجب حفظه ورعايته، بل يقوم على الانتهاز والأنانية، إلا أنهم باتوا الآن ينظرون إلى هذه القضية من منظور واحد، ويشعرون بالقلق والخوف من هذه القوة الجديدة التي وضعت قدمها في الساحة السياسية، قوة تختلف عنهم كل الاختلاف، لها ثوابت ومبادئ لا يجوز الحَيْدة ولا التنازل عنها، وتختار قادتها وفق معايير شرعية لا تتوفر فيهم كزعماء تقليديين.

ولذلك ليس من المعقول أن يظن العاقل أو الفاهم أن تكون الحكومة في (بيدوا) مطمئنة البال تجاه ما يجري في مقديشو والمدن الأخرى، بل يثير فيها قلقاً واستياء؛ إذ لا يوجد من يضمن لها إيقاف هذا التيار الإسلامي الإصلاحي الذي يمكن في أي لحظة أن يجتاح مناطق أخرى ومدينة بيدوا نفسها، ويكون مصير الحكومة مثل مصير قادة التحالف.

ولذلك تبينت للحكومة هشاشتها، وأنها غير قادرة على حماية نفسها إذا اتخذت هذا السلوك السلبي منهجاً لها في التعامل مع المحاكم الإسلامية، إلا أن تلجأ إلى الاستعانة بالقوات الأجنبية لتعزز موقفها وتحتمي بها، ولكنها أسرعت في الجواب وأخطأت في الصواب، ولم تأخذ الحكمة التي تقول: «لا تفتح باباً يعييك سدُّه، ولا تَرْمِ سهماً يعجزك ردُّه» ولم تعتبر ما حدث في الصومال عام ١٩٩٣م وما يحدث في أفعانستان والعراق؛ إذ لا سبيل إلى ذلك القرار، ويكفي أن المحاكم الإسلامية التي تسيطر على العاصمة وعلى مناطق أخرى أعربت عن استعدادها للتفاوض مع الحكومة، وأصدرت عفواً عاماً عن أعضاء تحالف أمراء الحرب إن عادوا إلى حظيرة الوطن وألقوا السلاح لإنقاد البلد من التدخل الأجنبي، الذي قد يكونون هم سبباً له.

ü التدخل الإثيوبي:

فلما جاء الاستعمار الأوروبي الصليبي قسَّم الصومال إلى خمسة أجزاء، وضم جزءاً كبيراً منه لإثيوبيا، كما ضم جزءاً آخر لكينيا، على حين اتحد الجزآن اللذان تحتلهما إيطاليا وبريطانيا وكوّنا جمهورية الصومال عام ١٩٦٠م، بينما استقل الصومال الفرنسي (جيبوتي) .

وما زال الصومال منذ الاستقلال يطالب بأراضيه، ودخل حرباً مع إثيوبيا عام ١٩٦٤م (بعد سنوات من استقلاله) كما دخل حرباً أخرى معها عام ١٩٧٧م، ولم تزل إثيوبيا تحتل ذلك الجزء وتمنعه من أي امتياز أو تقدم.

فبعد سقوط الدولة في الصومال عام ١٩٩١م وجدت إثيوبيا في ذلك ضالتها، وسعت جاهدة بكل قواها لتفكيك الصومال، وتمزيقه حتى لا يعود من جديد، وصبّت الزيت على النار، ودعمت الانفصال الذي أعلنته من جانب واحد محافظات الشمال الغربي.

وتلبست الحكومة الإثيوبية في كثير من الأحيان بإظهار الود والصفاء للشعب الصومالي، وعقدت في مقرها أديس أبابا عدداً من مؤتمرات المصالحة الصومالية التي ما أفادت المؤتمرين إلا تفريقاً وتشتيتاً؛ لأن الهدف الإثيوبي منها اجتثاث المصالحة وإشعال العداوة بين الفرقاء، وكانت تعتزم أيضاً إفشال نتائج المؤتمرات التي تعقد في غير بلدها كمؤتمر القاهرة عام ١٩٩٨م، ومؤتمر عرتا بجيبوتي ٢٠٠٠ م الذي تمخضت عنه الحكومة المؤقتة آنداك برئاسة عبد القاسم صلاة حسن بعد أن أثارت ضدها زعماء الحرب وقدمت لهم السلاح بسخاء؛ فكلما سارت سفينة السلام إلى الصومال باتجاه الصلح والوفاق كلما دفعت إثيوبيا بالموج الذي يقلبها.

وكان المؤتمر الذي عقد في كينيا قد حدث بتنسيق بين كينيا وإثيوبيا اللتين كانتا دائماً عقبة أمام المصالحة الصومالية في ما أعلنه رئيس كينيا السابق (دانيال أرب موي) الذي اعترف في كلمة له داخل إحدى الجامعات الأمريكية قبل سنتين ونصف حيث قال: «إن إثيوبيا وكينيا هما العقبتان الرئيسيتان أمام المصالحة الصومالية» وتزامن هذا الاعتراف بانعقاد جلسات المؤتمر الذي تمخضت عنه الحكومة الحالية، ولكن السؤال هو: هل من المنتظر أن تعود على الشعب الصومالي نتائج هذا المؤتمر بالنفع؟! بعد أن صرح رئيس الدولة المضيفة للمؤتمر أن دولته ضد هذه المصالحة الصومالية على الرغم من أنه افتتح المؤتمر وبدأت أعماله أثناء فترة رئاسته، بالإضافة إلى ما كانت تقوم به أثيوبيا من التلاعب بالمؤتمر وتغيير مساره كلما تخطى إلى حل بعض الخلافات الرئيسية، وتدخل مع المؤتمرين في لقاءات جانبية، وتقدم لبعضهم دعوات لا سيما زعماء الحرب إلى زيارتهم لأديس أبابا، أو تزورهم هي وتلتقي بهم داخل الصومال لإعطائهم توجيهات وتعليمات تخدم مصالحها، مما أطال فترة استمرار المؤتمر وضيَّق على الآخرين للمُكُوث في قاعات المؤتمرات دون جدوى لينفد صبرهم ويتركوه حتى لا يبقى فيه إلا زعيم حرب مُوالٍ لإثيوبيا، وهو الشيء الذي مهّد ليفوز حلفاؤها في رئاسة الدولة والحكومة وأغلبية الأعضاء فيها الذين بدؤوا يتأهبون ليعطوها شرعية الدخول إلى الصومال، وليكونوا لها جسراً للوصول إلى أهدافها التي هي أن تجد موضع قدم لها في الصومال لتضعه تحت احتلالها، منذ أن طالب إمبراطورها (هيلاسلاسي) من الاستعمار الأوروبي الذي كان يحتل الصومال ضمه إلى أراضيه وأنه جزء منها لا يتجزأ.

إن القضية الصومالية مع إثيوبيا لا تختلف عن قضية باكستان مع الهند؛ فهل يكون من المعقول أن ترسل الهند إلى باكستان قوات باسم حفط السلام في أراضيها وتقبل الباكستان ذلك، أو العكس بالعكس؟! كل ذلك لا يمكن، ولذلك لا يرضى الصومال أن يكون الذئب (إثيوبيا) له راعياً، وإذا حدث ذلك فسينافح عن أراضيه بكل ما أوتي من قوة، حتى يرد كيد العدو في نحره.

وفي الختام: لا يخفى على العالم الإسلامي والعربي ما يحتاجه إخوتهم المسلمون في الصومال من تقديم دعم مادي ومعنوي، والوقوف إلى جنب القائمين على توحيد البلاد، ولمِّ شمل الفرقاء لتحقيق المصالح العليا للشعب وحفظ هويته الإسلامية والعربية، ليتمكن من التصدي لما يحاك ضده من الحملات التي تستهدف إضعاف المسلمين في هذا البلد، وإيقاف المد الإسلامي الذي ينبعث منه، وإعطاء النصرانية دوراً أكبر، لتوسيع عملياتها في المنطقة باسم الإغاثة، ومنع المنظمات الإسلامية من تقديم العون والدعم لإخوانهم المسلمين، ووضع العراقيل والتهم أمامهم ليتسنى العمل للهيئات التنصيرية وحدها دون غيرها مستغلة الظروف القاسية التي تمر بها البلاد، وما يوفر لها الغرب من حماية.

وأخيراً: أود أن أنبه إلى أن البنية التحتية لهذا البلد منهارة، وتحتاج إلى إعادة البناء والتشغيل كالأمن والتعليم، والصحة، وإعادة تشغيل شبكات المياه والكهرباء، وتعبيد الطرق ومد الجسور، وما إلى ذلك.


(*) رئيس الجامعة الإسلامية، مقديشو ـ الصومال.