للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الإسلام في أفريقيا

حرب الإبادة ضد المسلمين في ليبيريا

كتب إلينا الأخ ريكو شريف- ليبيريا:

يتعرض مسلمو ليبيريا حالياً لمحنة مؤلمة لم تشهد البلاد مثيلاً لها في تاريخها، ففي ٢٤ من ديسمبر ١٩٨٩: شنت قوات متمردة والمتمثلة في قبيلة غييو الوثنية

بليبيريا هجوماً مباغتاً على منطقة نيمبا شمال شرق ليبيريا عبر الحدود مع ساحل

العاج، بدعوى الإطاحة بحكومة الرئيس صموئيل دو. ولكن الغريب هو أنهم

وجهوا جل هجومهم ضد المسلمين العزل، حيث قتلوا حتى الآن ما يزيد على

(٢٠٠٠) مسلم منهم أئمة ودعاة، ولجأ ما لا يقل عن (١٥٠٠) شخص إلى ساحل

العاج وغينيا (كوناكري) المجاورتين، ولا يزال ما لا يقل عن (١٠٠٠) شخص في

حكم المفقودين، بينما يوجد أكثر من (١٥٠) ألف شخص متشرد بدون مأوى، هذا

بالإضافة إلى قيامهم بدهم المساجد، وتخريب ممتلكات المسلمين، واغتصاب

نسائهم، مع التمثيل بقتلاهم شر تمثيل.

خلفيات المشكلة ولها شقان:

الشق الأول: جاء الرئيس صموئيل دو إلى السلطة أثر انقلاب عسكري في

١٢ من إبريل عام ١٩٨٠، قاده مع مجموعة من الشبان العسكريين وكان من بينهم

الجنرال توماس كيومبا، الذي اشتهر بشجاعته ومواقفه القوية في إنجاح الانقلاب،

وتثبيت النظام الجديد حتى لقب ب: (الرجل القوي) . وينتمي كيومبا إلى قبيلة

غييو الوثنية، إحدى القبائل الثلاث الرئيسية القاطنة في منطقة نيمبا، بالإضافة إلى

قبيلتي الصادنغو المسلمة، والصانو الوثنية هى الأُخرى.

ولكن بمرور الزمن، بدأت الخلافات بين الرئيس دو والجنرال كيومبا حول

بعض القضايا، منها: تسليم الحكم إلى الشعب كما كان يرى كيومبا؛ وذلك تنفيذاً

للوعد الذي أخذوه على أنفسهم بعد الانقلاب، وهى فكرة لم تكن مقبولة لدى الرئيس، وكانت النتيجة الحتمية لهذه الاختلافات تنحية كيومبا عن منصبه كقائد عام للجيش، وعندئذ قرر الفرار من البلاد إلى المنفى، وفي ١٢ من نوفمبر عام ١٩٨٥ تسلل

إلى البلاد وقاد انقلاباً انتقامياً ضد الرئيس دو، إلا أنه فشل وقتل على أثره. وقد

أدى مقتل كيومبا إلى زيادة حدة التوتر والعداوة بين الرئيس وقبيلتي الغييو والصانو، فخرج معظمهم إلى المنفى - وعلى وجه التحديد إلى ساحل العاج وبوركينا فاسو-

وذلك لتكوين جبهة معارضة جديدة لمحاربة الرئيس دو.

وفعلاً استقبلتهم حكومات تلك الدول وقدمت لهم جميع التسهيلات، منها:

التدريبات العسكرية لسبب واضح هو: أن ابنة رئيس ساحل العاج كانت متزوجة

من ابن الرئيس الليبيري الراحل وليام تولبت الذي أطاح به الرئيس دو وقتل هو

وابنه في الانقلاب. وهذه الأرملة متزوجة الآن من رئيس بوركينا فاسو.

الشق الثاني: ويتعلق بعلاقة المسلمين بهذه المشكلة، فإذا كانت ادعاءات

المتمردين فعلاً صحيحة بأن هدفهم هو الإطاحة بالحكومة، فلماذا يقتلون المسلمين

الأبرياء العزل الذين ليس لهم أي شأن بأمور السياسة، ألا يعرفون مقر الحكومة أو

الحكومتين، أو أن المسلمين يحولون دونهم ودون وصولهم إلى الحكومة؟ إن هذه

التساؤلات وغيرها قد تدور في خلد أي مسلم غيور؟ ! ! يرى أو يسمع عما يحدث

للمسلمين في ليبيريا، ولن يستطيع الوصول إلى أية أجوبة منطقية لها غير جواب

واحد، ألا وهو: الحقد الذي اختلجت به صدور هؤلاء الكفار ضد المسلمين؛ لأنهم

- أي: المسلمين - جادون في العمل وبيدهم زمام اقتصاد البلد وتجارتها، مما

ساعد على جعل مستواهم المعيشي والاجتماعي أفضل من غيرهم في المجتمع.

كما لا يمكن التغافل عما قد يكون للقوى التنصيرية العالمية من دور في هذه

المشكلة، فدولة ليبيريا - بحكم حريتها الدينية المطلقة - تعتبر من أكبر وأنشط

معاقل الحركات التنصيرية في أفريقيا، حيث يوجد فيها تقريباً فرع لجميع الكنائس

والمؤسسات التنصيرية العالمية المختلفة، وكثيراً ما عبروا عن تخوفهم من سرعة

انتشار الإسلام وهيمنته في ليبيريا. حيث يعقدون المؤتمرات والندوات الدورية

لمواجهة ما يسمونه بالزحف الإسلامي، ولكن دون جدوى، ولذا لا يستبعد المرء

أن يكون لهم يد في هذه المذبحة التي يتعرض لها المسلمون كآخر مؤامرة يلجأون

إليها لاستئصال الإسلام والمسلمين من ليبيريا، والقضاء عليهم، ويأبى الله إلا أن

يتم نوره ولو كره الكافرون.

موقف الحكومة:

إن الحقيقة التي لا يمكن إنكارها هي: أن الحكومة الليبيرية الحالية تتعاطف

مع المسلمين إلى درجة عالية لم يسبق لها مثيل في التاريخ السياسي للدولة، ويمكن

الاستنتاج بأن هذا التعاطف قد يكون سبباً آخر لما تتعرض له حالياً، وفي هذه

الحادثة بالذات بذلت الحكومة كل ما في وسعها وسخرت جل طاقاتها لحماية أرواح

المسلمين وممتلكاتهم والقضاء على هذه الفتنة. ومما يجدر ذكره: أن حوادث القتل

والنهب التي تقع ليس كلها بفعل المتمردين بل كان يشاركهم فيها بعض أفراد جنود

الحكومة أيضاً. فعندما يرسلون للدفاع عن المسلمين يتحولون إلى مهاجمين عليهم

لإثراء أنفسهم من ممتلكات المسلمين، وذلك لكونهم أولاً: جنوداً غير مسلمين،

وثانياً: عدم إخلاصهم للحكومة، ولم تدرك الحكومة هذه المؤامرة المزدوجة في

بداية الأمر مما زاد الطين بلة.

المنظمات التنصيرية وعمليات الإغاثة المزعومة:

منذ بداية الحادثة بدأت المنظمات التنصيرية تتوافد على غينيا (كوناكري)

وساحل العاج لاستغلال ظروف الناس القاسية، لإيصال معتقداتهم الباطلة إليهم

بحجة الإغاثة، وكما هو معروف تحت ستار (الإنسانية) ، وقد تم مؤخراً نقل

مجموعة كبيرة من اللاجئين من غينيا إلى مراكز لإحدى هذه المنظمات في دول

أفريقيا بحجة ضيق مأواهم في غينيا، ومن يدري ماذا سينتهي إليه أمر أولئك

المساكين؟ .