للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الأوزاعي.. إمام أهل الشام

محمد محمد توفيق

هو أبو عبد الرحمن بن عمرو بن يحمد الأوزاعي، والأوزاعي قيل: إنها

نسبة إلى قرية في ضواحي دمشق، ويظن أنه غير عربي الأصل. وُلد في مدينة

بعلبك (لبنان) عام ٨٨هـ /٧٠٧م، وولد يتيما؛ فقاسى من شظف العيش وشدة

الحياة وخصوصاً في صغره.

صفاته:

تقي وورع، حلم وأناة، رزانة وقلة كلام، وعدم قهقهة، كان عفيف النفس،

سخياً، صلباً في الحق، جريئاً في الدفاع عنه، وكان محدثاً ثقة مأموناً، شهد له

الجميع بالفضل والعلم.

رحلاته:

رحل في طلب العلم إلى كل من البصرة، والكوفة، ومكة المكرمة، والمدينة

المنورة، ودمشق، وبيروت التي اتخذها موطناً له ورباطاً إلى آخر أيامه.

ويروى أنه أثناء مروره بمقبرة ببيروت، التقى فيها بامرأة سوداء فسألها:

أين العمارة يا هنتاه (أختاه) ؟ فأجابت: إن أردت العمارة فهي هذه. وأشارت إلى

القبور. وإن كنت تريد الخراب فأمامك، وأشارت إلى البلد، فأعجبه كلامها،

وعزم على الإقامة في بيروت.

شيوخه:

في الفقه: مكحول الشامي.

وفي الحديث: قتادة، ويحيى بن أبي كثير، وعامر الشعبي، وعطاء بن أبي

رباح، وابن شهاب الزهري، ونافع المدني، ومحمد بن عبد الملك بن مروان

الأموي، وغيرهم.

أقرانه:

الذين اتصل بهم وتفاعل معهم، منهم: مالك بن أنس، وسفيان الثوري،

وعبد الله بن المبارك.

تلاميذ٥:

ابنه محمد، وزوج ابنته عبد الغفار بن عثمان، وعبد الحميد بن حبيب بن

أبي العشرين، وأرسلان بن مالك اللخمي، ومحمد بن حرب الخولاني، وعمرو بن

أبي سلمة التنيسي، ومحمد بن زياد (هقل) ، والوليد بن مزيد العذري البيروتي،

والخيزران زوجة المهدي وأم الهادي وهارون الرشيد، والوليد بن مسلم، ويحيى

بن حمزة الحضرمي، ويحيى بن سعيد القطان. كما روى عنه البخاري ومسلم

وأصحاب السنن.

كتبه:

ضاعت كلها إلا كتاب سير الأوزاعي، ويقال إن له كتاب السنن، وكتاب

المسائل.

مذهبه:

كان له مذهب مستقل انتشر في الشام لأكثر من قرنين من الزمان، وفي

الأندلس قرابة نصف قرن، ثم اندثر، ويمكن اعتباره من مدرسة أهل الحديث،

وكان لهذا المذهب أتباع من العلماء أشهرهم: عبد الرحمن بن إبراهيم المعروف

بدُحيم، وعبد الله بن إسماعيل، ومحمد بن عبد الله بن عبد السلام البيروتي،

وصعصعة بن سلاَّم بن عبد الله الدمشقي.

وكان مفهوم الدين لديه هو: لزوم الجماعة، واتباع السنة، وعمارة المساجد

بالصلاة، وتلاوة القرآن، والجهاد في سبيل الله.

وكان يقول: إن المؤمن يقول قليلاً ويعمل كثيراً، وإن المنافق يقول كثيراً

ويعمل قليلاً.

يروى أن نصرانياً أهدى إليه جرة عسل وقال له: يا أبا عمرو، تكتب لي

إلى والي بعلبك، يعني ليشفع له عنده. قال الأوزاعي: إن شئت رددت الجرة

وكتبت لك، وإلا قبلت الجرة ولم أكتب لك، قال: فردّ الجرة، وكتب له، فوضع

عنه (أي عن النصراني) ثلاثين ديناراً. وهذا دليل على ورعه وعفته، وتسامحه

ولينه.

ومات في سنة ١٥٧هـ/٧٧٤م، وعمره ٦٩ عاماً رحمه الله.