للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

شؤون العالم الإسلامي

المسلمون في شبه القارة الهندية

[تعاون هندي إسرائيلي لقمع انتفاضة كشمير]

أحمد موفق زيدان

(إن العملية مكلفة، والخسائر باهظة، ولكن لابد من دفع الضريبة والثمن،

فدفع ضريبة العز والحرية لا تقارَن بدفع ضريبة الذل والمهانة) هذا ما قاله أحد

الناجين من الجحيم الهندي في سريناغار عاصمة كشمير المحتلة، ويروي القادمون

من هناك صوراً لمآسٍ لا وجود لها إلا في الدول المتوحشة، ولا تماثلها إلا جرائم

النازية ومحاكم التفتيش. ويقوم بالإشراف على هذه المآسي والخطط مستشارون

إسرائيليون إلى جانب المستشارين الهنود. وقد أكدت مصادر متعددة وجود مثل

هؤلاء المستشارين خاصة وأن التعاون الأمني بين الطرفين على أشده في المجالات

الأمنية، وتقتفي القوات الهندية أثر القوة اليهودية في تعاملها مع الانتفاضة

الفلسطينية من إبعاد وطرد وتعذيب وإهانة وغيرها.

صور من المأساة:

تشير التقارير الصحفية إلى أن حصيلة الانتفاضة الكشميرية - والتي بدأت

مع ربيع عام ١٩٨٩ حتى الآن - وصلت إلى آلاف الشهداء، و٢٣ ألف سجين

و٢٠ ألف جريح وتقوم القوات الهندية بمداهمة البيوت والمنازل بحثاً عن المجاهدين

والأسلحة، ولكن أول ما يسألون عنه أو يبحثون عنه نسخ من القرآن الكريم فإن

وجدوه يطرحونه أرضاً ويأمرون أهل البيت أن يدوسوه ويهينوه، ومن يرفض

أوامرهم يواجَه برشقة من بندقية أو مسدس فيخر صريعاً شهيداً، وقد حصلت

حوادث لا حصر لها من هذا النوع.

كما تقوم القوات المداهمة بربط وتكتيف أهل المنزل الرجال في جهة،

والنساء والفتيات في جهة أخرى، ثم يفتشون المنزل، وبعد فراغهم يقومون

بالاعتداء على أعراض الفتيات أمام سمع وبصر ذويهم، والجيران يسمعون

صيحات الاستغاثة والصراخ والعويل، وتوالي قوات الكوماندوز الهندية مهاجمة

الشباب، والأشبال في الشوارع حيث يهجم اثنان من هذه القوات على شاب يسير

في الشارع لا ذنب له ويمسكه كل واحد من الكوماندوز من يده ثم يقومان بكسر

ذراعيه ويمضيان دون أن يعارضها أحد، وفي المظاهرة النسائية التي أقيمت

مؤخراً في داخل سريناغار قامت قوات الكوماندوز الهندية بخطف والاعتداء على

٣٥٠٠ فتاة مسلمة دون أن يعرف مصيرهن حتى الآن. كما تقوم الهند بإرسال

أشخاص هندوس إلى سريناغار ويدَّعون أنهم مسلمون وقد اكتُشف أحدهم في أحد

مساجد العاصمة عندما لاحظ عليه أحد المصلين تحركات غريبة فنظر إلى ذراعه

المكشوف فوجده مكتوباً عليه جُملاً هندوسية.

وفي ٢١ من مايو عام ١٩٩٠ - وبينما كان جمع من المشيعين يقومون

بمراسيم دفن (ميرويس محمد فاروق) الذي قتلته القوات الهندية ويفاجَأ المشيعون

بهجوم ناري من القوات الهندية فقتلت أو جرحت حوالي ٢٥٠ شاباً إلا أن المصادر

الهندية قللت من الرقم وقدرته بين ١٧-٢٧ قتيلاً أو جريحاً وادعت بأن الهجوم كان

دفاعاً عن النفس في الوقت الذي كان المشيعون عزلاً تماماً من السلاح. وتقول

المصادر بأن القتلى الكشميريين في الفترة الواقعة بين ٦-٢٠ من أبريل الماضي -

بقوا بدون دفن، كما أهمل المرضى ولم يعالجوا في المستشفيات أبداً، وبقي كثير

من سكان العاصمة بدون طعام أو غذاء حيث استمر حظر التجول مفروضاً خمسة

عشر يوماً ولم يتوقف لدقيقة واحدة، وأي شخص ينتهك هذا القانون يواجَه بعدة

زخات نارية؛ الأمر الذي نجم عنه مجاعة في العاصمة وتجدر الإشارة إلى أن عدد

سكان (سريناغار) يقدر بـ ٨٠٠ ألف نسمة منهم ٩٩% مسلمون وهناك خطة هندية

يتوقع تنفيذها تقضي بالسماح للقوات الهندية بإطلاق النار على كل شخص يتراوح

عمره بين ١٦-٣٠ سنة، ويبلغ عدد سكان كشمير ١٢ مليون نسمة منهم ٨٥%

مسلمين.

فرار عملاء الهند الكشميريين:

أكدت الأنباء هروب حوالي ٥٠٠ قائد كشميري الأصل عملاء للقوات الهندية

من كشمير وتوجهوا إلى دلهي واستقروا هناك، وقاموا بشراء بيوت فخمة في الهند

واستقروا هناك، ويعتقد هؤلاء القادة بأنه لا مستقبل لهم بعد بدء هذه الانتفاضة

الشعبية العارمة التى تنقم على كل ما هو هندي أو عميل للهند، ومن هؤلاء الفارين

عبد الله صهر فاروق عبد الله حاكم كشمير المحتلة سابقاً بإيعاز من الهند، وكان

فاروق عبد الله قرر العيش في لندن مع زوجته الإنجليزية الأصل، ويقول بأنه

مختفٍ في لندن ولا يستطيع الظهور بشكل علني خوفاً من المجاهدين الكشميريين؛

لأنهم ناقمون عليه لعمالته الشديدة للهند أيام حكمه.

الهند تحظر دخول الهيئات الدولية:

رفضت الهند دخول الهيئات الدولية ولجان حقوق الإنسان إلى كشمير وعلى

الرغم من تقدم لجنة العفو الدولية، وجمعية الصليب الأحمر الدولى ولجان حقوق

الإنسان بطلبات لدخول كشمير المحتلة ومشاهدة الأوضاع التى يحياها السكان هناك

فقد رفضت السلطات الهندية الاستجابة لأي طلب من هذا، وقد هاجمت إحدى لجان

حقوق الإنسان الهندية الأصل الممارسات الهندية في كشمير، ولم تستطع أن تلتزم

الصمت وهى ترى المجازر وانتهاكات حقوق الإنسان في سريناغار.

وتلقى كشمير تعتيماً إعلامياً لم يشهد له مثيل إلا في الدول المماثلة للهند في

تعاملها ووحشيتها، حيث فرضت السلطات الهندية منعاً شديداً لدخول الصحفيين إلا

للبعض وهم أقل من القليل كما مارست سياسة منع دخول الصحف غير الهندية إلى

كشمير وذلك في إطار سياسة التعتيم الإعلامى حتى قام مراسل صحيفة (صنداي

تايمز) بشرح بعض ممارسات السلطات الهندية في الضغط على الصحفيين

والمراسلين.

كشمير وحق تقرير المصير:

لا أود الذهاب بعيداً في هذا المقام عن تاريخ كشمير والعصور التاريخية التي

مرت بها إلا أنى أود أن أسلط الأضواء على مدى التزام الهند بقراراتها وبياناتها

فضلاً عن قرارات الأمم المتحدة حيال حق تقرير مصير الكشميريين بأنفسهم.

ففي ١٣ من أغسطس عام ١٩٤٨ قررت الأمم المتحدة - بحضور الهند

وباكستان - أن الاستفتاء هو الذي سيحدد مستقبل الشعب الكشميري كما نجح السير

ظفر الله في ٥ من يناير عام ١٩٤٩ في استصدار قرار آخر من الأمم المتحدة يفيد

بأن تقوم لجنة استفتاء تخير الكشميريين بين الالتحاق بالهند أو بالباكستان أو أن

تكون مستقلة، وينقل عن نهرو بأنه يفضل إلحاقها في باكستان؛ لأنها إذا استقلت

فستطالب المناطق الهندية الأخرى بالانفصال وحينها لن يقدر أحد على إيقاف تداعي

حجر الدومينيو.

وتقول بعض الروايات التاريخية بأنه قد طلب من باكستان إلحاق كشمير بها

مقابل إلحاق حيدر آباد بالهند فرفضت الباكستان وحينها خسرت الباكستان الاثنتين

بدلاً من خسران واحدة.

وفي الاجتماع السابع والعشرين للأمم المتحدة جاء فيه بخصوص كشمير:

(مهما يكن من أمر في مسألة كشمير فإن الخيار هو للشعب نفسه في ... أن يلحق نفسه بباكستان أو الهند أو يكون مستقلاً وذلك عندما تعود الحياة إلى ... مجراها الطبيعي) .

وفي عام ١٩٥١ قال نهرو: (إن كشمير لها الحق أخيراً في تحديد مستقبلها) .

وفي ٦ من سبتمبر عام ١٩٦٥ - عندما وقعت الحرب الهندية الباكستانية بخصوص

كشمير وجبنت قيادة القوات الباكستانية بصراحة في استمرارها بتحرير كشمير

ورضخت لما يسمى بالقوانين الدولية التي لا تطبق إلا لغير مصلحة المسلمين، وإلا

فأين القرارات الدولية التي أصدرتها الأمم المتحدة حيال تقرير الشعب الكشميري

لمصيره بنفسه. بعد هذه الحرب حصل اتفاق طشقند في روسيا وذلك في عام

١٩٦٦ ووافقت باكستان على الانسحاب من الأراضي التي حررتها إبان الحرب.

وعندما وقعت حرب عام ١٩٧١ بين باكستان والهند وهُزمت باكستان وانشقت

على إثرها بنغلاديش تم توقيع اتفاقية (سيملا) ورضخت باكستان لبعض الصعبة

بسبب هزيمتها في الحرب واحتفاظ الهند بأكثر من سبعين ألف أسير باكستاني لديها

واعترفت حينها باكستان بخط ما سُمي (بخط الهدنة) وهو أكبر مأخذ تأخذه الهند

على باكستان أثناء محادثاتها معها.

المحادثات الهندية الباكستانية وأثرها على كشمير:

تجري محادثات مكثفة بين السلطات الباكستانية والهندية من أجل نزع فتيل

التوتر بين الدولتين، ويقوم وسطاء دوليون بهذه المهمة، ولكن يتوقع أن يكون لأي

اتفاق لا يأخذ بعين الاعتبار مصلحة شعب كشمير وقْعٌ خطير في كشمير المحتلة

خاصة إذا تخلت باكستان عن التزامها بتأييد الكشميريين وهو أمر صعب لأن

الجيش الباكستاني من الصعب أن يوافق على هذا أو يخشى البعض من قيام حكومة

باكستانية بالمساومة بينها وبين الهند في قضية اضطرابات السند بحيث تتخلى الهند

عن تدخلها هنا وتتخلى باكستان بالمقابل عن تدخلها في كشمير، وهذا ما دعا

الجيش الباكستاني أن يطالب وبشدة بتسلم الملف الأمني في المناطق المضطربة

حسب ما يقتضيه الوضع الأمني في كراتشي وحيدر آباد وذلك بناءً على المادة رقم

٢٤٥ من دستور البلاد، وقد طالب عدد من السياسيين بتسليم الملف الأمني للجيش

خاصة بعد وقوع ضحايا كُثر في الإقليم، ولكن حكومة حزب الشعب التي كانت

تتحكم في الإقليم تخشى من انقلاب الشعب عليها في أنها فشلت في حفظ الأمن.

وقد يبدو من الممكن الآن بعد إزاحة بي نظير بوتو أن يتسلم الجيش مهمة الأمن في

السند.