للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

على العَبْد الخ. وَمَفْهُوم أقرّ أَنه إِذا لم يقر بل شهد عَلَيْهِ شَاهد وَاحِد أَو أقرّ بهَا سَيّده دونه فَإِن العَبْد حِينَئِذٍ فِي جِنَايَته فَيُخَير سَيّده فِي إِسْلَامه أَو فدائه، لَكِن بعد يَمِين الْمَسْرُوق فِي الأولى، وَأما إِن ثَبت عَلَيْهِ بِشَاهِدين فالقطع وَلَا غرم، واحترزت بِقَوْلِي وَلم يرجع مِمَّا إِذا رَجَعَ فَإِنَّهُ لَا قطع وَيتبع بهَا إِذا عتق كَمَا مر قَرِيبا، وَإِنَّمَا كَانَ العَبْد فِي جِنَايَته إِذا أقرّ بهَا سَيّده دونه لِأَن العَبْد إِذا ادعِي عَلَيْهِ بِمَا يُوجب الْقصاص أَو الْقطع أَو الْأَدَب فَإِنَّهُ الَّذِي يُجيب عَن ذَلِك لِأَنَّهُ الَّذِي يُؤَاخذ بِهِ فِي بدنه لَو أقرّ بِهِ، وَأما إِذا ادعِي عَلَيْهِ بِإِتْلَاف زرع أَو دَابَّة عمدا أَو خطأ أَو قتل شخص أَو قطعه خطأ أَو سَرقَة شَيْء فَأنْكر، فَإِن الَّذِي يُجيب عَن ذَلِك هُوَ السَّيِّد، فَإِذا أقرّ لزمَه أَن يُسلمهُ أَو يفْدِيه (خَ) فِي آخر الشَّهَادَات وليجب عَن الْقصاص العَبْد وَعَن الْأَرْش السَّيِّد الخ.

(فصل فِي أَحْكَام الدِّمَاء)

وَهُوَ بَاب مُهِمّ بِلَا شكّ لِأَن حفظ النُّفُوس إِحْدَى الْخمس الَّتِي اجْتمعت الْملَل على وجوب حفظهَا فقد نقل الأصوليون إِجْمَاع الْملَل على حفظ الْأَدْيَان والنفوس والعقول والأعراض وَالْأَمْوَال، وَقد ذكر بَعضهم الْأَنْسَاب بدل الْأَمْوَال. وَفِي الحَدِيث الْكَرِيم: (لقتل الْمُؤمن أعظم عِنْد الله من زَوَال الدُّنْيَا كلهَا) وَفِيه أَيْضا: (من أعَان على قتل أمرىء مُسلم وَلَو بِشَطْر كلمة جَاءَ يَوْم الْقِيَامَة بَين عَيْنَيْهِ مَكْتُوب آيس من رَحْمَة الله تَعَالَى) اه. وَنَقله ابْن الْحَاج وَغَيره قَالَ: وَورد عَنهُ عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام أَنه قَالَ: (كل ذَنْب عَسى الله أَن يغفره إِلَّا من مَاتَ مُشْركًا أَو من قتل مُؤمنا مُتَعَمدا) وَقد أخبر تَعَالَى أَن قتل النَّفس بِغَيْر حق كَقَتل جَمِيع النَّاس فِي عظم الْإِثْم فَقَالَ: من قتل نفسا بِغَيْر نفس أَو فَسَاد فِي الأَرْض فَكَأَنَّمَا قتل النَّاس جَمِيعًا} (الْمَائِدَة: ٣٢) قَالَ مُجَاهِد: جعل الله جَزَاء من قتل نفسا بِغَيْر حق جَهَنَّم وَغَضب عَلَيْهِ ولعنه وَأعد لَهُ عذَابا عَظِيما، فَلَو قتل جَمِيع الْخلق لم يزدْ من الْعَذَاب على ذَلِك، وَمَا سَمَّاهُ الله عَظِيما لَا يعلم قدره إِلَّا هُوَ عز وَجل اه. وَاخْتلف فِي قبُول تَوْبَته على قَوْلَيْنِ مأخوذين من قَول مَالك لِأَنَّهُ مرّة قَالَ: لَا تجوز إِمَامَته وَإِن تَابَ، وَيُؤَيِّدهُ أَن من شَرط قبُول التَّوْبَة رد التباعات ورد الْحَيَاة على الْمَقْتُول مُتَعَذر إِلَّا أَن يحلله الْمَقْتُول قبل مَوته، وَمرَّة قَالَ: هُوَ فِي الْمَشِيئَة يكثر من الْعَمَل الصَّالح وَالصَّدَََقَة وَالْجهَاد وَالْحج فَيُؤْخَذ مِنْهُ قبُول تَوْبَته. ابْن رشد: من قَالَ إِن الْقَاتِل مخلد فِي النَّار أبدا فَقَط أَخطَأ، وَخَالف أهل السّنة لِأَن الْقَتْل لَا يحبط مَا تقدم من إيمَانه وَلَا مَا اكْتسب من صَالح أَعماله اه. وَحكى ابْن عَطِيَّة الْإِجْمَاع منا وَمن الْمُعْتَزلَة على أَن الْقصاص كَفَّارَة للْقَتْل لحَدِيث (من عُوقِبَ فِي الدُّنْيَا فَهُوَ كَفَّارَة لَهُ) قَالَ: وَالْجُمْهُور على قبُول تَوْبَته اه. وَمَا حَكَاهُ من الْإِجْمَاع طَريقَة لَهُ، بل حكى ابْن رشد فِي ذَلِك قَوْلَيْنِ متساويين قيل كَفَّارَة، وَقيل لَيْسَ بكفارة لِأَن الْمَقْتُول لَا مَنْفَعَة لَهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>