للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المذكورَيْن، ودَلَّ ذلك على أنَّ الحديثَ محفوظٌ، فارتقى من درجة التوقُّفِ إلى درجة القَبول. ومع ارتقائه إلى درجة القَبولِ فهو مُنْحَطٌّ عن رُتْبَةِ الحَسَنِ لِذَاتِه، ورُبَّما توقَّفَ بعضُهم عن إطلاقِ اسمِ الحَسَنِ عليه.

وقدِ انْقَضى ما يتعلَّقُ بالمَتْنِ مِنْ حيثُ القَبولُ والرَّدُّ.

ثُمَّ الإسنادُ وهو الطريقُ المُوصِلَةُ إلى المَتْنِ.

والمَتْنُ: هو غايةُ ما ينتهي إليه الإسنادُ مِنَ الكَلام.

وهو إمَّا أن ينتهيَ إلى النبىّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ويقتضى لفظُه -إمّا تصريحًا أو حُكمًا- أنَّ المنقولَ بذلك الإسناد من قوله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أو من فعله أو من تقريره.

مثالُ المرفوعِ من القَوْل تصريحًا: أن يقولَ الصحابيُّ: سمعت رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يقول كذا، أو: حدَّثَنا رسولُ الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بكذا، أو يقولَ هو أو غيرُه: قال رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كذا، أو: عن رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أنه قال كذا، ونحوَ ذلك.

ومثالُ المرفوعِ من الفعل تصريحًا: أنْ يقولَ الصحابيُّ: رأيتُ رسولَ الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَعَلَ كذا، أو يقولَ هو أو غيرهُ: كان رسولُ الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يفعلُ كذا.

ومثالُ المرفوعِ من التقرير تصريحًا: أنْ يقولَ الصحابيُّ فَعَلْتُ بحَضْرةِ النبيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كذا، أو يقولَ هو أو غيرُه: فَعَلَ فلانٌ بحَضْرة النبيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كذا، ولا يَذْكُرَ إنكارَهُ لذلك.

ومثالُ المرفوع مِنَ القَوْل حُكمًا لا تصريحًا: ما يقولُ الصحابيُّ -الذي لم يَأخذْ عن الإسرائيلياتِ (١) - ما لا مجالَ للاجتهاد فيه (٢)، ولا لَهُ تَعَلُّقٌ


(١) الإسرائيليات: هي اللَّوْن اليهوديّ والنصرانيّ من الثقافة والأخبار.
(٢) قوله "ما لا مجالَ للاجتهادِ فيه" مفعولٌ لقوله: "ما يقول الصحابي" وما بينهما مُعترض. والذي لا مجالَ لاجتهادٍ فيه فسَّرَهُ المصنِّفُ بقوله: "كالإخبار عن الأمور الماضية. . ." فكلُّ ما ذكره لا مجالَ للاجتهادِ فيه.

<<  <   >  >>