للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أبا القاسم -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-" (١). فهذا حُكْمُهُ الرَّفْعُ أيضًا لأن الظاهرَ أنَّ ذلك ممَّا تَلَقَّاهُ عنه -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.

أو تنتهي غايةُ الإسناد إلى الصحابي (٢) كذلك، أي مِثْلُ ما تقدَّمَ في كَوْنِ اللفظِ يقتضي التصريحَ بأنَّ المنقولَ هو مِنْ قَوْلِ الصحابي أو مِنْ فِعْلِه أو من تقريرِه، ولا يَجيءُ فيه جميعُ ما تقدَّمَ بلْ مُعْظَمُه، والتشبيهُ لا تُشْتَرَطُ فيه المساواةُ مِنْ كُلِّ جِهَةٍ.

ولما كان هذا المُختَصرُ شاملًا لجميع أنواع علوم الحديث اسْتطردْتُ منه إلى تعريفِ الصحابيّ ما هو فقُلْتُ:

وهو مَنْ لَقِيَ النبيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مُؤمِنًا به وماتَ على الإسلامِ ولو تَخَلَّلَتْ رِدَّةٌ في الأصَحِّ.

والمرادُ باللِّقاء ما هو أعمُّ من المُجَالَسَة والمُمَاشَاة ووصولِ أحدِهما إلى الآخر وإن لم يُكالِمْهُ، ويَدْخُل فيه رُؤيةُ أحدِهما الآخر سَوَاءٌ كان ذلك بنَفْسِه أَمْ بغيرِه.

والتعبيرُ باللُّقِىِّ أَوْلى مِن قَوْل بعضِهم: "الصحابيُّ مَنْ رأى النبىَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-"، لأنه يُخرِجُ ابنَ أمِّ مكتومٍ (٣) ونَحْوَه من العُمْيانِ، وهم صحابةٌ بِلا تردُّدٍ، و"اللُّقِيُّ" في هذا التعريف كالجنس. وقَوْلي: "مؤمنًا به" كالفَصْل يُخْرِجُ مَنْ حَصَلَ له اللِّقاءُ المذكورُ لكنْ في حالِ كَوْنهِ كافرًا.

وقولي: "بِهِ". فَصْلٌ ثانٍ يُخْرِجُ مَنْ لَقِيَهُ مؤمنًا، لكنْ بغيرهِ من


(١) رواه البخاريُّ مُعَلَّقًا في الصوم: ٣: ٢٦ - ٢٧ ووصله الترمذي: ٣: ٧ وصحَّحه. وأبو داود: ١: ٣٠٠ بنحوه والنَّسائي: ٤: ١٢٦ وابن ماجه: ١: ٥٢٧ رقم ١٦٤٥.
(٢) ويُسمَّى الموقوفَ، وهو ما نُسِب إلى الصحابي.
(٣) عبد الله بن قيس بن زائدة وقيل: عَمرو بن قيس بن زائدة. أسلم قديمًا، وكان يؤم الناس بالصلاة عند سفر النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-. شهد القادسية وقُتِل بها شهيدًا، وقيل رجع إلى المدينة فمات بها.

<<  <   >  >>