للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

صحابيٍّ بِسَنَدٍ ظاهِرُهُ الاتصالُ (١). فقَوْلي: "مرفوع" كالجِنْس، وقَوْلي: "صحابىّ" كالفَصْل يَخْرُجُ به ما رَفَعَه التابعيُّ فإنه مُرْسَلٌ، أو مَنْ دُونَه فإنه مُعْضَل، أو مُعَلَّق، وقَوْلي: "ظاهِرُهُ الاتصالُ"، يَخْرُجُ به ما ظاهِرُهُ الانقطاعُ، ويَدْخُلُ ما فيه الاحتمالُ وما يوجدُ فيه حقيقةُ الاتصالِ من باب الأَوْلى. ويُفْهَمُ مِن التقييد بالظهور أنَّ الانقطاعَ الخَفِيَّ كَعَنْعَنَةِ المُدَلِّس، والمُعاصِر الذي لم يَثْبُتْ لُقِيُّه، لا يُخْرِجُ الحديثَ عن كونِه مُسنَدًا لإطباق الأئمة الذين خَرَّجُوا المسانيد (٢) على ذلك.

وهذا التعريفُ موافِقٌ لقَولِ الحاكم: المُسْنَدُ ما رواه المُحَدِّثُ عن شيخٍ يَظْهَرُ سَمَاعُهُ منه وكذا شيخُه عن شيخِه مُتَصِلًا إلى صحابيٍّ إلى رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.

وأمَّا الخطيبُ فقال: "المُسْنَدُ المُتَّصِلُ". فعلى هذا الموقوفُ إذا جاءَ بسَنَدٍ متصلٍ يُسَمَّى عِنْدَه مُسْنَدًا، لكنْ قال: "إنَّ ذلك قد يأتي لكنْ بِقِلَّةٍ".

وأَبْعَدَ ابنُ عبدِ البَرِّ حيثُ قالَ: "المُسْنَدُ المرفوعُ"، ولم يَتعرَّضْ للإسنادِ، فإنّه يَصْدُقُ على المُرْسَلِ والمُعْضَلِ والمُنْقَطِعِ إذا كان المَتْنُ مرفوعًا، ولا قائِلَ به (٣).

فإنْ قَلَّ عددهُ أي عددُ رجالِ السنَدِ فإمّا أنْ ينتهيَ إلى النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بذلك العَدَدِ القليلِ بالنسبة إلى سنَدٍ آخرَ يَرِدُ به ذلك الحديثُ بعَيْنِهِ بعددٍ كثير، أو ينتهيَ إلى إمامٍ من أئمةِ الحديث ذي صِفَةٍ عَلِيَّةٍ كالحفْظِ والفِقْه والضَّبْطِ


(١) التحقيقُ في المُسنَد أنه: ما اتصلَ سَنَدهُ مرفوعًا. انظر تحقيقَنا في منهج النقد: ٣٤٩ - ٣٥٠.
(٢) في أصلنا "الأسانيد". ولعله سهو قلم من الناسخ.
(٣) هذا اصطلاحٌ خاصٌّ لبَعْضِ المُحَدِّثين، وَجَدْنَاه مُستعمَلًا على قِلَّةٍ عِنْدَ بعضِ المتقدِّمين كالنَّسائي، وعند المُحَدِّثين المغَارِبَةِ كابْنِ عبدِ البَرِّ، والحافظِ عبدِ الحقِّ. فَتَنَبَّهْ لهذا وأمثالِه مما يكونُ مصطلَحًا لبعض الأئمة، أو مُستعمَلًا على قِلّة.

<<  <   >  >>