للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

المُصَنِّفِ على الوَجْهِ المَشْرُوح أوَّلًا، وسُمِّيَتْ مُصَافَحَةً لأنَّ العادَةَ جَرَتْ في الغالِبِ بالمُصَافَحَةِ بَيْنَ مَنْ تَلاقَيَا، ونحنُ فى هذه الصُّورَةِ كأَنَّا لَقِيْنَا النَّسَائِيَّ، فكأَنَّا صَافَحْنَاهُ.

ويُقَابِلُ العُلُوَّ بأقسامِه المذكورةِ النُّزُولُ (١) فيكونُ كلُّ قِسْمٍ مِنْ أقسامِ العُلُوَّ يُقَابِلُهُ قِسْمٌ مِنْ أقسامِ النزولِ، خِلافًا لِمَنْ زَعَمَ أنَّ العُلُوَّ قد يقَعُ غَيْرَ تابِعٍ لِنُزُولٍ.

فإنْ تَشَارَكَ الراوي ومَنْ رَوى عنه في أمرٍ مِنَ الأمورِ المُتَعَلِّقَة بالرِّواية مِثْل السِّنِّ واللُّقِىِّ والأَخْذِ عن المشايخِ فهُوَ النَّوْعُ الذي يُقَالُ له: رِوَايةُ الأَقْرَانِ لأنَّه حِينَئِذٍ يكونُ رَاويًا عن قَرِينهِ.

وإن رَوَى كلٌّ منهما أيْ القَرِينَيْنِ عنِ الآخرِ فهو المُدَبَّجُ (٢). وهو أخَصُّ مِنَ الأوَّلِ، فَكُلُّ مُدَبَّجٍ أَقْرَانٌ، وليسَ كُلُّ أَقْرَانٍ مُدَبَّجًا.

وقد صنَّفَ الدَّارَقُطْنِيُّ في ذلك، وصنَّفَ أبو الشيخ الأَصْبَهَانِيُّ (٣) في الذي قَبْلَهُ.

وإذا رَوى الشيخُ عن تلميذِهِ صَدَقَ أنَّ كُلًّا منهما يَروي عن الآخَرِ فَهَلْ يُسَمَّى مُدَبَّجًا؟ فيه بَحْثٌ، والظاهِرُ: لا، لأنَّه مِنْ رِوَايةِ الأكابِرِ عنِ


(١) النزول: كثرة عدد الرواة، والنازل: هو الحديث الذي كثر عدد الرواة في سنده، ضد العالي.
(٢) الأقران: همُ الرواةُ المتقارِبُون في السِّنِّ والإسناد، واكتفَى بعضُهم بالتقارُبِ في الإسناد، وهو الاشتراكُ في الأَخْذِ عن المشايخ.
ورِوايةُ القرينِ عن القرينِ قِسْمَانِ:
الأول: المُدَبَّجُ، وهو أَنْ يَرويَ كلٌّ منهما عنِ الآخَرِ.
الثاني: غَيْرُ المُدَبَّجِ، وهو أنْ يَرويَ أحدُ القَرينَيْنِ عنِ الآخَرِ، ولا يَرْويَ الآخَرُ عنه. وفائدةُ هذا النوع الصِّيانَةُ عن الخطَأ.
(٣) عبدُ الله بن محمد بن جعفر بن حَيَّان الأنصاريُّ الأصْبهَانيّ، المُفَسِّر، والمُحَدِّث الحافظ. وكان مع سَعَةِ عِلْمِه صالحًا خَيِّرًا قانِتًا لله ويُكْثِرُ في كُتُبهِ من الغَرائب. (ت ٣٦٩). له: العظمَةُ، وطبقات المُحَدِّثينَ بأَصْبَهانَ، وغيرُهما.

<<  <   >  >>