للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

المذكورة في بعض المواضع لا ألّا تزيد إذ الزيادة مطلوبة هنا من باب الأَولى- وأن يكون مستندُ انتهائه الأمرَ المُشَاهَدَ أو المسموعَ، لا ما ثبت بقضية العقل الصِّرف كالواحد نصف الاثنين (١).

فإذا جَمَعَ هذه الشروطَ الأربعةَ وهي:

- عددٌ كثير أحالت العادةُ تواطؤهم أو توافقهم على الكذب.

- رَوَوا ذلك عن مثلهم من الابتداء إلى الانتهاء.

- وكان مستند انْتِهائِهم الحِسّ.

- وانضاف إلى ذلك أن يصحبَ خبرَهم إفادةُ العلم لسامعه.

فهذا هو المتواتِر.

وما تخلَّفَتْ إفادةُ العلمِ عنه كان مشهورًا فقط، فكلُّ متواتِر مشهورٌ مِنْ غير عكس.

وقد يقال: إنَّ الشروطَ الأربعةَ إذا حصلَتْ استلزمَتْ حصولَ العلم، وهو كذلك في الغالب، لكنْ قد يَتَخَلَّفُ عن البعض لِمانعٍ (٢).

وقد وَضَحَ بهذا تعريفُ المتواتِر (٣).


(١) أي إن كثرة المخبرين بقضية عقلية أو اعتقادية لا تُفيدُ علمَ اليقين، مثل أن يخبرنا أهل الهند عن ألوهية (بوذا) مثلًا، فلا شك في أن هذا الخبرَ باطلٌ وإنْ كَثُر أصحابُه، لأن هذه القضايا إنما تثبُتُ بالدليل العقلي القطعي، والعقل يحكم حكمًا يقينيًّا قطعيًّا باستحالة ألوهية بوذا أو غيره مما سِوى الله، لأنهم بشرٌ فيهم سماتُ المخلوق، يأكلون ويشربون، والله مُنزَّه عن ذلك.
(٢) قوله "قد يَتخلَّف عن البعض لمانع". أي ربما لا يحصل العلمُ اليقيني بهذه الشروط لمانع.
وهذا احتراز عما قيل: إذا لم يكن عالمًا ببعض شروط المتواتِر لا يحصل له العلم.
وقيل غير ذلك (انظر شرح الشرح: ١٧٥).
لكنْ كلُّ ما قيل لا قيمةَ له مع الشروط المذكورة، فلا موجبَ لهذا الاحتراز.
(٣) تعريفُ المتواتِر: هو الحديث الذي رواه جمعٌ يستحيلُ تواطؤهم على الكذب، عن مثلهم إلى منتهاه، وكان مستندَهم الحسُّ.

<<  <   >  >>