للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وخلافُه (١) قد يَرِدُ بلا حصرٍ أيضًا لكنْ مع فَقْدِ بعض الشروط، أو مع حصرٍ بما فوق الاثنين، أي بثلاثةٍ فصاعدًا ما لم تجتمع شروطُ التواتر، أو بهما أي باثنين فقط، أو بواحد، والمرادُ بقولنا: "أنْ يَرِدَ باثنين": ألَّا يردَ بأقلَّ منهما، فإنْ ورد بأكثرَ في بعض المواضع من السند الواحد لا يضرّ (٢)، إذ الأقلُّ في هذا يقضي على الأكثر.

فالأول: المتواتِر (٣)، وهو المفيدُ للعلم اليقيني -فأُخرِجَ النظري على ما يأتي تقريرهُ- بشروطه التي تقدمَتْ.

واليقين: هو الاعتقادُ الجازمُ المطابق.

وهذا هو المُعْتَمدُ أنَّ خبرَ التواتر يفيد العِلْمَ الضروري وهو: الذي يضطر الإنسانُ إليه بحيثُ لا يمكنه دفْعُه.

وقيل: لا يفيدُ العِلْمَ إلا نظريًّا (٤). وليس بشيء، لأن العِلْمَ بالتواتر


(١) أي وغيرُ المتواتِر قد يتعدد رواتُه من غير حصرٍ بعدد معين، أي من غير اشتراطِ عددٍ، لكنْ مع فَقْدِ بعض الشروط، مثل أن يتعددَ الرواة تعددًا لا يفيد العلم اليقيني، فلا يُسمى متواترًا بل يكونُ مشهورًا.
(٢) "لا يضر": أي لا يَخْرجُ الحديثُ عن حكم المروي باثنين فقط وهو العزيز، لأن وجود اثنين فقط في بعض حلقات الإسناد "يقضي على الأكثر" أي يلغي حكمَ الأكثر في الحلقات الأخرى من السند.
(٣) هذا هو الأول وهو المتواتِر.
والثاني: عند أكثر الأصوليين الذي لا يفيد اليقين وهو خبر الآحاد.
وقسَّم الحنفيةُ الخبرَ من حيث تعدد سنده وعدم تعدده ثلاثةَ أقسام: متواتِر، ومشهور، وآحاد.
فالمتواتر كما عرَفته، والآحادُ الذي لم يبلغ درجةَ التواتر لا في أوله ولا آخره، والمشهورُ هو الذي كان آحاديًّا ثم تواتر.
أما عند المُحَدِّثين: فينقسم الحديثُ بحسب تعدد رواته تقسيمًا تفصيليًّا إلى أربعة أقسام وهي: المتواتر الذي عرَفته، والمشهور الذي كثر رواته ولم يتواتر، والعزيز: ما رواه اثنان، والغريب أو الفرد.
(٤) العِلْم النظري: هو عِلْم يقيني، لكنْ لا يُتوصل إليه إلا بالبحث والاستدلال، وهو هنا النظرُ في أحوال الرواة، والدلائلُ والقرائن التي تفيد الباحثَ العِلْمَ اليقيني.=

<<  <   >  >>