للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عندهم بصحة نسبتها إلى مُصنِّفيها، إذا اجتمعتْ على إخراج حديثٍ وتعددتْ طُرقُه تعدّدًا تُحيل العادةُ تواطُؤَهم على الكذب إلى آخر الشروط (١) أفاد العلمَ اليقينيَّ بصحته إلى قائله، ومثلُ ذلك في الكتب المشهورة كثيرٌ (٢).

والثاني -وهو أولُ أقسامِ الآحاد (٣) -: ما لَهُ طرقٌ محصورةٌ بأكثرَ من اثنين وهو المشهور عند المُحَدِّثين.

سُمِّيَ بذلك لوضوحه وهو المستفيض على رأي جماعة من أئمة الفقهاء، سُمِّي بذلك لانتشاره، مِنْ فاض الماءُ يفيض فيضًا، ومنهم من غاير بين المستفيض والمشهور بأنّ المستفيضَ يكون في ابتدائه وانتهائه سَوَاء، والمشهورُ أعمُّ من ذلك (٤)، ومنهم من غاير


(١) أي شروط المتواتر.
(٢) ومن أمثلة الحديث المتواتر:
حديث إثبات الحوض للنبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يوم القيامة. رواه أكثرُ من خمسين صحابيًّا.
وحديث المسح على الخفّين في الوضوء. رواه سبعون صحابيًّا.
وحديث: نزل القرآن على سبعة أحرف، رواه سبع وعشرون. وغيرها كثير.
وينقسم المتواتر إلى قسمين: متواتر لفظي، ومتواتر معنوي.
أما المتواتر اللفظي: فهو ما تواترت روايتُه على لفظ واحد، يرويه كلُّ الرواة، مثل حديث "مَنْ كَذَب عَليَّ مُتعمِّدًا فَلْيَتَبوَّأْ مقعدَهُ من النار".
وأما المتواتر المعنوي: فهو أن ينقلَ جماعةٌ يستحيل تواطؤهم على الكذب وقائعَ مختلفةً تشترك كلُّها في أمر معيَّن، فيكون هذا الأمر متواترًا. مثل: رفع اليدين في الدعاء. فقد ورد عنه -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فيه نحو مئة حديث، لكنّ هذه الأحاديثَ في وقائعَ مختلفة.
(٣) الآحاد كلُّ خبر لم يبلغْ مبلغَ التواتر، وهو ثلاثة أقسام:
١ - المشهور.
٢ - العزيز.
٣ - الغريب أو الفرد.
هذا عند المُحَدِّثين، أما عند غيرهم فقد سبق لنا بيانه ص ٤٤ تعليقًا.
(٤) قوله: "أعمُّ من ذلك": أي إن المشهور يشمل المستفيض وهو ما يكون تعدُّد سندِه في ابتدائه وانتهائه سواء، ويشمل ما ليس كذلك كالذي يكون آحاديًّا في أوله ثم ينقله عددُ التواتر. =

<<  <   >  >>