للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويُرْوَى من غير وجهٍ نحو ذلك ولا يكون شاذًّا فهو عندنا حديثٌ حَسَنٌ".

فَعُرِفَ بهذا أنه إنما عَرَّفَ الذي يقول فيه: حَسَنٌ فقط، أمّا ما يقولُ فيه حَسَنٌ صحيح، أو حَسَنٌ غريب، أو حَسَنٌ صحيحٌ غريب، فلَمْ يُعَرِّجْ على تعريفه كما لم يُعَرِّجْ على تعريف ما يقولُ فيه: "صحيحٌ" فقط أو "غريبٌ" فقط، وكأنه تَرَكَ ذلك استغناءً لِشُهْرَتِه عندَ أهلِ الفنِّ. واقتَصَرَ على تعريف ما يقولُ فيه في كتابه: حَسَنٌ فقط إمّا لِغُموضِه، وإمّا لأنه اصطلاحٌ جديد، ولذلك قيَّدَهُ بقوله: "عندَنا" ولم يَنْسِبْه إلى أهل الحديث كما فَعَلَ الخَطَّابيُّ (١). وبهذا التقريرِ يندفعُ كثيرٌ من الإيرادات التي طالَ البحثُ فيها ولم يُسْفِرْ وَجْهُ توجيهِها، فَلِله الحمدُ على ما ألْهَمَ وعَلَّم.

وزيادةُ راويهما -أي الصحيحِ والحسنِ- مقبولةٌ، ما لم تقعْ منافيةً لرواية مَنْ هو أوثَقُ ممن لم يَذْكُرْ تلكَ الزيادةَ (٢)، لأنَّ الزيادةَ إمّا أنْ تكونَ لا تَنَافِيَ بينها وبين رِواية مَنْ لم يَذْكُرْها فهذه تُقْبَلُ مُطْلَقًا، لأنها في حُكْمِ الحديثِ المُستقِلّ الذي يَنفرِدُ به الثقةُ ولا يرويه عن شيخه غيرُه، وإمّا أنْ تكونَ منافيةً بحيثُ يَلْزَمُ مِنْ قَبولِها رَدُّ الرِّوايةِ الأُخرى (٣)، فهذه التي يقعُ


(١) حَمْدٌ (على وزن المصدر) ابن محمد بن إبراهيم بن الخَطَّاب البُسْتي، الخَطَّابِيّ أبو سليمان، وُلد (٣١٩) في بُسْت من بلاد كابل في أفغانستان. فقيه جليل ومُحدِّث حافظ، شافعي المذهب (ت ٣٨٨). له كتب كثيرة نافعة منها: معالِم السنن (ط)، وغريب الحديث (ط) وإصلاح غلط المحدثين (ط).
والذي فعله الخطابي أنه ذَكَر تعريفَ الحديث الحسن ونَسبَ التعريفَ إلى أهل الحديث. انظر معالم السنن شرح مختصر سنن أبي داود: ١: ١١.
فدل صنيعُه على أنه يُعَرِّفُ الحسنَ عند المُحَدِّثينَ عامَّةً، أمّا الترمذيُّ فقد صرَّحَ بقوله "وما قُلناه في كتابنا" ثم قال "فهو عندنا حديثٌ حسن" فدلَّ على أنَّه يُعَرِّف الحسنَ في كتابه وحَسَبَ اصطلاحِهِ هو. واللهُ أعلمُ.
(٢) هذا شُرُوعٌ في زيادةِ الثقة: وهي: ما يتفرَّدُ به الثقةُ في رواية الحديث من لفظة أو جملة في المتن أو السند.
والكلامُ الآتي عند المصنف في زيادة المتن.
(٣) ذَكَرَ قِسمين لزيادة الثقة يتضمنان قسمًا ثالثًا، وهذه الأقسام هي:=

<<  <   >  >>