للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وإنْ وُجِدَ مَتْنٌ يُرْوَى مِن حديثِ صحابيٍّ آخَرَ يُشْبِهُه في اللفظ والمعنى أو في المعنى فقط فهو الشاهِد (١).

ومثالُه في الحديث الذي قدَّمْنَاهُ: ما رواه النَّسائيُّ (٢) من رِوايةِ محمد بن حُنَيْن عن ابنِ عباس عن النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فذَكَرَ مِثْلَ حديثِ عبدِ الله بن دينارٍ عن ابنِ عُمَرَ سَواءً، فهذا باللفظ.

وأمَّا بالمعنى فهو ما رواه البخاريُّ (٣) من رِواية محمد بن زياد عن أبي هريرة بلفظ: "فإنْ غُمِّيَ عَليْكُم فأَكْمِلُوا عِدَّة شَعْبانَ ثلاثين".

وخَصَّ قومٌ المتابعةَ بما حَصَلَ باللفظِ سواءٌ كان من رواية ذلك الصحابيِّ أَمْ لا، والشاهدَ بما حَصَلَ بالمعنى كذلك.

وقد تُطْلَقُ المتابعةُ على الشاهِدِ، وبالعكس، والأمرُ فيه سَهْل (٤).

واعلَمْ أنّ تَتَبُّعَ الطُّرُقِ من الجوامع والمسانيد والأجزاء (٥) لذلك الحديثِ الذي يُظَنُّ أنه فَرْدٌ ليُعْلَمَ هل له متابِعٌ أم لا هو الاعتبارُ.

وقولُ ابنِ الصلاح "معرفةُ الاعتبارِ والمُتابَعات والشواهد" قد يُوهِمُ أنَّ الاعتبارَ قَسِيمٌ لهما (٦)، وليس كذلك بل هو هيئةُ التوصُّلِ إليهما.


(١) الشاهد: هو الحديث الذي يوافق حديثًا آخر في اللفظ أو المعنى من رواية صحابي آخر.
(٢) في الصوم: ٢: ١٠٩. ومحمد بن حُنَين تابعي لم يرو عنه غير عمرو بن دينار. روى له النسائي.
(٣) الموضع السابق.
(٤) لأن المقصود التقوية، وهي حاصلة بكل منهما.
(٥) الجامع: هو كتاب الحديث المرتب على الأبواب، والذي يضم أحاديث في كل الأبواب. مثل الجامع الصحيح للبخاري.
المسند: كتاب مرتب على أسماء رواة الحديث من الصحابة.
الجزء: تأليف حديثي في مسألة جزئية، وقد يكون في حديث.
(٦) "قَسِيم لهما": أي قسم مقابل للمتابعات والشواهد، متمم لهما، وليس الاعتبار كذلك، "بل هو هيئة التوصل إليهما": أي كيفية التوصل إليهما، وهو البحث والتفتيش والمذاكرة ..

<<  <   >  >>