للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

راوده الخلفاء على الإسلام بكل حيلة، وتوسلوا إلى ذلك بكل وسيلة، فلم يسلم، وعرض عليه السلطان بختيار الوزارة إن أسلم، وكان يعاشر المسلمين أحسن عشيرة ويساعدهم على صيام شهر رمضان، ويحفظ القرآن حفظاً يدور على طرف لسانه، وكان في زمن شبابه أرخى بالأمنة في زمن كبره. وإلى ذلك أشار في قصيدة كتب بها إلى الصاحب يستمطر سحابه ويستدر أخلاف جوده، بعد أن كان يخاطبه بالكاف ويعده من جملة الأكفاء فمن أبياتها:

عجباً لخطي إذا رآه مصاحبي ... عصر الشباب وفي المشيب معاصي

أمن الغواني كان حلي خانني؟ ... شيباً وكان له الشبيبة صاحبي

وعزل في آخر عمره واعتقل وقيد، وكان يقوم ويقع إن تهتك ستره ورخت حاله، وكان الصاحب يحبه أشد الحب ويتعصب له ويتعهده على بعد الدار بالمنج وهو يخدم الصاحب بالمدح.

قال المحقق التفتازاني في المختصر: اختلف في التفضيل بين الصحاب والصابئ، والحق أن الصاحب كان يكتب ما يريد، والصابئ يكتب ما يؤمر، وبين المقامين بون بعيد. ومات سنة ٣٨٤ على كفره، وكذا ابنه المحسن ورثاه الشريف الرضي بقصيدة طويلة جيدة.

[حكم]

من كلامهم: من تاجر الله لم يوكس بيعه، ولم يبخس ريعة. لا ينال ما عند الله إلا بعين ساهدة، ونفس مجاهدة. الكريم سلس القياد واللئيم عسر الانقياد، ويل لمن كان بين عز النفس وذل الحاجة. ويل لمن كان بين سخط الخالق وشماتة المخلوق. الآمال متعلقة بالأموال. الأريب لا يجالس من لا يجانس. رب ذئاب في أهب نعاج، وصقور في صور دجاج. رب رقعة تفصح عن رقاعة كاتبها. ربما تطيب الغموم بالعموم. إذا نابتك النائبة ولا حيلة لها فلا تجزعن، وإن كان لها حيلة فلا تعجزن. أدوية الدنيا تقصر عن سمومها وتسميتها لا يفي بسمومها. شر النوائب ما وقع من حيث لا يتوقع. قال بعض الأعراب: أفرش طعامك اسم الله، وألحفه حمد لله. لا يطيب حضور الخوان إلا مع الإخوان. رب أكله منعت أكلات. شكا رجل إلى بعض الزهاد كثرة عياله، فقال له الزاهد: انظر من كان منهم ليس رزقه على الله فحوله إلى منزلي ...

<<  <  ج: ص:  >  >>