للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الإلهية، ألا ترى إلى تصرف إبراهيم على نبينا وعليه السلام في النار " يا نار كوني برداً وسلاماً على إبراهيم " وموسى في الماء والأرض " فأوحينا إلى موسى أن اضرب بعصاك البحر فانفلق. فقلنا اضرب بعصاك البحر فانفجرت منه اثنتا عشرة عيناً " وسليمان في الهواء " ولسليمان الريح غدوها شهر ورواحها شهر " ودواد عليه السلام في المعدن " وألنا له الحديد " ومريم في النبات " وهزي إليك بجذع النخلة " وعيسى في الحيوان " كونوا قردة خاسئين "، ونبينا في السماويات " اقتربت الساعة وانشق القمر ".

قال في الهياكل لما رأيت الحديدة المحمية يتشبه بالنار لمجاورتها، ويفعل فعلها فلا تعجب من نفس استشرقت واستنارت واستضاءت بنور الله، فأطاعتها الأكوان.

قال القيصري في شرح فصوص الحكم: الأرواح منها كلية، ومنها جزئية، فأرواح الأنبياء أرواح كلية يشتمل كل منها على أرواح من يدخل في حكمه، ويصير من امته، كما تدخل الأسماء الجزئية في الأسماء الكلية، وإليه الإشارة بقوله تعالى: " إنّ إبراهيم كان امة قانتاً لله ".

[مسيلمة وسجاح]

كتب مسيلمة الكذاب إلى النبي صلى الله عليه وسلم؛ من مسيلمة رسول الله إلى محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم أما بعد، فإن لنا نصف الأرض، ولقريش نصف الأرض، ولكن قريشاً قوم يعتدون؛ وبعث معها رجلين، وقال لهما النبي صلى الله عليه وسلم: أتشهدان أنّي رسول الله؟ قالا: نعم، قال: أتشهدان أنّ مسيلمة رسول الله؟ قالا: نعم، إنه قد اشرك معك، فقال النبي صلى الله عليه وسلم لولا أنّ الرسول لا يقتل لضربت أعناقكما، ثم كتب إليه رسول الله: من محمد صلى الله عليه وسلم رسول الله إلى مسيلمة الكذاب، أما بعد؛ " فإن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده، والعاقبة للمتقين ".

وادعت سجاح بنت الحارث النبوة في أيام مسيلمة، وقصدت حربه، فأهدى إليها مالاً واستأمنها، حتى أمنته وأمنها فجاء واستدعاها، وقال لأصحابه: اضربوا لها قبة وجمروها، لعلها تذكره لباه، وفعلوا فلما أتت قالت له: إعرض عليّ ما عندك، فقال لها: إنّي أريد أن أخلو معك حتى نتدارس، فلما خلت معه في القبة، قالت: إقرأ عليّ ما يأتيك به جبرائيل؛ فقال: إسمعي هذه الآية: إنّكن معشر النساء خلقن أفواجاً، وجعلن لنا أزواجاً، نولجه فيكنّ إيلاجاً، ثم نخرجه منكنّ إخراجاً. فقالت: صدقت إنّك نبي مرسل، فقال لها: هل لك في أن أتزوجك فيقال: نبي تزوج نبية؟ فقالت: إفعل ما بدا لك فقال لها:

ألا قومي إلى المخدع ... فقد هبي لك المضجع

<<  <  ج: ص:  >  >>