للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَقَالَ: «إِنَّ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ، كَانَ إِذَا مَاتَ فِيهِمُ الرَّجُلُ الصَّالِحُ، بَنَوْا عَلَى قَبْرِهِ مَسْجِدًا، وَصَوَّرُوا فِيهِ تِلْكَ الصُّوَرَ، أُولَئِكَ شِرَارُ الْخَلْقِ عِنْدَ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» .

فَهَذَا حَالُ مَنْ سَجَدَ لِلَّهِ فِي مَسْجِدٍ عَلَى قَبْرٍ، فَكَيْفَ حَالُ مَنْ سَجَدَ لِلْقَبْرِ نَفْسِهِ؟

وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «اللَّهُمَّ لَا تَجْعَلْ قَبْرِي وَثَنًا يُعْبَدُ» ، وَقَدْ حَمَى النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جَانِبَ التَّوْحِيدِ أَعْظَمَ حِمَايَةٍ، حَتَّى نَهَى عَنْ صَلَاةِ التَّطَوُّعِ لِلَّهِ سُبْحَانَهُ عِنْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَعِنْدَ غُرُوبِهَا؛ لِئَلَّا يَكُونَ ذَرِيعَةً إِلَى التَّشَبُّهِ بِعُبَّادِ الشَّمْسِ الَّذِينَ يَسْجُدُونَ لَهَا فِي هَاتَيْنِ الْحَالَتَيْنِ.

وَسَدَّ الذَّرِيعَةَ بِأَنْ مَنَعَ الصَّلَاةَ بَعْدَ الْعَصْرِ وَالصُّبْحِ؛ لِاتِّصَالِ هَذَيْنِ الْوَقْتَيْنِ بِالْوَقْتَيْنِ اللَّذَيْنِ يَسْجُدُ الْمُشْرِكُونَ فِيهِمَا لِلشَّمْسِ.

وَأَمَّا السُّجُودُ لِغَيْرِ اللَّهِ فَقَالَ: «لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ أَنْ يَسْجُدَ لِأَحَدٍ إِلَّا لِلَّهِ» .

وَ " لَا يَنْبَغِي " فِي كَلَامِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِلَّذِي هُوَ فِي غَايَةِ الِامْتِنَاعِ شَرْعًا، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمَا يَنْبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا} [سُورَةُ مَرْيَمَ: ٩٢] .

وَقَوْلِهِ: {وَمَا يَنْبَغِي لَهُ} [سُورَةُ يس: ٦٩] .

وَقَوْلِهِ: {وَمَا تَنَزَّلَتْ بِهِ الشَّيَاطِينُ - وَمَا يَنْبَغِي لَهُمْ} [سُورَةُ الشُّعَرَاءِ: ٢١٠ - ٢١١] .

وَقَوْلِهِ: {مَا كَانَ يَنْبَغِي لَنَا أَنْ نَتَّخِذَ مِنْ دُونِكَ مِنْ أَوْلِيَاءَ} [سُورَةُ الْفُرْقَانِ: ١٨]

[فَصْلٌ الشِّرْكُ فِي اللَّفْظِ]

فَصْلٌ

الشِّرْكُ فِي اللَّفْظِ

وَمِنَ الشِّرْكِ بِهِ سُبْحَانَهُ الشِّرْكُ بِهِ فِي اللَّفْظِ، كَالْحَلِفِ بِغَيْرِهِ، كَمَا رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُدَ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ حَلَفَ بِغَيْرِ اللَّهِ فَقَدْ أَشْرَكَ» صَحَّحَهُ الْحَاكِمُ وَابْنُ حِبَّانَ.

وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُ الْقَائِلِ لِلْمَخْلُوقِ: مَا شَاءَ اللَّهُ وَشِئْتَ، كَمَا «ثَبَتَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ لَهُ رَجُلٌ: مَا شَاءَ اللَّهُ وَشِئْتَ، فَقَالَ: أَجَعَلْتَنِي لِلَّهِ نِدًّا؟ قُلْ مَا شَاءَ اللَّهُ وَحْدَهُ.»

<<  <   >  >>