للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

٣- بَابُ الْأَمَانِ١

١٨٩٨- حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ: "قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "مَكَّةَ"، فَبَعَثَ الزُّبَيْرَ عَلَى إحْدَى


١ لا يبيح الإسلام للحربي أن يدخل بلادنا من غير أن يكون معه أمان محترم يجعلنا نظمئن إليه، والأمان لغة ضد الخوف وشرعاً عقد يعطيه الإمام أو غيره من أفراد الأمة العقلاء البالغين للحربي فرداً أو جماعة يباح لهم بمقتضاه الدخول في دار الإسلام ومباشرة أعمالهم العلمية، أو التجارية على نحو ما يريدون. ويشترط فيه ألا يكون في أعمالهم مساس بسلامة الدولة الإسلامية.
والدليل عليه: الأمان جائز في الكتاب والسنة:
أما الكتاب: فقوله تعالى: {وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ} [التوبة: ٦] الآية. ومعناه: وإن جاءك أحد من المشركين لا عهد بينك وبينه وطلب أمانك وجوارك فأمنه حتى يسمع كلام الله ويتدبره ويعوف حقيقة الإسلام، ثم أبلغه بعد ذلك مكاناً يأمن فيه على نفسه.
ووجه الدلالة: أن الله أذن لنبيه عليه الصلاة والسلام في إعطاء الأمان لمن سأله أو استجار به، والاستجارة في الآية عامة، فتناول الاستجارة لنثر العلوم، والتجارة، وسماع كلام الله، وغير ذلك من الأسباب التي تحمل على طلب الأمان. وأما قوله سبحانه وتعالى: {حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللَّهِ} ، فهو إشارة إلى الحكمة المقصودة من إعطاء الأمان، وذلك لأنه إذا دخل بلاد المسلمين وأقام بينهم ثم سمع كلام الله، وعرف مقاصد الدين، وكثيراً ما يكون ذلك سبباً لإسلامه.
وأما السنة: فما رواه البخاري عن علي رضي الله عنه أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "ذمة المسلمين واحدة يسعى بها أدناهم فمن أخفر مسلماً، فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين". والذمة معناها: العهد والأمان والحرمة، وقوله: "يسعى بذمتهم أدناهم"، أي يتحملها ويعقدها مع الكفار أقلهم وقوله: "ممن أخفر مسلماً" أي نقض عهده. ووجه الدلالة أن الحديث جعل الأمان لجميع المسلمين فمن أعطى منهم الأمان لكافر وجب على الجميع احترمه الوفاء به فيستدل به على مشروعية الأمان في كل الأحوال التي ليس فيها ضرر على المسلمين.
صيغة الأمان: والأمان كسائر العقود لا بد من صيغة يتم بها وينفذ مدلوله بمقتضاها، وقد اتفق الفقهاء على أنه يحصل بما يفهم منه المقصود سواء كان بلفظ عربي أو غيره صريح أو كناية وبالإشارة والكتابة مثال الصريح: أجرتك وأمنتك، وأنت مجار وأنت آمن. ومثال الكناية: أنت =

<<  <  ج: ص:  >  >>