للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

مكانة السنّة في القرن الثالث ١

كان لظهور الاعتزال في القرن الثالث الهجري على يد واصل بن عطاء أثر كبير في نشأة الخلاف بين هذه الفرقة وأهل السنّة تناول كثيراً من الجوانب العقدية التي قررت أصولاً هي أبعد ما تكون عن مذهب الحسن البصري وغيره من السلف، وكانت أشهر قضايا هذه الفرقة القول بنسبة خلق أفعال العباد لأنفسهم لا لله، فوجب على الله إثابتهم أو عقابهم خلافاً لما قاله أهل السنّة من أن الله خالق الأفعال وليس للخلق منها إلا الكسب أو الاكتساب بناء على اختيارهم.

والثانية: تنزيه الله عن ثبوت صفات قائمة لذاته- في نظرهم- كالسمع والبصر والحياة والقدرة والكلام؛ خوفاً من تعدد القدماء ولم يعلموا أنها صفات قائمة بذاته تعالى ليست هي عين ذاته ولا غيرها.. مما أدى إلى قولهم بخلق القرآن.

ولقد كان سلطان المقل هو القوة المسيطرة عليهم في كثير من العقائد والأحكام حتى تجرأوا على الأحاديث النبوية بردها إذ لم يجدوا لها تأويلاً تستسيغه عقولهم.

والحق أن ظهورهم على الساحة الإسلامية كان في وقت ظهرت فيه موجات من الإلحاد، وبدا فيه اللسان الأعجمي بعد كثرة الفتوحات في الدولتين الأموية والعباسية وظهور الشعوبية وثورة الموالي إلى غير ذلك مما جعل الفكر الإسلامي يأخذ طريقاً يكاد يحيد عن الجادة في ظل هذه الظروف الجديدة.

وجاء القرن الثالث ليتيح فرصة لهؤلاء المتكلمين على يد الخليفة المأمون "١٩٨-٢١٨" للدخول في معركة وحشية بينهم وبين المحدثين.

كما أن حب المأمون للعلم وذكاؤه الخارق كان سبباً في جمع العلماء على مائدة العلم وإن


١ ونخص هذا القرن والذي يليه بالحديث نظراً لانقراض عصر الصحابة والتابعين، وظهور البدع وانتشار الكذب في حديث سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقيام علماء الحديث بالذب عن المصدر الثاني للتشريع.

<<  <  ج: ص:  >  >>