للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الايلتمش سنة سبع عشرة وستمائة فبقي بها مدة، ثم خرج من الهند

سنة أربع وعشرين وستمائة فحج ودخل اليمن ثم عاد إلى بغداد ثم أعيد إلى الهند رسولاً

من حضرة المستنصر بالله العباسي إلى رضية بنت الايلتمش ملكة الهند، ورجع إلى بغداد

سنة سبع وثلاثين وستمائة وتوفي بها فدفن بداره في الحريم الظاهري ثم نقل جسده إلى مكة

وكان أوصى بذلك وجعل لمن يحمله إلى مكة ويدفنه بها خمسين ديناراً.

قال الدمياطي: وكان معه طالع مولود وقد حكم فيه بموته في وقته فكان يترقب ذلك اليوم

فحضر ذلك اليوم وهو معافى فعمل لأصحابه طعاماً شكراً لذلك، وفارقناه وعديت إلى

الشط فلقيني شخص أخبرني بموته فقلت له: الساعة فارقته! فقال: والساعة وقع الحمام-

يخبر بموته فجاءة- انتهى.

وكان شيخاً صالحاً صموتاً عن فضول الكلام فقيهاً محدثاً لغوياً ذا مشاركة تامة في العلوم،

سمع الحديث بمكة وعدن والهند من شيوخ كثيرين وأدرك الكبار، وجمع وصنف، ووثق

وضعف، وسارت بتصانيفه الركبان، وخضع لعلمه علماء الزمان، قال السيوطي: إنه كان

حامل لواء اللغة، وقال الذهبي: إن إليه المنتهى في اللغة، وقال الدمياطي: إنه كان إماماً في

اللغة والفقه والحديث، وأن الصغاني أنشدنا لنفسه:

تسربلت سربال القناعة والرضا صبياً وكانا في الكهولة ديدنى

وقد كان ينهاني أبي حف بالرضا وبالعفو أن أولى يدا من يدي دنى

قد أخذ عنه الشيخ شرف الدين الدمياطي ونظام الدين محمود بن عمر الهروي ومحيي

الدين أبو البقاء صالح بن عبد الله بن جعفر بن علي بن صالح الأسدي الكوفي المعروف

بابن الصباغ والشيخ برهان الدين محمود بن أبي الخير أسعد البلخي وشارح آثار النيرين في

أخبار الصحيحين وخلق آخرون.

ومن مصنفاته مشارق الأنوار النبوية في صحاح الأخبار المصطفوية، جمع فيه من الأحاديث

الصحاح عدداً على ما عد الشارح الكاذروني ألفين وستة وأربعين حديثاً وبين في أول كل

باب أو نوع عدد أحاديثه وقال: هذا كتاب أرتضيه وأستضىء بضيائه والعمل بمقتضاه

لخزانة المستنصر بن الظاهر بن الناصر بن المستضىء العباسي، أوله الحمد لله محيي الرمم

ومجري القلم- الخ، ذكر فيه: أني لما فرغت من مصباح الدجى والشمس المنيرة ضممت

إليهما ما في كتابي النجم والشهاب لتجتمع الصحاح، قال: وهذا الكتاب حجة بيني وبين الله

في الصحة والرضا، ورمز به بالحروف فالخاء إشارة إلى البخاري والميم لمسلم والقاف لما

اتفقا عليه، ورتبه بترتيب أنيق جعله اثنى عشر باباً، الأول على فصلين الأول في ما ابتدأ

بمن الموصولة أو الشرطية والثاني فيما ابتدأ بمن الاستفهامية، الثاني في أن وفيه عشرة

فصول، الثالث في لا، الرابع في إذ وإذا، الخامس في فصلين الأول في ما وأنواعها والثاني في يا

وأقسامها، السادس فيه اثنا عشر فصلاً في بعض الكلمات كقد ولو وبين وهكذا، السابع

فيه سبعة عشر فصلاً كالمبتدأ والمعرف وما أشبه ذلك، الثامن فيه ستة فصول، التاسع في

العدد ونحوه، العاشر في الماضي، الحادي عشر في لام الابتداء، الثاني عشر في الكلمات

القدسية.

وشروحه كثيرة ذكر جملة من ذلك الجلبي في كشف الظنون ونحن نطوي الكشح عن ذلك

روماً للاختصار.

ومن مصنفاته مصباح الدجى في حديث المصطفى قال الجلبي في كشف الظنون: وهو

كتاب محذوف الأسانيد، ومنها الشمس المنيرة وهو أيضاً في الحديث، ومنها العباب الزاخر

في اللغة- في عشرين مجلداً، قال الجلبي في كشف الظنون: إن الصغاني مات قبل أن يكمله

بلغ فيه إلى الميم ووقف في مادة بكم ولهذا قيل:

<<  <  ج: ص:  >  >>