للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

آثر الناس عند الحجاج، وطلع له ابن فسمّاه الحجاج باسمه، وكان على جانب من البخل عظيم، وله فيه أخبار طريفة. دخل به على الحجاج وهو طفل فأعطاه دراهم، فسأله أن يشدّها بخيط، فكلما شدّها سأله المبالغة في الشدّ حتى عقد اثنتي عشرة عقدة، فعجب الناس من شأنه. ثم دخل عليه عنبسة فأخبره بما رأى من ابنه. فقال له عنبسة: إن رأيته أيها الأمير فاسأله ما صنع بالدراهم، فأرسل فيه الحجاج وقال: ما صنعت بالدراهم التي أعطيتك. قال: عمدت إلى أغمض بيت في الدار فحفرت فيه حفيرة ثم دفنتها فيها، وملأت البيت تبناً وقلت لها: هذا آخر عهدك بالدنيا. قال: فما أردت بملء البيت تبناً. قال: إن أرادها اللصوص لم يفرغوا بإخراج التبن حتى يدركهم الصباح فيفضحهم، فازداد الحجاج عجباً من ضبطه وسرّبه ووهب له مالاً. ومرّ بالحجاج بن عنبسة رجل في يوم صرّ وهو يرعد، فقال: ما الذي أخرجك من بيتك في مثل هذا اليوم؟ قال: خرجت أشتري لزوجتي برداً. قال: لا كسا الله عريها، أما لها برد؟ قال: نعم ولكنه خلق. قال: ارقعه مادام فيه مستمتع، فإذا لم تبق فيه بقيّة فماطلها أربعة أشهر وعشراعدّة المتوفيّ عنها زوجها. وروى في حديث ليلى مع الحجاج قاسم بن ثابت: قال إسماعيل الآمدي عن محمد بن حاتم النحوي عن الهيثم بن عديّ عن أبي عمرة الأنصاري عن الشعبي أنه شهدها عند الحجاج وفيه " وقال الحجاج: ما جاء بك؟ قالت إخلاف النجوم وكثرة الغروم ". وقول ليلى:

أعدّ لهم مسمومة فارسيّة ... بأيدي رجال يحلبون صراها

تعني نصال الرماح والسهام كأنها مسقية سمّاً من أصابته لم ينج منها، وقيل إنها أرادت

<<  <  ج: ص:  >  >>