للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

منسوب إليها، فمنها زمان طلوعها بالغداة وأوّل ذلك لعشرين يوماً من تمّور وهو وقت صميم الحر، فوغراته وبوارحه منسوبة إليها. قال ساجعهم: " إذا طلعت الشعرى نشف الثرى وأجن الصرى وجعل صاحب النخل يرى ". أجن الصرى: أي تغيّر الماء المجتمع في الغدران والمناقع لشدّة الحرّ وانقطاع الموادّ عنه، وتبيّن صاحب النخل ثمرة نخله لأنه حينئذ يكبر. وقال الفرزدق:

وأوقدت الشعرى مع الصبح نارها ... وأضحت محولاً جلدها يتوسّف

والزمان الثاني وقت طلوعها عشاء وذلك في كانون الآخر إذا كان النوء للذراع وهو وقت صميم البرد. فأصراره وصنابره منسوبة إليها، وهذا الوقت هو الذي أراد الساجع بقوله:

إذا طلعت الشعرى سفراً

يعني سفر العشاء قبل دخول الظلام وذلك على أثر الوسميّ والوليّ، فإن أخلف الوسميّ ثم الوليّ بعده وأتى الشتاء بكلبه وأخوت النجوم فذلك محل لا شك فيه. ولا يجوز أن يريد بذلك طلوعها صبحاً في شدة لأن ذلك الوقت ليس من أزمنة الأمطار. وقال أبو حنيفة: ظنّ قوم أن الساجع أراد طلوع الشعرى بالغداة وقد أخطأوا في ذلك، وحكاه بعضهم عن مؤرّج، فإن كان صدق فإن مؤرّجاً كان قليل المعرفة بهذا الفنّ لأنّ طلوعها بالغداة في صميم الحرّ، فأي زمان مطر

<<  <  ج: ص:  >  >>