للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مشيتم على آثارنا في طريقنا ... وبغيتكم في أن تسودوا وترهبوا

وما زال اليمن منذ كان، معدناً للمتكسبين بالتدين، والمحتالين على السحت بالتزين. وحدثني من سافر إلى تلك الناحية، أن به اليوم جماعة كلهم يزعم أنه القائم المنتظر، فلا يعدم جباية من مالٍ، يصل بها إلى خسيس الآمال.

وحكي لي أن للقرامطة بالأحساء بيتاً يزعمون أن إمامهم يخرج منه، ويقيمون على باب ذلك البيت فرساً بسرجٍ ولجام، ويقولون للهمج والطغام: هذا الفرس لركاب المهدي، يركبه متى ظهر بحق بديٍ. وإنما غرضهم بذلك خدعُ وتعليل، وتوصل إلى المملكة وتضليل.

ومن أعجب ما سمعت أن بعض رؤساء القرامطة في الدهر القديم، لما حضرته المنية جمع أصحابه وجعل يقول لهم لما أحس بالموت: إني قد عزمت على النقلة، وقد كنت بعثت موسى وعيسى ومحمداً، ولا بد لي أن أبعث غير هؤلاء! فعليه اللعنة، لقد كفر أعظم الكفر، في الساعة التي يجب أن يؤمن فيها الكافر، ويؤوب إلى آخرته المسافر.

وأما الوليد بن يزيد فكان عقله عقل وليد، وقد بلغ سن الكهل الجليد، ما أغنته نية سابجة، ولا نفعت البنابجة. وشغل عن الباطية، بجريرة النفس الخاطية. دحاه إلى سقر داحٍ، فما يغترف بالأقداح. وقد رويت له أشعار، يلحق به منها العار، كقوله:

أدنيا مني خليلي ... عبد لا دون الإزار

فلقد أيقنت أني ... غير مبعوثٍ لنار

واتركا من يطلب الجن ... ة يسعى في خسار

سأروض الناس حتى ... يركبوا دين الحمار

<<  <   >  >>