للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

معه في الدّهر الغابر.

والذين يسكنون في الصوامع، متعبدون في الجوامع، يأخذون ما هم عليه كنقل الخبر عن المخبر، لا يميَّزون الصدّق من الكذب لدى المعبّر، فلو أنّ بعضهم ألفى الأسرة من المجوس لخرج مجوسياً، أو من الصّابئة لأصبح لهم قريناً سياً. وإذا المجتهد نكب عن التقّليد، فما يظفر بغير التبليد. وإذا المعقول جعل هادباً، نقع بريه صادياً، ولكن أين من يصبر على أحكام العقل، ويصقل فهمه أبلغ صقل؟ هيهات! عدم ذلك في من تطلع عليه الشمس، ومن ضمنه في الرِّمم رمس، إلىّ أن يشذّ رجل في الأمم، يخص من فضل بعمم.

ربمّا لقينا من نظر في كتب الحكماء، وتبع بعض آثار القدماء، فألفيناه يستحسن قبيح الأمور، ويبتكر بلبّ مغمور، إنّ قدر على فظيع ركبه، وإن عرف واجباً نكبَّه، كأنّ العالم سعوا له في إفقاد، فهو يعتقد شرّ اعتقاد؛ وإنّ أودع وديعه خان، وإن سئل عن شهادة مان، وإن وصف لعليل صفةّ فما يحفل أقتلته بما قال، أم ضاعف عليه الأثقال؛ بل غرضه فيما يكتسب، وهو إلى الحكمة منتسب.

وربّ زارٍ بالجهالة على أهل ملّة، وعلتَّه الباطنة أدهى علَّة، وإن البشر لكما جاء في الكتاب العزيز " كل حزبٍ بما لديهم فرحون ".

والإمامية تقَّربوا بالتعّفير، فعدّه بعض المتدينةٍ ذنباً ليس بغفير، ويحضر المجالس أناس طاغون، كأنهذم للرّشد باغون، وأولئك، علم الله، أصحاب البدع والمكر، ومن لك بزنحٍ في دكر! كم متظاهر باعتزال، وهو مع المخالف في نزال! بزعم أنّ ربّه على الذّرَّة يخلد في النار، بله الدّرهم وبله الدّينار، وما ينفكّ يحتقب المآثم عظائم، ويقع بها في أطائم. ينهمك على العهار والغسق، ويظعن من الأوزار الموبقة

<<  <   >  >>