للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لنظامها. كم ظاّن أنّه يهلك بسيف، فهلك بحجر من خيفٍ.

وموقن أنّ شجبه يقدر على مهادٍ، فألقته الأسل ببعض الوهاد.

والبيتان اللّذان رواهما النّاجم عن أبي الرّومي مقيدان، وما علمت انّه جاء عن الفصحاء هذا الوزن مقيداً، وإلاّ في بيت واحدٍ يتداوله رواة اللّغة، والبيت:

كأن القوم عشُّوا لحم ضأن، ... فهم نعجون قد مالت طلاهم

وهذا البيت مؤسس، والذي قال ابن الروميّ بغير تأسيسٍ.

وما يدري النّاجم، ولعّله بالفكر راجم، أفي الجّنة حصل ذلك الشيّخ أم في السّعير، وما اثقل وسوق العير.

وأما أبو تمّام، فما أمسك من الدّينّ بزمام، والحكاية عن ابن رجاءٍ مشهورة، والمهجة بعينها مبهورة. فغن قذف في النّار حبيب، فما تغني المدح ولا التشّبيب. ولو أنَّ القصائد لها علم، وتأسف لما يشكو الخلم، لأقامت عليه الممدودتان اللتّان في أوّل ديوانه، مأتماً يعجب لأسوانه. فسناحتا عليه كابنتي لبيد، وجرعتاهما من الثكل نظير الهبيد، وقالتا ما زعمّه الكلابيّ في قوله:

وقولا: هو الميت الذّي لا حريمه ... أضاع، ولا خان الصديق ولا غدر

إلى الحول، ثمّ اسم السلاّم عليكما ... ومن بيك حولاً كاملاً، فقد اعتذر

وكأنّي بهما لو قضي ذلك، لاجتمعت إليهما الممدودات، كما تجتمع نساء معدودات. فيجئن من كلّ اواب، ويتوعدون المحفل على نوب.

ولو فعلن ذلك لبهارتهن الباثَّيات بمأتم أعظم زنيناً، وأشد في الحندس حنيناً، كما قال العبقسي:

يجاوبن الكلاب بكلّ فجر ... فقد صحلت من النوح الحلوق.

<<  <   >  >>