للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

تشفي الصُّداع ولا يؤذيه صالبها، ... ولا يخالط منها الرأس تدويم

ويعمد إليها المغترف بكؤوس من العسجد، وأباريق خلقت من الزبرجد، ينظر منها الناظر إلى بديّ، ما حلم به أبو الهنديّ، رحمه الله، فلقد آثر شراب الفانية، ورغب في الدّنية الدّانية. ولا ريب أنّه يروي ديوانه، وهو القائل:

سيغني أبا الهنديّ عن وطب سالمٍ ... أباريق لم يعلق بها وضر الزُّبد

مفدمة قزّاً كأنّ رقابها ... رقاب بنات الماء أفزعها الرعد

هكذا ينشد على الإقواء وبعضهم ينشد:

رقاب بنات الماء ريعت من الرعد

والرواية الأولى إنشاد النحويين. وأبو الهندي إسلاميٌّ، واسمه عبد المؤمن بن عبد القدُّوس، وهذان اسمان شرعيان، وما استشهد بهذا البيت إلا وقائله عند المستشهد فصيح، فإن كان أبو الهنديّ ممن كتب وعرف حروف المعجم فقد أساء في الإقواء، وإن كان بنى الأبيات على السكون، فقد صحَّ قول سعيد بن مسعدة، في أن الطويل من الشعر له أربعة أضرب.

ولو رأى تلك الأباريق أبو زبيد لعلم أنّه كالعبد الماهن أو العبيد، وأنّه ما تشبّث بخيرٍ، ورضي بقليل المير وهزىء بقوله:

وأباريق مثل أعناق طير ال ... ماء قد جيب فوقهن خنيف

هيهات! هذه أباريق، تحملها أباريق، كأنّها في الحسن الأباريق.

فالأولى هي الأباريق المعروفة، والثانية من قولهم: جارية إبريق، إذا كانت تبرق من حسنها: قال الشاعر:

وغيداء إبريقٍ كأن رضابها ... جنى النحل ممزوجاً بصهباء تاجر

والثالثة، من قولهم: سيف إبريق، مأخوذ من البريق. قال ابن أحمر:

تقلدت إبريقاً، وعلقت جعبةً ... لتهلك حيّاً ذا زهاءٍ وجامل

<<  <   >  >>