للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[فتوى رقم (٢٦)]

السؤال

الرجاء إبداء الرأي الشرعي حول أسس توزيع الأرباح بين أصحاب الأسهم وأصحاب ودائع الاستثمار في البنك الإسلامي؟

الجواب

أولا: توزيع الأرباح على مبالغ الأسهم وودائع الاستثمار والودائع الجارية وودائع الادخار بنسبة المبالغ المستثمرة من كل صنف لمعرفة ما يخص كل صنف من الربح توضيح:

(أ) الأرباح التي توزع هي الأرباح قبل خصم المصروفات الإدارية وزكاة الأسهم مطروحا منها عائد الخدمات المصرفية لأن المصروفات الإدارية والزكاة تتحملها الأسهم ولا شأن لودائع الاستثمار بها أما عائد الخدمات فكله من نصيب الأسهم ولا تشارك فيه ودائع الاستثمار لأنها لم تستعمل في تحقيقه

(ب) المصروفات التي تتحملها ودائع الاستثمار (مال المضاربة) هي المصروفات اللازمة لعملية المضاربة مثل نقل البضاعة وتخزينها وأجرة العمال إلخ أما المصروفات الإدارية التي لا تتحملها ودائع الاستثمار وبالتالي لا تخصم قبل توزيع الربح فالمراد بها ما يدفع مقابل إدارة البنك عمل المضارب - لودائع الاستثمار لأن هذه الإدارة يتقاضى البنك مقابلها ٢٥ % من ربح ودائع الاستثمار فلو خصمنا مصاريفها من الربح الإجمالي يكون البنك قد أخذ عليها أجرا مرتين وهذا الحكم متفق مع ما قرره الفقهاء بإجماع عندما يكون المضارب شخصا طبيعيا وتحدث الفقهاء أيضا عن نوع آخر من المصروفات وهي ما ينفقه المضارب على نفسه في الأكل والسكن هل تحسب على مال المضاربة أم لا تحسب واختلفوا في هذا اختلافا كبيرا فقال بعضهم للمضارب أن ينفق على نفسه بالمعروف في السفر دون الحضر وذلك لئلا يمتنع المضاربون عن قبول المضاربات خشية أن ينفقوا رجاء الربح ثم لا يكون وقال بعضهم له أن يأخذ في السفر عن نفقته في الحضر لأنه القدر الذي غرمه من أجل المضاربة وقال بعضهم للمضارب النفقة إذا اشترطت في العقد وجعل له بعضهم غذاءه في الحضر إن كان عمل المضاربة يشغله عن وجوه المكاسب الأخرى وقال بعضهم ليس للمضارب النفقة لا في سفر ولا في حضر لا في قليل ولا في كثير واشتراطها في العقد يفسده لأنه شرط يؤدي إلى انقطاع المضاربة فقد لا يربح إلا مقدار هذه النفقة فيستأثر المضارب بالربح كله - الموسوعة الفقهية الكويت الموضوع ١٠ ص ٨٠ - ٨٤ وقد اختلف الفقهاء المعاصرون أيضا بالنسبة للمصروفات التي تتحملها ودائع الاستثمار في البنوك الإسلامية فرأى بعضهم خصم المصروفات العمومية بما فيها مرتبات الموظفين ورأى آخرون عدم خصم المرتبات ونحوها والاكتفاء بخصم ما يتعلق بعمل المضاربة نفسه من سجلات ومطبوعات خاصة بعمل الاستثمار - تطوير الأعمال المصرفية بما يتفق والشريعة الإسلامية للدكتور سامي محمود ٤٨٩-٤٩٤ وقد تبين للهيئة بعد اطلاعها على مفردات المصروفات الإدارية في البنك أن بعضها مثل التبرعات - لا يصح أن تتحمله ودائع الاستثمار بأي وجه من الوجوه وبعضها يصح أن تتحمل جزءا منه على رأي بعضهم ولكن من الصعب جدا تحديد هذا الجزء ولهذا فهي لا ترى مانعا شرعيا من أن يتحمل البنك كل المصروفات الإدارية مقابل ال ٢٥ % التي يتقاضاها من ربح ودائع الاستثمار وإذا وجد البنك أن هذه النسبة غير مجزية فيمكنه أن يرفعها إلى النسبة المجزية

(ج) عائد العملات الأجنبية جزء من الربح الناتج من الاستثمار تشارك فيه ودائع الاستثمار كما تشارك في ربح أوجه الاستثمار الأخرى

(د) المبالغ المستثمرة من ودائع الاستثمار هي كل المبالغ التي مضت عليها المدة المقررة لاستحقاق الربح أما المبالغ المستثمرة من غيرها فهي ما استثمرت بالفعل وتقديرها متروك لإدارة البنك

ثانيا: بعد معرفة ما يخص كل صنف من الربح يوزع ما يخص الودائع الجارية وودائع الادخار على مبالغ الأسهم وودائع الاستثمار نسبيا توضيح: أشركنا ودائع الاستثمار في الربح الناتج من استثمار الودائع الجارية وودائع الادخار لأن أصحاب ودائع الاستثمار قد فوضوا البنك في التصرف بأموالهم بكل ما يحقق المصلحة وبما أن الأرباح الناتجة من الودائع الجارية وودائع الادخار لا تعطى لأصحابها لأن هذه الأموال تعتبر قرضا من أصحابها مضمونا على البنك وبما أن البنك قد خلط أموال ودائع الاستثمار بأموال الأسهم فإن من المصلحة والعدل أن يعتبر الاقتراض على المالين معا ويكون لهما غنمه وعليهما غرمه هذه وجهة نظر وهناك وجهة نظر أخرى بأن ينفرد البنك أصحاب الأسهم - بربح الحسابات الجارية وودائع الادخار لأن البنك عندما تصرف في هذه الأموال إنما تصرف فيها لمصلحته الخاصة متعهدا بردها لأصحابها في أي وقت يطلبونها ولم يكن في نيته أن يشرك معه أصحاب ودائع الاستثمار وعلى هذا يكون البنك وحده هو المقترض لهذه الأموال له ربحها وعليه خسارتها وليس لأصحاب ودائع الاستثمار حق في أي ربح يأتي نتيجة للتصرف في هذه الأموال كما أنهم لا يضمنون شيئا منها وهذا الرأي له سند من أقوال المتقدمين من الفقهاء وبخاصة الحنفية الذين نصوا على أن الاستدانة على مال المضاربة لا تصح إلا بإذن صريح من رب المال ولا يكفي فيها الإذن العام وليس هناك إذن صريح من أصحاب ودائع الاستثمار للبنك بالاستدانة على ودائعهم وحتى لو وجد هذا الإذن فإنه لا يكون ملزما للبنك وإنما يخول له الحق في الاستدانة بل إن ابن عابدين استظهر أن استدانة النقود على مال المضاربة لا تصح حاشية ابن عابدين ٤ - ٦٧٠ هذا ولا حرج على البنك في العمل بأي من وجهتي النظر في هذا العام على أن يضيف إلى استمارة وديعة الاستثمار نصا يحدد ما سيعمل به في المستقبل وإذا اختار البنك العمل بالرأي الأول القائل بإشراك أصحاب ودائع الاستثمار للأرباح الناتجة من استثمار الحسابات الجارية وودائع الادخار فإنه يجوز له أن يخصم قبل توزيع الأرباح جميع المصروفات العمومية ما عدا المصروفات الخاصة بالجمعية العمومية ومجلس الإدارة لأن عمل الجمعية العمومية وعمل أعضاء مجلس الإدارة هو الذي يتقاضى البنك ٢٥ % من الربح مقابله وينبغي في هذه الحالة إشراك أصحاب ودائع الاستثمار في عائد الخدمات المصرفية لأن ودائعهم شاركت في مصروفاتها أما إذا اختار البنك العمل بالرأي الثاني القائل بعدم إشراك أصحاب ودائع الاستثمار في الأرباح الناتجة من استثمار الحسابات وودائع الادخار فلا يجوز له أن يحمل ودائع الاستثمار سوى الأرباح الخاصة بها فقط

ثالثا: بعد معرفة نصيب ودائع الاستثمار من الربح على الوجه السابق يوزع هذا الربح بين أصحاب ودائع الاستثمار (رب المال) والبنك (المضارب) بنسبة ٣ - ١ (٧٥ % لأصحاب ودائع الاستثمار نظير مالهم و ٢٥ % للبنك نظير إدارته تضاف إلى ربح الأسهم)

رابعا: ينبغي ملاحظة ما وجهت به الهيئة في السنة الماضية وهو أن زكاة الأسهم وأرباحها ومكافأة أعضاء مجلس الإدارة والاحتياطي تخصم من أرباح الأسهم بعد تحديدها ولا تخصم من الربح الكلي قبل توزيعه بين الأسهم وودائع الاستثمار

خامسا: توصي الهيئة بإضافة نص إلى استمارة وديعة الادخار يتضمن الإذن للبنك بالتصرف فيها شبيه بالنص الذي في استمارة طلب فتح الحساب الجاري

<<  <   >  >>