للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[قرار رقم (٤٨)]

السؤال

نرجو إبداء الرأي الشرعي حول السؤال المقدم من الشركة عن إمكان تعاملها بعقد الاستصناع في استثمار أموالها وعن كيفية استفادتها من هذا العقد الذي أصبحت حاجة الاستثمار الاقتصادي تتطلبه كثيرا وعن الوجوه والصور المقبولة شرعا في التعامل به؟

الجواب

إن عقد الاستصناع جائز عند جمهور فقهاء الشريعة وقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم قد استصنع خاتما ولكن اختلفت المذاهب الفقهية في جوازه تبعا لاختلافها في تكييفه - وقد اتفق المجيزون على أن الاستصناع إنما يجري فيما يصنع صنعا ولا يجري فيما لا تدخله الصنعة كالقمح والشعير والأثمار كما اتفقوا على أنه لا يجري إلا فيما يمكن انضباطه بالوصف الذي ينفي الجهالة وظاهر نصوص الحنفية أنه لا يشترط كون المصنوع من الأموال المثلية والتي تثبت ديونا في الذمة ولها أمثال كثيرة في السوق يمكن أن توفي بها الذمة دون فرق يعتد به بل يجوز أن يعقد الاستصناع على صنع شيء من الأموال القيمية مما يصنع بأوصاف خاصة لا مثيل لها بحسب ما يريده المستصنع (المشتري) لكن لا بد أن يكون مما ينضبط بالوصف كذلك قرروا أن للصانع أن يشتري ما صنعه غيره ويسلمه للمستصنع إذا كان موافقا للمواصفات المشروطة وليس ملزما بأن يصنعه بنفسه هذا وقد ظهرت للاستصناع في العصر الحاضر أهمية كبيرة واتسع نطاقه وممارساته واشتدت الحاجة إليه مع تقدم الصناعات وتنوعها في هذا القرن وسابقه ومع ازدياد الاحتياج إلى وسائل استثمارية جديدة في النشاط الاقتصادي تكون مقبولة في قواعد الشريعة الإسلامية وبعد المداولة المستفيضة انتهت الهيئة الشرعية في هذا الموضوع إلى ما يلي:

أولا: يجوز عقد الاستصناع في كل شيء يصنع صنعا وينضبط بالوصف وسواء أكان من الأموال الاستعمالية أو الاستهلاكية إذا وصف في عقد الاستصناع وصفا كافيا نافيا للجهالة وحدد لصنعه وتسليمه أجل ويجوز أن يكون الثمن فيه معجلا أو مؤجلا أو مقسطا

ثانيا: ويكون العقد في هذه الحال لازما على الطرفين وليس للمشتري (المستصنع) خيار رؤية إذا جاء المصنوع موافقا للمواصفات المشروطة

ثالثا: الأشياء الطبيعية التي لا تدخلها صنعة الإنسان كالمنتجات الزراعية من الحبوب والثمار والخضار والفواكه ونحوها لا يجوز فيها عقد الاستصناع وإنما يجوز بيعها سلما بشروطه الشرعية المقررة في فقه المذاهب لكن هذه المنتجات الطبيعية إذا دخلها التصنيع الذي يخرجها عن حالتها الطبيعية كالفواكه واللحوم المعلبة المحفوظة فإنها يجوز أن تباع وتشتري بطريق الاستصناع بالشروط المبينة في البند الأول وهذا يعني أن للشركة أن تشتري سلما منتجات طبيعية ثم تبيعها بعقد استصناع منتجات مصنعة وبناء على ما تقدم ترى الهيئة الشرعية أن لشركة الراجحي أن تمارس عقد الاستصناع في كل ما يصنع صنعا كما في الأمثلة التالية:

أ - يمكن أن تشتري الشركة بطريق الاستصناع سلعا وبضائع منضبطة بالوصف المزيل للجهالة من الأشياء القيمية كسفينة أو سجاجيد لفرش مسجد أو قصر ذات مواصفات خاصة ليس لها أمثال في السوق إلى أجل معين وتدفع ثمنها نقدا عند توقيع العقد أو مؤجلا أو مقسطا وتبيع بعقد آخر سلعا وبضائع تتعهد بصنعها بنفس المواصفات في السلع التي اشترتها استصناعا وإلى أجل بعد الأجل الأول الذي ستتسلم فيه ما استصنعته على أن يدفع المشتري من الشركة الثمن لها كذلك نقدا أو مؤجلا أو مقسطا وللشركة في كلا العقدين (حيث تكون بائعة أو مشترية) أن تأخذ وتعطي الضمانات التي تراها كافية

ب - وكذلك تستطيع الشركة أن تشتري وتبيع بالطريقة الآنفة الشرح نفسها سلعا وبضائع من الأشياء المثلية التي يكثر أمثالها في السوق ويحل بعض أفرادها محل بعض في الوفاء كالكراسي والأدوات ذات المواصفات العالمية الموحدة (ستاندرد) وكذا التي ليست عالمية ولكنها يصنع منها كميات كبيرة للاستعمال أو للاستهلاك بمواصفات واحدة موجودة في الأسواق كالمنسوجات المتجانسة والأواني النموذجية والرقائق المعدنية من حديد أو ألومنيوم أو سواهما إلى غير ذلك من الأموال والأشياء المثلية التي لا تحصى فكل هذه الأنواع تستطيع الشركة أن تدخل فيه بعقد استصناع بصفة (بائعة) مع من يريد شراء كميات كبيرة منه وتعقد عقد استصناع بصفة (مشترية) مع جهة أخرى لتصنع لها المقادير التي التزمت بها في العقد الأول وبالمواصفات نفسها وفى كلا الحالين لها أن تتفق مع الطرف الآخر (البائع الصانع أو المشترى المستصنع) على أن يكون الثمن معجلا أو مؤجلا أو منجما وتجعل وقت تسليم المصنوعات في حالة كونها مشترية قبل موعد التسليم في العقد الذي هي فيه بائعة على أنه في كل الحالات يجب أن لا تتم الإجراءات والعقود بصورة تجعل العملية حيلة على التمويل الربوي وغنى عن البيان أن ما اشترته الشركة بعقد استصناع أو سلم يجوز لها بعد أن تستلم البضاعة أن تبيعه بيعا عاديا بثمن نقدي أو مقسط أو مؤجل بأجل واحد

<<  <   >  >>