للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لها: اذهبي فقد اعتقتك. قال: فقيل له فيما بعد: يا أبا عبد الله أغضبتك الجارية؟ قال: إن كانت أغضبتني فإني أرضيت نفسي بما فعلت (١) .

[محنته وصبره]

لما ورد محمد بن إسماعيل البخاري نيسابور، قال محمد بن يحي الذهلي لأهلها: اذهبوا إلى هذا الرجل الصالح فاسمعوا منه. فذهب الناس إليه، وأقبلوا على السماع منه. حتى ظهر الخلل في مجلس محمد بن يحي، فحسده بعد ذلك وتكلم فيه (٢) فدسّ بعض من يمتحنه في (مسألة اللفظ بالقرآن) فلما حضر الناس مجلس البخاري قام إليه رجل فقال: يا أبا عبد الله ما تقول في اللفظ بالقرآن؟ مخلوق هو أم غير مخلوق؟ فأعرض عنه البخاري ولم يجبه، فقال الرجل: يا أبا عبد الله فأعاد عليه القول، ثم قال في الثالثة، فالتفت إليه البخاري، وقال: القرآن كلام الله غير مخلوق، وأفعال العباد مخلوقة، والامتحان بدعة، فشغّب الرجل وشغّب الناس، وتفرقوا عنه، وقعد البخاري في منزله (٣) .

قال يحي بن سعيد القطان: قال (أي البخاري) : أعمال العباد كلها مخلوقة فمرقوا عليه. وقالوا له بعد ذلك ترجع عن هذا القول حتى نعود إليك قال: لا أفعل إلا أن يجيئوا بحجة فيما يقولون أقوى من حجتي. قال يحي: وأعجبني من محمد بن إسماعيل ثباته (٤) .

قال الحاكم: حدثنا طاهر بن محمد الوراق، سمعت محمد بن شاذل يقول: لما وقع بين محمد بن يحي والبخاري، دخلت على البخاري فقلت يا أبا عبد الله: أيش الحيلة لنا فيما بينك وبين محمد بن يحي؟ كل من يختلف إليك يطرد.


(١) سير أعلام النبلاء: ج١٢ ص٤٥٢، ومقدمة الفتح ص٥٠٤.
(٢) تاريخ بغداد: ج٢ ص٣٠، السير: ج١٢ ص٤٥٣، ومقدمة الفتح ص٥١٥.
(٣) السير: ج١٢ ص٤٠٤، مقدمة الفتح ص٥١٥.
(٤) تاريخ بغداد: ج٢ ص٣٠، السير: ج١٢ ص٤٠٤.

<<  <   >  >>