للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْخُمُسِ الْمُوجَفِ عَلَيْهِ مِنْ الْغَنِيمَةِ، وَهَذَا هُوَ الْمُسَمَّى فِي كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ (قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): قَالَ لِي قَائِلٌ قَدْ احْتَجَجْت بِأَنَّ «النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَعْطَى سَهْمَ ذِي الْقُرْبَى عَامَ خَيْبَرَ ذَوِي الْقُرْبَى» وَخَيْبَرَ مِمَّا أَوْجَفَ عَلَيْهِ فَكَيْفَ زَعَمْت أَنَّ الْخُمُسَ لَهُمْ مِمَّا لَمْ يُوجَفْ عَلَيْهِ؟ فَقُلْت لَهُ وَجَدْت الْمَالَيْنِ أُخِذَا مِنْ الْمُشْرِكِينَ وَخَوَّلَهُمَا بَعْضُ أَهْلِ دِينِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَجَدْت اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى اسْمُهُ حَكَمَ فِي خُمُسِ الْغَنِيمَةِ بِأَنَّهُ عَلَى خَمْسَةٍ؛ لِأَنَّ قَوْلَ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى {لِلَّهِ} مِفْتَاحُ كَلَامِ كُلِّ شَيْءٍ وَلَهُ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ فَأَنْفَذَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِذَوِي الْقُرْبَى حَقَّهُمْ فَلَا يَشُكُّ أَنَّهُ قَدْ أَنْفَذَ لِلْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ حَقَّهُمْ وَأَنَّهُ قَدْ انْتَهَى إلَى كُلِّ مَا أَمَرَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِهِ فَلَمَّا وَجَدْت اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ قَالَ فِي سُورَةِ الْحَشْرِ {وَمَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْهُمْ} الْآيَةَ، فَحَكَمَ فِيهَا حُكْمَهُ فِيمَا أُوجِفَ عَلَيْهِ بِالْخَيْلِ وَالرِّكَابِ وَدَلَّتْ السُّنَّةُ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ الْحُكْمَ عَلَى خُمُسِهَا عَلِمْت أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَدْ أَمْضَى لَكِنْ جَعَلَ اللَّهُ لَهُ شَيْئًا مِمَّا جَعَلَ اللَّهُ لَهُ وَإِنْ لَمْ نُثْبِتْ فِيهِ خَبَرًا عَنْهُ كَخَبَرِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ عَنْهُ فِي سَهْمِ ذِي الْقُرْبَى مِنْ الْمُوجَفِ عَلَيْهِ كَمَا عَلِمْت أَنْ قَدْ أَنْفَذَ لِلْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ فِيمَا أُوجِفَ عَلَيْهِ مِمَّا جُعِلَ لَهُمْ بِشَهَادَةٍ أَقْوَى مِنْ خَبَرِ رَجُلٍ عَنْ رَجُلٍ بِأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ أَدَّى إلَيْهِ رَسُولُهُ كَمَا أَوْجَبَ عَلَيْهِ أَدَاءَهُ وَالْقِيَامَ بِهِ فَقَالَ لِي قَائِلٌ:

فَإِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى جَعَلَ الْخُمُسَ فِيمَا أَوْجَفَ عَلَيْهِ عَلَى خَمْسَةٍ وَجَعَلَ الْكُلَّ فِيمَا لَا يُوجَفُ عَلَيْهِ عَلَى خَمْسَةٍ فَكَيْفَ زَعَمْت أَنَّهُ إنَّمَا لِلْخَمْسَةِ الْخُمُسُ لَا الْكُلُّ؟ فَقُلْت لَهُ مَا أَبْعَدَ مَا بَيْنَك وَبَيْنَ مَنْ يُكَلِّمُنَا فِي إبْطَالِ سَهْمِ ذِي الْقُرْبَى، أَنْتَ تُرِيدُ أَنْ تُثْبِتَ لِذِي الْقُرْبَى خُمُسَ الْجَمِيعِ مِمَّا لَمْ يُوجَفْ عَلَيْهِ بِخَيْلٍ، وَلَا رِكَابٍ وَغَيْرُك يُرِيدُ أَنْ يُبْطِلَ عَنْهُمْ خُمُسَ الْخُمُسِ قَالَ إنَّمَا قَصَدْت فِي هَذَا قَصْدَ الْحَقِّ فَكَيْفَ لَمْ تَقُلْ بِمَا قُلْت بِهِ وَأَنْتَ شَرِيكِي فِي تِلَاوَةِ كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَلَك فِيمَا زَادَ لِذِي الْقُرْبَى؟ فَقُلْت لَهُ إنَّ حَظِّي فِيهِ لَا يَدْعُونِي أَنْ أَذْهَبَ فِيهِ إلَى مَا يَعْلَمُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَنِّي أَرَى الْحَقَّ فِي غَيْرِهِ قَالَ فَمَا دَلَّك عَلَى أَنَّهُ إنَّمَا هُوَ لِمَنْ لَهُ خُمُسُ الْغَنِيمَةِ الْمُوجَفُ عَلَيْهَا خُمُسُ الْفَيْءِ الَّذِي لَمْ يُوجَفْ عَلَيْهِ دُونَ الْكُلِّ.

قُلْت أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ مَالِكِ بْنِ أَوْسِ بْنِ الْحَدَثَانِ عَنْ عُمَرَ قَالَ كَانَتْ بَنُو النَّضِيرِ مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى رَسُولِهِ مِمَّا لَمْ يُوجَفْ عَلَيْهِ بِخَيْلٍ، وَلَا رِكَابٍ فَكَانَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَالِصًا دُونَ الْمُسْلِمِينَ فَقَالَ لَسْت أَنْظُرُ إلَى الْأَحَادِيثِ وَالْقُرْآنُ أَوْلَى بِنَا.

وَلَوْ نَظَرْت إلَى الْحَدِيثِ كَانَ هَذَا الْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَاصَّةً فَقُلْت لَهُ هَذَا كَلَامٌ عَرَبِيٌّ إنَّمَا يَعْنِي رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَا كَانَ يَكُونُ لِلْمُسْلِمِينَ الْمُوجِفِينَ وَذَلِكَ أَرْبَعَةُ أَخْمَاسٍ قَالَ: فَاسْتَدْلَلْت بِخَبَرِ عُمَرَ عَلَى أَنَّ الْكُلَّ لَيْسَ لِأَهْلِ الْخُمُسِ مِمَّا أُوجِفَ عَلَيْهِ قُلْت نَعَمْ قَالَ فَالْخَبَرُ أَنَّهَا لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَاصَّةً فَمَا دَلَّ عَلَى الْخُمُسِ لِأَهْلِ الْخُمُسِ مَعَهُ؟.

قُلْت لَمَّا احْتَمَلَ قَوْلُ عُمَرَ أَنْ يَكُونَ الْكُلُّ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَنْ تَكُونَ الْأَرْبَعَةُ الْأَخْمَاسِ الَّتِي كَانَتْ تَكُونُ لِلْمُسْلِمِينَ فِيمَا أُوجِفَ عَلَيْهِ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دُونَ الْخُمُسِ فَكَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُومُ فِيهَا مَقَامَ الْمُسْلِمِينَ اسْتَدْلَلْنَا بِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فِي الْحَشْرِ {فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى} الْآيَةَ. عَلَى أَنَّ لَهُمْ الْخُمُسَ وَأَنَّ الْخُمُسَ إذَا كَانَ لَهُمْ، وَلَا يُشَكُّ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَلَّمَهُ لَهُمْ فَاسْتَدْلَلْنَا إذَا كَانَ حُكْمُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فِي الْأَنْفَالِ {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ} الْآيَةُ

<<  <  ج: ص:  >  >>