للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَقَالَ لِنَبِيِّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - {وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ}، ثُمَّ أَبَانَ ذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَكَانَ بَيِّنًا وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ إذَا كَانَ مِنْ الصَّلَاةِ نَافِلَةٌ وَفَرْضٌ وَكَانَ الْفَرْضُ مِنْهَا مُؤَقَّتًا أَنْ لَا تُجْزِيَ عَنْهُ صَلَاةٌ إلَّا بِأَنْ يَنْوِيَهَا مُصَلِّيًا (قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَكَانَ عَلَى الْمُصَلِّي فِي كُلِّ صَلَاةٍ وَاجِبَةٍ أَنْ يُصَلِّيَهَا مُتَطَهِّرًا وَبَعْدَ الْوَقْتِ وَمُسْتَقْبِلًا لِلْقِبْلَةِ وَيَنْوِيَهَا بِعَيْنِهَا وَيُكَبِّرَ فَإِنْ تَرَكَ وَاحِدَةً مِنْ هَذِهِ الْخِصَالِ لَمْ تُجْزِهِ صَلَاتُهُ (قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَالنِّيَّةُ لَا تَقُومُ مَقَامَ التَّكْبِيرِ وَلَا تَجْزِيهِ النِّيَّةُ إلَّا أَنْ تَكُونَ مَعَ التَّكْبِيرِ لَا تَتَقَدَّمُ التَّكْبِيرَ وَلَا تَكُونُ بَعْدَهُ فَلَوْ قَامَ إلَى الصَّلَاةِ بِنِيَّةٍ، ثُمَّ عَزَبَتْ عَلَيْهِ النِّيَّةُ بِنِسْيَانٍ، أَوْ غَيْرِهِ، ثُمَّ كَبَّرَ وَصَلَّى لَمْ تُجْزِهِ هَذِهِ الصَّلَاةُ وَكَذَلِكَ لَوْ نَوَى صَلَاةً بِعَيْنِهَا ثُمَّ عَزَبَتْ عَنْهُ نِيَّةُ الصَّلَاةِ الَّتِي قَامَ لَهَا بِعَيْنِهَا وَثَبَتَتْ نِيَّتُهُ عَلَى أَدَاءِ صَلَاةٍ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ إمَّا صَلَاةٌ فِي وَقْتِهَا وَإِمَّا صَلَاةٌ فَائِتَةٌ لَمْ تَجُزْ هَذِهِ الصَّلَاةُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَنْوِهَا بِعَيْنِهَا وَهِيَ لَا تُجْزِيهِ حَتَّى يَنْوِيَهَا بِعَيْنِهَا لَا يَشُكُّ فِيهَا وَلَا يَخْلِطُ بِالنِّيَّةِ سِوَاهَا وَكَذَلِكَ لَوْ فَاتَتْهُ صَلَاةٌ لَمْ يَدْرِ أَهِيَ الظُّهْرُ، أَوْ الْعَصْرُ فَكَبَّرَ يَنْوِي الصَّلَاةَ الْفَائِتَةَ لَمْ تُجْزِ عَنْهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ بِالنِّيَّةِ قَصْدَ صَلَاةٍ بِعَيْنِهَا (قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَلِهَذَا قُلْنَا إذَا فَاتَتْ الرَّجُلَ صَلَاةٌ لَمْ يَدْرِ أَيَّ صَلَاةٍ هِيَ بِعَيْنِهَا صَلَّى الصَّلَوَاتِ الْخَمْسَ يَنْوِي بِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ الصَّلَاةَ الْفَائِتَةَ لَهُ

وَلَوْ فَاتَتْهُ صَلَاتَانِ يَعْرِفُهُمَا فَدَخَلَ فِي إحْدَاهُمَا بِنِيَّةٍ، ثُمَّ شَكَّ فَلَمْ يَدْرِ أَيَّتَهمَا نَوَى وَصَلَّى لَمْ تُجْزِهِ هَذِهِ الصَّلَاةُ عَنْ وَاحِدَةٍ مِنْهَا وَلَا تُجْزِيهِ الصَّلَاةُ حَتَّى يَكُونَ عَلَى يَقِينٍ مِنْ الَّتِي نَوَى

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَلَوْ دَخَلَ فِي صَلَاةٍ بِعَيْنِهَا بِنِيَّةٍ، ثُمَّ عَزَبَتْ عَنْهُ النِّيَّةُ فَصَلَّى الصَّلَاةَ أَجْزَأَتْهُ؛ لِأَنَّهُ دَخَلَهَا وَالنِّيَّةُ مُجْزِئَةٌ لَهُ وَعُزُوبُ النِّيَّةِ لَا يُفْسِدُهَا إذَا دَخَلَهَا وَهِيَ مُجْزِئَةٌ عَنْهُ إذَا لَمْ يَصْرِفْ النِّيَّةَ عَنْهَا

وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا دَخَلَ فِي صَلَاةٍ بِنِيَّةٍ، ثُمَّ صَرَفَ النِّيَّةَ إلَى صَلَاةٍ غَيْرِهَا، أَوْ صَرَفَ النِّيَّةَ إلَى الْخُرُوجِ مِنْهَا وَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ مِنْهَا، ثُمَّ أَعَادَ النِّيَّةَ إلَيْهَا فَقَدْ فَسَدَتْ عَلَيْهِ وَسَاعَةَ يَصْرِفُ النِّيَّةَ عَنْهَا تَفْسُدُ عَلَيْهِ وَيَكُونُ عَلَيْهِ إعَادَتُهَا وَكَذَلِكَ لَوْ دَخَلَهَا بِنِيَّةٍ، ثُمَّ حَدَّثَ نَفْسَهُ أَيَعْمَلُ فِيهَا أَمْ يَدَعُ؟ فَسَدَتْ عَلَيْهِ إذَا أَزَالَ نِيَّتَهُ عَنْ الْمُضِيِّ عَلَيْهَا بِحَالٍ وَلَيْسَ كَاَلَّذِي نَوَى، ثُمَّ عَزَبَتْ نِيَّتُهُ وَلَمْ يَصْرِفْهَا إلَى غَيْرِهِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ عَلَيْهِ ذِكْرُ النِّيَّةِ فِي كُلِّ حِينٍ فِيهَا إذَا دَخَلَ بِهَا

وَلَوْ كَانَ مُسْتَيْقِنًا أَنَّهُ دَخَلَهَا بِنِيَّةٍ، ثُمَّ شَكَّ هَلْ دَخَلَهَا بِنِيَّةٍ أَمْ لَا، ثُمَّ تَذَكَّرَ قَبْلَ أَنْ يُحْدِثَ فِيهَا عَمَلًا أَجْزَأَتْهُ وَالْعَمَلُ فِيهَا قِرَاءَةٌ، أَوْ رُكُوعٌ، أَوْ سُجُودٌ وَلَوْ كَانَ شَكُّهُ هَذَا وَقَدْ سَجَدَ فَرَفَعَ رَأْسَهُ فَسَجَدَ فِيهَا كَانَ هَذَا عَمَلًا وَإِذَا عَمِلَ شَيْئًا مِنْ عَمَلِهَا وَهُوَ شَاكٌّ فِي نِيَّتِهِ أَعَادَ الصَّلَاةَ وَإِنْ ذَكَرَ قَبْلَ أَنْ يَعْمَلَ بِعَمَلِهَا شَيْئًا أَجْزَأَتْهُ الصَّلَاةُ

وَلَوْ دَخَلَ الصَّلَاةَ بِنِيَّةٍ، ثُمَّ صَرَفَ النِّيَّةَ إلَى صَلَاةٍ غَيْرِهَا نَافِلَةٍ، أَوْ فَرِيضَةٍ فَتَمَّتْ نِيَّتُهُ عَلَى الصَّلَاةِ الَّتِي صَرَفَهَا إلَيْهَا لَمْ تُجْزِ عَنْهُ الصَّلَاةُ الْأُولَى الَّتِي دَخَلَ فِيهَا يَنْوِيهَا؛ لِأَنَّهُ صَرَفَ النِّيَّةَ عَنْهَا إلَى غَيْرِهَا وَلَا تُجْزِيهِ الصَّلَاةُ الَّتِي صَرَفَ إلَيْهَا النِّيَّةَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَبْتَدِئْهَا وَإِنْ نَوَاهَا وَلَوْ كَبَّرَ وَلَمْ يَنْوِ صَلَاةً بِعَيْنِهَا ثُمَّ نَوَاهَا لَمْ تُجْزِهِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ دَخَلَ فِي صَلَاةٍ لَمْ يَقْصِدْ قَصْدَهَا بِالنِّيَّةِ

وَلَوْ فَاتَتْهُ ظُهْرٌ وَعَصْرٌ فَدَخَلَ فِي الظُّهْرِ يَنْوِي بِهَا الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ لَمْ تُجْزِهِ صَلَاتُهُ عَنْ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَخُصَّ النِّيَّةَ لِلظُّهْرِ وَلَا الْعَصْرِ

وَلَوْ فَاتَتْهُ صَلَاةٌ لَا يَدْرِي أَيَّ صَلَاةٍ هِيَ فَكَبَّرَ يَنْوِيهَا لَمْ تُجْزِهِ حَتَّى يَنْوِيَهَا بِعَيْنِهَا.

بَابُ مَا يَدْخُلُ بِهِ فِي الصَّلَاةِ مِنْ التَّكْبِيرِ

أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ سَالِمٍ عَنْ سُفْيَانَ بْنِ سَعِيدٍ الثَّوْرِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ ابْنِ الْحَنَفِيَّةِ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «مِفْتَاحُ الصَّلَاةِ الْوُضُوءُ وَتَحْرِيمُهَا التَّكْبِيرُ وَتَحْلِيلُهَا التَّسْلِيمُ» (قَالَ الشَّافِعِيُّ): فَمَنْ أَحْسَنَ التَّكْبِيرَ لَمْ يَكُنْ دَاخِلًا

<<  <  ج: ص:  >  >>