للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَإِذَا أَقَرُّوا بِعَلَفِ دَوَابَّ وَلَمْ يُحَدِّدُوا شَيْئًا عَلَفُوا التِّبْنَ وَالْحَشِيشَ مِمَّا تَحُشَّاهُ الدَّوَابُّ وَلَا يُبَيِّنُ أَنْ يُلْزَمُوا حَبًّا لِدَوَابَّ وَلَا مَا جَاوَزَ أَقَلَّ مَا تَعْلِفُهُ الدَّوَابُّ إلَّا بِإِقْرَارِهِمْ وَلَا يَجُوزُ بِأَنْ يُحْمَلَ عَلَى الرَّجُلِ مِنْهُمْ فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ ضِيَافَةٌ إلَّا بِقَدْرِ مَا يَحْتَمِلُ أَنْ احْتَمَلَ وَاحِدًا أَوْ اثْنَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةً وَلَا يَجُوزُ عِنْدِي أَنْ يُحْمَلَ عَلَيْهِ أَكْثَرُ مِنْ ثَلَاثَةٍ وَإِنْ أَيْسَرَ إلَّا بِإِقْرَارِهِمْ وَيُؤْخَذُ بِأَنْ يُنَزِّلَ الْمُسْلِمِينَ الَّذِينَ يُضَيِّفُهُمْ حَيْثُ يَشَاءُ مِنْ مَنَازِلِهِ الَّتِي يَنْزِلُهَا السُّفَرُ الَّتِي تَكُنْ مِنْ مَطَرٍ وَبَرْدٍ وَحَرٍّ وَإِنْ لَمْ يُقِرُّوا بِهَذَا فَعَلَى الْإِمَامِ أَنْ يُبَيِّنَ إذَا صَالَحَهُمْ كَيْفَ يُضَيِّفُ الْمُوسِرَ الَّذِي بَلَغَ يُسْرُهُ كَذَا وَيَصِفُ مَا يُضَيِّفُ مِنْ الطَّعَامِ وَالْعَلَفِ وَعَدَدِ مَنْ يُضَيِّفُهُ مِنْ الْمُسْلِمِينَ وَعَلَى الْوَسَطِ الَّذِي يَبْلُغُ مَالُهُ عَدَدَ كَذَا مِنْ الْأَصْنَافِ وَعَلَى مَنْ عِنْدَهُ فَضْلٌ عَنْ نَفْعِهِ وَأَهْلِ بَيْتِهِ عَدَدَ كَذَا وَاحِدًا أَوْ أَكْثَرَ مِنْهُ وَمَنَازِلُهُمْ وَمَا يُقْرِي كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ لِيَكُونَ ذَلِكَ مَعْلُومًا إذَا نَزَلَ بِهِمْ الْجُمُوعُ وَمَرَّتْ الْجُيُوشُ فَيُؤْخَذُونَ بِهِ وَيُجْعَلُ ذَلِكَ كُلُّهُ مُدَوَّنًا مَشْهُودًا عَلَيْهِ بِهِ لِيَأْخُذَهُ مَنْ وَلِيَهُمْ مِنْ وُلَاتِهِ بَعْدَهُ وَيَكْتُبُ فِي كِتَابِهِمْ أَنَّ كُلَّ مَنْ كَانَ مُعْسِرًا فَرَجَعَ إلَى مَالِهِ حَتَّى يَكُونَ مُوسِرًا نُقِلَ إلَى ضِيَافَةِ الْمَيَاسِيرِ.

الصُّلْحُ عَلَى الِاخْتِلَافِ فِي بِلَادِ الْمُسْلِمِينَ

(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَلَا أُحِبُّ أَنْ يَدَعَ الْوَالِي أَحَدًا مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ فِي صُلْحٍ إلَّا مَكْشُوفًا مَشْهُودًا عَلَيْهِ وَأُحِبُّ أَنْ يَسْأَلَ أَهْلَ الذِّمَّةِ عَمَّا صَالَحُوا عَلَيْهِ مِمَّا يُؤْخَذُ مِنْهُمْ إذَا اخْتَلَفُوا فِي بِلَادِ الْمُسْلِمِينَ فَإِنْ أَنْكَرَتْ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ أَنْ تَكُونَ صَالَحَتْ عَلَى شَيْءٍ يُؤْخَذُ مِنْهَا سِوَى الْجِزْيَةِ لَمْ يُلْزِمْهَا مَا أَنْكَرَتْ وَعَرَضَ عَلَيْهَا إحْدَى خَصْلَتَيْنِ أَنْ لَا تَأْتِيَ الْحِجَازَ بِحَالٍ أَوْ تَأْتِيَ الْحِجَازَ عَلَى أَنَّهَا مَتَى أَتَتْ الْحِجَازَ أَخَذَ مِنْهَا مَا صَالَحَهَا عَلَيْهِ عُمَرُ وَزِيَادَةً إنْ رَضِيَتْ بِهِ وَإِنَّمَا قُلْنَا لَا تَأْتِي الْحِجَازَ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَجْلَاهَا مِنْ الْحِجَازِ وَقُلْنَا تَأْتِيهِ عَلَى مَا أَخَذَ عُمَرُ أَنْ لَيْسَ فِي إجْلَائِهَا مِنْ الْحِجَازِ أَمْرٌ يُبَيِّنُ أَنْ يَحْرُمَ أَنْ تَأْتِيَ الْحِجَازَ مُنْتَابَةً وَإِنْ رَضِيَتْ بِإِتْيَانِ الْحِجَازِ عَلَى شَيْءٍ مِثْلِ مَا أَخَذَ عُمَرُ أَوْ أَكْثَرَ مِنْهُ أَذِنَ لَهَا أَنْ تَأْتِيَهُ مُنْتَابَةً لَا تُقِيمُ بِبَلَدٍ مِنْهُ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثٍ فَإِنْ لَمْ تَرْضَ مَنَعَهَا مِنْهُ وَإِنْ دَخَلَتْهُ بِلَا إذْنٍ لَمْ يُؤْخَذْ مِنْ مَالِهَا شَيْءٌ وَأَخْرَجَهَا مِنْهُ وَعَاقَبَهَا إنْ عَلِمَتْ مَنْعَهُ إيَّاهَا وَلَمْ يُعَاقِبْهَا إنْ لَمْ تَعْلَمْ مَنْعَهُ إيَّاهَا وَتَقَدَّمَ إلَيْهَا فَإِنْ عَادَتْ عَاقَبَهَا وَيَقْدَمُ إلَى وُلَاتِهِ أَنْ لَا يُجِيزُوا بِلَادَ الْحِجَازِ إلَّا بِالرِّضَا وَالْإِقْرَارِ بِأَنْ يُؤْخَذَ مِنْهُمْ مَا أَخَذَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَإِنْ زَادُوهُ عَلَيْهَا شَيْئًا لَمْ يَحْرُمْ عَلَيْهِ فَكَانَ أَحَبَّ إلَيَّ وَإِنْ عَرَضُوا عَلَيْهِ أَقَلَّ مِنْهُ لَمْ أُحِبَّ أَنْ يَقْبَلَهُ.

وَإِنْ قَبِلَهُ لِخَلَّةٍ بِالْمُسْلِمِينَ رَجَوْت أَنْ يَسَعَهُ ذَلِكَ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَحْرُمْ أَنْ يَأْتُوا الْحِجَازَ مُجْتَازِينَ لَمْ يَحِلَّ إتْيَانُهُمْ الْحِجَازَ كَثِيرٌ يُؤْخَذُ مِنْهُمْ وَيُحَرِّمُهُ قَلِيلٌ وَإِذَا قَالُوا نَأْتِيهَا بِغَيْرِ شَيْءٍ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ لِلْوَالِي وَلَا لَهُمْ وَيَجْتَهِدُ أَنْ يَجْعَلَ هَذَا عَلَيْهِمْ فِي كُلِّ بَلَدٍ انْتَابُوهُ فَإِنْ مُنِعُوا مِنْهُ فِي الْبُلْدَانِ فَلَا يَبِينُ لِي أَنَّ لَهُ أَنْ يَمْنَعَهُمْ بَلَدًا غَيْرَ الْحِجَازِ وَلَا يَأْخُذُ مِنْ أَمْوَالِهِمْ وَإِنْ اتَّجَرُوا فِي بَلَدٍ غَيْرِ الْحِجَازِ شَيْئًا وَلَا يَحِلُّ أَنْ يُؤْذَنَ لَهُمْ فِي مَكَّةَ بِحَالٍ وَإِنْ أَتَوْهَا عَلَى الْحِجَازِ أَخَذَ مِنْهُمْ ذَلِكَ وَإِنْ جَاءُوهَا عَلَى غَيْرِ شَرْطٍ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُمْ شَيْئًا وَعَاقَبَهُمْ إنْ عَلِمُوا نَهْيَهُ عَنْ إتْيَانِ مَكَّةَ وَلَمْ يُعَاقِبْهُمْ إنْ لَمْ يَعْلَمُوا (قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَيَنْبَغِي أَنْ يَبْتَدِئَ صُلْحَهُمْ عَلَى الْبَيَانِ مِنْ جَمِيعِ مَا وَصَفْت ثُمَّ يُلْزِمَهُمْ مَا صَالَحُوا عَلَيْهِ فَإِنْ أَغْفَلَهُمْ مَنَعَهُمْ الْحِجَازَ كُلَّهُ فَإِنْ دَخَلُوهُ بِغَيْرِ صُلْحٍ لَمْ يَأْخُذْ مِنْهُمْ شَيْئًا وَلَا يَبِينُ لِي أَنْ يَمْنَعَهُمْ غَيْرَ الْحِجَازِ

<<  <  ج: ص:  >  >>