للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَهُ أَنْ يَمْلِكَ ثَمَنَ خَمْرٍ، وَلَا آمُرُ الذِّمِّيَّ أَنْ يَرُدَّ الْخَمْرَ عَلَى الْمُسْلِمِ وَأُهْرِيقَهَا عَلَى الذِّمِّيِّ إذَا كَانَ مَلَكَهَا عَلَى الْمُسْلِمِ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ كَمَالِهِ وَإِنْ كَانَ الْمُسْلِمُ الْقَابِضُ لِلْخَمْرِ يَرُدُّ ثَمَنَ الْخَمْرِ عَلَى الْمُسْلِمِ وأهريقت الْخَمْرُ لِأَنِّي لَا أَقْضِي عَلَى مُسْلِمٍ أَنْ يَرُدَّ خَمْرًا. وَيَجُوزُ أَنْ أُهْرِيقَهَا لِأَنَّ الذِّمِّيَّ عَصَى بِإِخْرَاجِهَا إلَى الْمُسْلِمِ مَعَ مَعْصِيَتِهِ بِمِلْكِهَا وَأَخْرَجَهَا طَائِعًا فَأَدَّبْته بِإِهْرَاقِهَا لَمْ أَكُنْ أُهْرِيقَهَا وَلَمْ يَأْذَنْ فِيهَا إنَّمَا أُهْرِيقَهَا بَعْدَ مَا أَذِنَ فِيهَا بِالْبَيْعِ وَإِنْ جَاءَتْنَا امْرَأَةُ الذِّمِّيِّ قَدْ نَكَحَتْهُ فِي بَقِيَّةٍ مِنْ عِدَّتِهَا مِنْ زَوْجٍ غَيْرِهِ فَرَّقْنَا بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا لِحَقِّ الزَّوْجِ الْأَوَّلِ وَلَيْسَ هَذَا كَفَسَادِ عُقْدَةٍ نُجِيزُهَا لَهُ إذَا كَانَتْ جَائِزَةً عِنْدَهُ لَا ضَرَرَ فِيهَا عَلَى غَيْرِهِ وَلَا تَجُوزُ فِي الْإِسْلَامِ بِحَالٍ وَإِنْ طَلَّقَ رَجُلٌ امْرَأَتَهُ ثَلَاثًا ثُمَّ تَزَوَّجَهَا وَذَلِكَ جَائِزٌ عِنْدَهُ فَسَخْنَا النِّكَاحَ وَجَعَلْنَا لَهَا مَهْرَ مِثْلِهَا إنْ أَصَابَهَا وَلَمْ تَحِلَّ لَهُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ يُصِيبُهَا فَإِذَا نَكَحَتْ زَوْجًا غَيْرَهُ مُسْلِمًا أَوْ ذِمِّيًّا فَأَصَابَهَا حَلَّ لَهُ نِكَاحُهَا.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَتَبْطُلُ بَيْنَهُمْ الْبُيُوعُ الَّتِي تَبْطُلُ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ كُلُّهَا فَإِذَا مَضَتْ وَاسْتُهْلِكَتْ لَمْ نُبْطِلْهَا إنَّمَا نُبْطِلُهَا مَا كَانَتْ قَائِمَةً وَإِنْ جَاءَنَا عَبْدُ أَحَدِهِمْ قَدْ أَعْتَقَهُ أَعْتَقْنَا عَلَيْهِ وَإِنْ كَاتَبَهُ كِتَابَةً جَائِزَةً عِنْدَمَا أَجَزْنَاهَا لَهُ أَوْ أُمُّ وَلَدٍ يُرِيدُ بَيْعَهَا لَمْ نَدَعْهُ يَبِيعُهَا فِي قَوْلِ مَنْ لَا يَبِيعُ أُمَّ الْوَلَدِ وَيَبِيعُهَا فِي قَوْلِ مَنْ يَبِيعُ أُمَّ الْوَلَدِ فَإِذَا أَسْلَمَ عَبْدُ الذِّمِّيِّ بِيعَ عَلَيْهِ فَإِنْ أَعْتَقَهُ الذِّمِّيُّ أَوْ وَهَبَهُ أَوْ تَصَدَّقَ بِهِ وَأَقْبَضَهُ فَكُلُّ ذَلِكَ جَائِزٌ لِأَنَّهُ مَالِكُهُ وَوَلَاؤُهُ لِلذِّمِّيِّ لِأَنَّهُ الَّذِي أَعْتَقَهُ وَلَا يَرِثُهُ إنْ مَاتَ بِالْوَلَاءِ لِاخْتِلَافِ الدِّينَيْنِ، فَإِنْ أَسْلَمَ قَبْلَ أَنْ يَمُوتَ ثُمَّ مَاتَ وَرِثَهُ بِالْوَلَاءِ وَهَكَذَا أَمَتُهُ فَإِنْ أَسْلَمَتْ أُمُّ وَلَدِهِ عُزِلَ عَنْهَا وَأُخِذَ بِنَفَقَتِهَا وَكَانَ لَهُ أَنْ يُؤَاجِرَهَا فَإِذَا مَاتَ فَهِيَ حُرَّةٌ وَإِنْ دَبَّرَ عَبْدًا لَهُ فَأَسْلَمَ الْعَبْدُ قَبْلَ مَوْتِ السَّيِّدِ فَفِيهَا قَوْلَانِ، أَحَدُهُمَا أَنْ يُبَاعَ عَلَيْهِ كَمَا يُبَاعُ عَبْدُهُ لَوْ قَالَ لَهُ أَنْتَ حُرٌّ إذَا دَخَلْت الدَّارَ أَوْ كَانَ غَدٌ أَوْ جَاءَ شَهْرُ كَذَا وَالْآخَرُ لَا يُبَاعُ حَتَّى يَمُوتَ فَيَعْتِقَ إلَّا أَنْ يَشَاءَ السَّيِّدُ بَيْعَهُ فَإِذَا شَاءَ جَازَ بَيْعُهُ وَإِنْ كَاتَبَ عَبْدَهُ فَأَسْلَمَ الْعَبْدُ قِيلَ لِلْمُكَاتَبِ إنْ شِئْت فَاتْرُكْ الْكِتَابَةَ وَتُبَاعُ وَإِنْ شِئْت فَأَنْتَ عَلَى الْكِتَابَةِ فَإِذَا أَدَّيْت عَتَقْت وَمَتَى عَجَزْت أُبِعْتَ وَهَكَذَا لَوْ أَسْلَمَ الْعَبْدُ ثُمَّ كَاتَبَهُ سَيِّدُهُ النَّصْرَانِيُّ أَوْ أَسْلَمَ ثُمَّ دَبَّرَ أَوْ أَسْلَمَتْ أَمَتُهُ ثُمَّ وَطِئَهَا فَحَبِلَتْ لِأَنَّهُ مَالِكٌ لَهُمْ فِي هَذِهِ الْحَالِ وَلَا حَدَّ عَلَيْهِ وَلَا عَلَيْهَا، وَإِذَا جَنَى النَّصْرَانِيُّ عَلَى النَّصْرَانِيِّ عَمْدًا فَالْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ بِالْخِيَارِ بَيْنَ الْقَوَدِ وَالْعَقْلِ إنْ كَانَ جَنَى جِنَايَةً فِيهَا الْقَوَدُ فَإِذَا اخْتَارَ الْعَقْلَ فَهُوَ حَالٌّ فِي مَالِ الْجَانِي، وَإِنْ كَانَتْ الْجِنَايَةُ خَطَأً فَعَلَى عَاقِلَةِ الْجَانِي كَمَا تَكُونُ عَلَى عَوَاقِلِ الْمُسْلِمِينَ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْجَانِي عَاقِلَةٌ فَالْجِنَايَةُ فِي مَالِهِ دَيْنٌ يُتْبَعُ بِهَا وَلَا يَعْقِلُ عَنْهُ النَّصَارَى وَلَا قَرَابَةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ وَهُمْ لَا يَرِثُونَ وَلَا يَعْقِلُ الْمُسْلِمُونَ عَنْهُ وَهُمْ لَا يَأْخُذُونَ مَا تَرَكَ إذَا مَاتَ مِيرَاثًا إنَّمَا يَأْخُذُونَهُ فَيْئًا.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَوُلَاةُ دِمَاءِ النَّصَارَى كَوُلَاةِ دِمَاءِ الْمُسْلِمِينَ إلَّا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ بَيْنَهُمْ شَهَادَةٌ إلَّا شَهَادَةُ الْمُسْلِمِينَ وَيَجُوزُ إقْرَارُهُمْ بَيْنَهُمْ كَمَا يَجُوزُ إقْرَارُ الْمُسْلِمِينَ بَعْضِهِمْ لِبَعْضٍ وَكُلُّ حَقٍّ بَيْنَهُمْ يُؤْخَذُ لِبَعْضِهِمْ مِنْ بَعْضٍ كَمَا يُؤْخَذُ لِلْمُسْلِمِينَ بَعْضِهِمْ مِنْ بَعْضٍ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): فَإِذَا أَهَرَاقَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ لِصَاحِبِهِ خَمْرًا أَوْ قَتَلَ لَهُ خِنْزِيرًا أَوْ حَرَقَ لَهُ مَيْتَةً أَوْ خِنْزِيرًا أَوْ جِلْدَ مَيْتَةٍ لَمْ يُدْبَغْ لَمْ يَضْمَنْ لَهُ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا لِأَنَّ هَذَا حَرَامٌ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ لِلْحَرَامِ ثَمَنٌ وَلَوْ كَانَتْ الْخَمْرُ فِي زِقٍّ فَخَرَقَهُ أَوْ جَرَّةٍ فَكَسَرَهَا ضَمِنَ مَا نَقَصَ الْجَرَّ أَوْ أَحَلَفَهُ وَلَمْ يَضْمَنْ الْخَمْرَ لِأَنَّهُ يَحِلُّ مِلْكُ الزِّقِّ وَالْجَرَّةِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الزِّقُّ مِنْ مَيْتَةٍ لَمْ يُدْبَغْ أَوْ جِلْدِ خِنْزِيرٍ دُبِغَ أَوْ لَمْ يُدْبَغْ فَلَا يَكُونُ لَهُ ثَمَنٌ وَلَوْ كَسَرَ لَهُ صَلِيبًا مِنْ ذَهَبٍ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ شَيْءٌ وَلَوْ كَسَرَهُ مِنْ عُودٍ وَكَانَ الْعُودُ إذَا فُرِّقَ لَمْ يَكُنْ صَلِيبًا يَصْلُحُ لِغَيْرِ الصَّلِيبِ فَعَلَيْهِ مَا نَقَصَ الْكَسْرُ الْعُودَ، وَكَذَلِكَ لَوْ كَسَرَ لَهُ تِمْثَالًا مِنْ ذَهَبٍ أَوْ خَشَبٍ يَعْبُدُهُ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ فِي الذَّهَبِ شَيْءٌ وَلَمْ يَكُنْ أَيْضًا فِي الْخَشَبِ شَيْءٌ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْخَشَبُ مَوْصُولًا فَإِذَا فُرِّقَ صَلُحَ لِغَيْرِ تِمْثَالٍ فَيَكُونَ عَلَيْهِ مَا نَقَصَ كَسْرُ الْخَشَبِ لَا مَا نَقَصَ قِيمَةَ الصَّنَمِ

<<  <  ج: ص:  >  >>