للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْفَرَائِضُ وَرَدَّهُ إذَا لَمْ يَبْلُغْهَا وَفَعَلَ ذَلِكَ مَعَ بِضْعَةَ عَشَرَ رَجُلًا مِنْهُمْ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ وَرَافِعُ بْنُ خَدِيجٍ وَغَيْرُهُمْ» فَمَنْ لَمْ يَسْتَكْمِلْ خَمْسَ عَشَرَةَ وَلَمْ يَحْتَلِمْ قَبْلَهَا فَلَا جِهَادَ وَلَا حَدَّ عَلَيْهِ فِي شَيْءٍ مِنْ الْحُدُودِ وَسَوَاءٌ كَانَ جَسِيمًا شَدِيدًا مُقَارِبًا لَخَمْسَ عَشَرَةَ وَلَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ اسْتِكْمَالِهَا إلَّا يَوْمًا أَوْ ضَعِيفًا مُودِيًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اسْتِكْمَالِهَا سَنَةٌ أَوْ سَنَتَانِ لِأَنَّهُ لَا يُحَدُّ عَلَى الْخَلْقِ إلَّا بِكِتَابٍ أَوْ سُنَّةٍ فَأَمَّا إدْخَالُ الْغَفْلَةِ مَعَهُمَا فَالْغَفْلَةُ مَرْدُودَةٌ إذَا لَمْ تَكُنْ خِلَافَهُمَا فَكَيْفَ إذَا كَانَتْ بِخِلَافِهِمَا؟ (قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَحَدُّ الْبُلُوغِ فِي أَهْلِ الشِّرْكِ الَّذِينَ يُقْتَلُ بَالِغُهُمْ وَيُتْرَكُ غَيْرُ بَالِغِهِمْ أَنْ يُنْبِتُوا الشَّعْرَ وَذَلِكَ أَنَّهُمْ فِي الْحَالِ الَّتِي يُقْتَلُونَ فِيهَا مُدَافِعُونَ لِلْبُلُوغِ لِئَلَّا يُقْتَلُوا وَغَيْرُ مَشْهُودٍ عَلَيْهِمْ فَلَوْ شَهِدَ عَلَيْهِمْ أَهْلُ الشِّرْكِ لَمْ يَكُونُوا مِمَّنْ تَجُوزُ شَهَادَتُهُمْ وَأَهْلُ الْإِسْلَامِ يَشْهَدُونَ بِالْبُلُوغِ عَلَى مَنْ بَلَغَ فَيُصَدَّقُونَ بِالْبُلُوغِ. فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: فَهَلْ مِنْ خَبَرٍ سِوَى الْفَرْقِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُشْرِكِينَ فِي حَدِّ الْبُلُوغِ؟ قِيلَ: نَعَمْ كَشَفَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَنِي قُرَيْظَةَ حِينَ قَتَلَ مُقَاتِلَتِهِمْ وَسَبَى ذَرَارِيِّهِمْ فَكَانَ فِي سُنَّتِهِ أَنْ لَا يُقْتَلَ إلَّا رَجُلٌ بَالِغٌ فَمَنْ كَانَ أَنْبَتَ قَتَلَهُ وَمَنْ لَمْ يَكُنْ أَنْبَتَ سَبَاهُ فَإِذَا غَزَا الْبَالِغُ فَحَضَرَ الْقِتَالَ فَسَهْمُهُ ثَابِتٌ وَإِذَا حَضَرَ مَنْ دُونَ الْبُلُوغِ فَلَا سَهْمَ لَهُ فَيُرْضَخُ لَهُ وَلِلْعَبْدِ، وَالْمَرْأَةِ وَالصَّبِيِّ يَحْضُرُونَ الْغَنِيمَةَ وَلَا يُسْهَمُ لَهُمْ وَيُرْضَخُ أَيْضًا لِلْمُشْرِكِ يُقَاتِلُ مَعَهُمْ وَلَا يُسْهَمُ لَهُ.

الِاسْتِعَانَةُ بِأَهْلِ الذِّمَّةِ عَلَى قِتَالِ الْعَدُوِّ

(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): الَّذِي رَوَى مَالِكٌ كَمَا رَوَى «رَدَّ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُشْرِكًا أَوْ مُشْرِكِينَ فِي غُزَاةِ بَدْرٍ وَأَبَى أَنْ يَسْتَعِينَ إلَّا بِمُسْلِمٍ ثُمَّ اسْتَعَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعْدَ بَدْرٍ بِسَنَتَيْنِ فِي غُزَاةِ خَيْبَرَ بِعَدَدٍ مِنْ يَهُودِ بَنِي قَيْنُقَاعِ كَانُوا أَشِدَّاءَ وَاسْتَعَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي غُزَاةِ حُنَيْنٍ سَنَةَ ثَمَانٍ بِصَفْوَانَ بْنِ أُمَيَّةَ وَهُوَ مُشْرِكٌ» فَالرَّدُّ الْأَوَّلُ إنْ كَانَ لِأَنَّ لَهُ الْخِيَارُ أَنْ يَسْتَعِينَ بِمُسْلِمٍ أَوْ يَرُدَّهُ كَمَا يَكُونُ لَهُ رَدُّ الْمُسْلِمِ مِنْ مَعْنَى يَخَافُهُ مِنْهُ أَوْ لِشِدَّةٍ بِهِ فَلَيْسَ وَاحِدٌ مِنْ الْحَدِيثَيْنِ مُخَالِفًا لِلْآخَرِ وَإِنْ كَانَ رَدَّهُ لِأَنَّهُ لَمْ يَرَ أَنْ يَسْتَعِينَ بِمُشْرِكٍ فَقَدْ نَسَخَهُ مَا بَعْدَهُ مِنْ اسْتِعَانَتِهِ بِمُشْرِكِينَ فَلَا بَأْسَ أَنْ يُسْتَعَانَ بِالْمُشْرِكِينَ عَلَى قِتَالِ الْمُشْرِكِينَ إذَا خَرَجُوا طَوْعًا وَيُرْضَخُ لَهُمْ وَلَا يُسْهَمُ لَهُمْ وَلَمْ يَثْبُتْ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ أَسْهَمَ لَهُمْ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَتْرُكَ الْعَبِيدَ مِنْ الْمُسْلِمِينَ بِلَا سَهْمٍ وَغَيْرِ الْبَالِغِينَ وَإِنْ قَاتَلُوا وَالنِّسَاءِ وَإِنْ قَاتَلْنَ لِتَقْصِيرِ هَؤُلَاءِ عَنْ الرَّجُلِيَّةُ وَالْحُرِّيَّةِ وَالْبُلُوغِ وَالْإِسْلَامِ وَيُسْهَمُ لِلْمُشْرِكِ وَفِيهِ التَّقْصِيرُ الْأَكْثَرُ مِنْ التَّقْصِيرِ عَنْ الْإِسْلَامِ وَهَذَا قَوْلُ مَنْ حَفِظْت عَنْهُ وَإِنْ أُكْرِهَ أَهْلُ الذِّمَّةِ عَلَى أَنْ يَغْزُوا فَلَهُمْ أَجْرُ مِثْلِهِمْ فِي مِثْلِ مَخْرَجِهِمْ مِنْ أَهْلِهِمْ إلَى أَنْ تَنْقَضِيَ الْحَرْبُ وَإِرْسَالُهُمْ إيَّاهُمْ وَأَحَبُّ إلَيَّ إذَا غَزَا بِهِمْ لَوْ اُسْتُؤْجِرُوا.

<<  <  ج: ص:  >  >>