للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إحْلَالُ مَا يَمْلِكُهُ الْعَدُوُّ

(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَإِذَا دَخَلَ الْقَوْمُ بِلَادَ الْعَدُوِّ فَأَصَابُوا مِنْهَا شَيْئًا سِوَى الطَّعَامِ فَأَصْلُ مَا يُصِيبُونَهُ سِوَى الطَّعَامِ شَيْئَانِ: أَحَدُهُمَا مَحْظُورٌ أَخْذُهُ غُلُولٌ وَالْآخَرُ مُبَاحٌ لِمَنْ أَخَذَهُ. فَأَصْلُ مَعْرِفَةِ الْمُبَاحِ مِنْهُ أَنْ يُنْظَرَ إلَى بِلَادِ الْإِسْلَامِ فَمَا كَانَ فِيهَا مُبَاحًا مِنْ شَجَرٍ لَيْسَ يَمْلِكُهُ الْآدَمِيُّ أَوْ صَيْدٌ مِنْ بَرٍّ أَوْ بَحْرٍ فَأَخَذَ مِثْلَهُ فِي بِلَادِ الْعَدُوِّ فَهُوَ مُبَاحٌ لِمَنْ أَخَذَهُ يَدْخُلُ فِي ذَلِكَ الْقَوْسُ يَقْطَعُهَا الرَّجُلُ مِنْ الصَّحْرَاءِ أَوْ الْجَبَلُ وَالْقَدَحُ يَنْحِتُهُ وَمَا شَاءَ مِنْ الْخَشَبِ وَمَا شَاءَ مِنْ الْحِجَارَةِ الْبِرَامِ وَغَيْرِهَا إذَا كَانَتْ غَيْرَ مَمْلُوكَةٍ مُحْرَزَةٍ. فَكُلُّ مَا أُصِيبَ مِنْ هَذِهِ فَهُوَ لِمَنْ أَخَذَهُ لِأَنَّ أَصْلَهُ مُبَاحٌ غَيْرُ مَمْلُوكٍ وَكُلُّ مَا مَلَكَهُ الْقَوْمُ فَأَحْرَزُوهُ فِي مَنَازِلِهِمْ فَهُوَ مَمْنُوعٌ مِثْلُ حَجَرٍ نَقَلُوهُ إلَى مَنَازِلِهِمْ أَوْ عُودٍ أَوْ غَيْرِهِ أَوْ صَيْدٍ فَأَخْذُ هَذَا غُلُولٌ.

الْبَازِي الْمُعَلَّمُ وَالصَّيْدُ الْمُقَرَّطُ وَالْمُقَلَّدُ

(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَإِذَا أَخَذَ الرَّجُلُ بَازِيًا مُعَلَّمًا فَهَذَا لَا يَكُونُ إلَّا مَمْلُوكًا وَيَرُدُّهُ فِي الْغُنْمِ وَهَكَذَا إنْ أَخَذَ صَيْدًا مُقَلَّدًا أَوْ مُقَرَّطًا أَوْ مَوْسُومًا فَكُلُّ هَذَا قَدْ عُلِمَ أَنَّهُ قَدْ كَانَ لَهُ مَالِكٌ وَهَكَذَا إنْ وَجَدَ فِي الصَّحْرَاءِ وَتَدًا مَنْحُوتًا أَوْ قَدَحًا مَنْحُوتًا كَانَ النَّحْتُ دَلِيلًا عَلَى أَنَّهُ مَمْلُوكٌ فَيُعَرَّفُ فَإِنْ عَرَفَهُ الْمُسْلِمُونَ فَهُوَ لَهُمْ وَإِنْ لَمْ يَعْرِفُوهُ فَهُوَ مَغْنَمٌ لِأَنَّهُ فِي بِلَادِ الْعَدُوِّ.

فِي الْهِرِّ وَالصَّقْرِ

(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَمَا وَجَدْنَا مِنْ أَمْوَالِ الْعَدُوِّ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ لَهُ ثَمَنٌ مِنْ هِرٍّ أَوْ صَقْرٍ فَهُوَ مَغْنَمٌ وَمَا أُصِيبَ مِنْ الْكِلَابِ فَهُوَ مَغْنَمٌ إنْ أَرَادَهُ أَحَدٌ لِصَيْدٍ أَوْ مَاشِيَةٍ أَوْ زَرْعٍ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْجَيْشِ أَحَدٌ يُرِيدُهُ لِذَلِكَ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ حَبْسُهُ لِأَنَّ مَنْ اقْتَنَاهُ لِغَيْرِ هَذَا كَانَ آثِمًا وَرَأَيْت لِصَاحِبِ الْجَيْشِ أَنْ يُخْرِجَهُ فَيُعْطِيَهُ أَهْلَ الْأَخْمَاسِ مِنْ الْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَمَنْ ذُكِرَ مَعَهُمْ إنْ أَرَادَهُ أَحَدٌ مِنْهُمْ لِزَرْعٍ أَوْ مَاشِيَةٍ أَوْ صَيْدٍ فَإِنْ لَمْ يَرُدَّهُ قَتَلَهُ أَوْ خَلَّاهُ وَلَا يَكُونُ لَهُ بَيْعُهُ وَمَا أَصَابَ مِنْ الْخَنَازِيرِ فَإِنْ كَانَتْ تَعْدُو إذَا كَبِرَتْ يَقْتُلُهَا كُلَّهَا وَلَا تَدْخُلُ مَغْنَمًا بِحَالٍ وَلَا تُتْرَكُ وَهُنَّ عَوَادٍ إذَا قَدَرَ عَلَى قَتْلِهَا فَإِنْ عَجَّلَ بِهِ مَسِيرٌ خَلَّاهَا وَلَمْ يَكُنْ تَرْكُ قَتْلِهَا بِأَكْثَرَ مِنْ تَرْكِ قِتَالِ الْمُشْرِكِينَ لَوْ كَانُوا بِإِزَائِهِ.

فِي الْأَدْوِيَةِ

(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): الطَّعَامُ مُبَاحٌ أَنْ يُؤْكَلَ فِي بِلَادِ الْعَدُوِّ وَكَذَلِكَ الشَّرَابُ وَإِنَّمَا ذَهَبْنَا إلَى مَا يَكُونُ مَأْكُولًا مُغْنِيًا مِنْ جُوعٍ وَعَطَشٍ وَيَكُونُ قُوتًا فِي بَعْضِ أَحْوَالِهِ فَأَمَّا الْأَدْوِيَةُ كُلُّهَا فَلَيْسَتْ مِنْ حِسَابِ الطَّعَامِ الْمَأْذُونِ وَكَذَلِكَ الزَّنْجَبِيلُ وَهُوَ مُرِيبٌ وَغَيْرُ مُرِيبٍ إنَّمَا هُوَ مِنْ حِسَابِ الْأَدْوِيَةِ وَأَمَّا الْأَلَايَا فَطَعَامٌ يُؤْكَلُ فَمَا كَانَ مِنْ حِسَابِ الطَّعَامِ فَلِصَاحِبِهِ أَكْلُهُ لَا يُخْرِجُهُ مِنْ بِلَادِ الْعَدُوِّ وَمَا كَانَ مِنْ حِسَابِ الدَّوَاءِ فَلَيْسَ لَهُ أَخْذُهُ فِي بِلَادِ الْعَدُوِّ وَلَا غَيْرِهَا.

<<  <  ج: ص:  >  >>