للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَبَضُوا مِنْ الرِّبَا فَلَمْ يَأْمُرْهُمْ بِرَدِّهِ وَأَبْطَلَ مَا أَدْرَكَ حُكْمَ الْإِسْلَامِ مِنْ الرِّبَا مَا لَمْ يَقْبِضُوهُ فَأَمَرَهُمْ بِتَرْكِهِ وَرَدَّهُمْ إلَى رُءُوسِ أَمْوَالِهِمْ الَّتِي كَانَتْ حَلَالًا لَهُمْ فَجَمَعَ حُكْمَ اللَّهِ ثُمَّ حُكْمَ رَسُولِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الرِّبَا إنْ عَفَا فَاتَ وَأَبْطَلَ مَا أَدْرَكَ الْإِسْلَامُ فَكَذَلِكَ حُكْمُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي النِّكَاحِ كَانَتْ الْعُقْدَةُ فِيهِ ثَابِتَةً فَعَفَاهَا وَأَكْثَرُ مِنْ أَرْبَعِ نِسْوَةٍ مُدْرِكَاتٍ فِي الْإِسْلَامِ فَلَمْ يَعْفُهُنَّ وَأَنْتَ لَمْ تَقُلْ بِأَصْلِ مَا قُلْت وَلَا الْقِيَاسُ عَلَى حُكْمِ اللَّهِ وَلَا الْخَبَرُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَكَانَ قَوْلُك خَارِجًا مِنْ هَذَا كُلِّهِ وَمِنْ الْمَعْقُولِ. قَالَ: أَفَرَأَيْت لَوْ تَرَكْت حَدِيثَ نَوْفَلِ بْنِ مُعَاوِيَةَ وَحَدِيثَ ابْنِ الدَّيْلَمِيِّ اللَّذَيْنِ فِيهِمَا الْبَيَانُ لِقَوْلِك وَخِلَافُ قَوْلِنَا وَاقْتَصَرْت عَلَى حَدِيثِ الزُّهْرِيِّ أَيَكُونُ فِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى قَوْلِك وَخِلَافُ قَوْلِنَا؟ قُلْنَا: نَعَمْ؟ قَالَ: وَأَيْنَ؟ قُلْت: إذَا كَانُوا مُبْتَدِئِينَ فِي الْإِسْلَامِ لَا يَعْرِفُونَ بِابْتِدَائِهِ حَلَالًا وَلَا حَرَامًا مِنْ نِكَاحٍ وَلَا غَيْرِهِ فَعَلَّمَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ لَا يُمْسِكُوا أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعٍ دَلَّ الْمَعْقُولُ عَلَى أَنَّهُ لَوْ كَانَ أَمَرَهُمْ أَنْ يُمْسِكُوا الْأَوَائِلَ كَانَ ذَلِكَ فِيمَا يُعْلِمُهُمْ لِأَنَّ كُلًّا نِكَاحٌ إلَّا أَنْ يَكُونَ قَلِيلًا ثُمَّ هُوَ أَوْلَى ثُمَّ أَحْرَى مَعَ أَنَّ حَدِيثَ نَوْفَلِ بْنِ مُعَاوِيَةَ ثَبَتَ قَاطِعًا لِمَوْضِعِ الِاحْتِجَاجِ وَالشُّبْهَةِ.

الْحَرْبِيُّ يُصَدِّقُ امْرَأَتَهُ

(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): فَأَصْلُ نِكَاحِ الْحَرْبِيِّ كُلِّهِ فَاسِدٌ سَوَاءٌ كَانَ بِشُهُودٍ أَوْ بِغَيْرِ شُهُودٍ وَلَوْ تَزَوَّجَ الْحَرْبِيُّ حَرْبِيَّةً عَلَى حَرَامٍ مِنْ خَمْرٍ أَوْ خِنْزِيرٍ فَقَبَضَتْهُ ثُمَّ أَسْلَمَا لَمْ يَكُنْ لَهَا عَلَيْهِ مَهْرٌ وَلَوْ أَسْلَمَا وَلَمْ تَقْبِضْهُ كَانَ لَهَا عَلَيْهِ مَهْرُ مِثْلِهَا. وَلَوْ تَزَوَّجَهَا عَلَى حُرٍّ مُسْلِمٍ أَوْ مُكَاتَبٍ لِمُسْلِمٍ أَوْ أُمِّ وَلَدٍ لِمُسْلِمٍ أَوْ عَبْدٍ لِمُسْلِمٍ ثُمَّ أَسْلَمَا وَقَدْ قَبَضَتْ أَوْ لَمْ تَقْبِضْ لَمْ يَكُنْ لَهَا سَبِيلٌ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمْ كَانَ الْحُرُّ حُرًّا وَمَنْ بَقِيَ مَمْلُوكًا لِمَالِكِهِ الْأَوَّلِ وَالْمُكَاتَبُ مُكَاتَبٌ لِمَالِكِهِ وَلَهَا مَهْرُ مِثْلِهَا فِي هَذَا كُلِّهِ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى الْمُوَفِّقُ.

كَرَاهِيَةُ نِسَاءِ أَهْلِ الْكِتَابِ الْحَرْبِيَّاتِ

(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): أَحَلَّ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى نِسَاءَ أَهْلِ الْكِتَابِ وَأَحَلَّ طَعَامَهُمْ فَذَهَبَ بَعْضُ أَهْلِ التَّفْسِيرِ إلَى أَنَّ طَعَامَهُمْ ذَبَائِحُهُمْ فَكَانَ هَذَا عَلَى الْكِتَابِيِّينَ مُحَارَبِينَ كَانُوا أَوْ ذِمَّةً لِأَنَّهُ قَصَدَ بِهِمْ قَصْدَ أَهْلِ الْكِتَابِ فَنِكَاحُ نِسَائِهِمْ حَلَالٌ لَا يَخْتَلِفُ فِي ذَلِكَ أَهْلُ الْحَرْبِ وَأَهْلُ الذِّمَّةِ كَمَا لَوْ كَانَ عِنْدَنَا مُسْتَأْمَنٌ غَيْرُ كِتَابِيٍّ وَكَانَ عِنْدَنَا ذِمَّةٌ مَجُوسٌ فَلَمْ تُحَلَّلْ نِسَاؤُهُمْ إنَّمَا رَأَيْنَا الْحَلَالَ وَالْحَرَامَ فِيهِمْ عَلَى أَنْ يَكُنَّ كِتَابِيَّاتٍ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ الْمَشْهُورِ مِنْ أَهْلِ التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَهُمْ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى فَيَحْلُلْنَ وَلَوْ كُنَّ يَحْلُلْنَ فِي الصُّلْحِ وَالذِّمَّةِ وَيَحْرُمْنَ مِنْ الْمُحَارَبَةِ حَلَّ الْمَجُوسِيَّاتُ وَالْوَثَنِيَّاتُ إذَا كُنَّ مُسْتَأْمَنَاتٍ غَيْرَ أَنَّا نَخْتَارُ لِلْمَرْءِ أَنْ لَا يَنْكِحَ حَرْبِيَّةً خَوْفًا عَلَى وَلَدِهِ أَنْ يُسْتَرَقَّ وَيُكْرَهُ لَهُ أَنْ لَوْ كَانَتْ مُسْلِمَةً بَيْنَ ظَهْرَانَيْ أَهْلِ الْحَرْبِ أَنْ يَنْكِحَهَا خَوْفًا عَلَى وَلَدِهِ أَنْ يَسْتَرِقُوا أَوْ يُفْتَنُوا فَأَمَّا تَحْرِيمُ ذَلِكَ فَلَيْسَ بِمُحَرَّمٍ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

مَنْ أَسْلَمَ عَلَى شَيْءٍ غَصَبَهُ أَوْ لَمْ يَغْصِبْهُ

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: رَوَى ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ مُرْسَلًا أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «مَنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>