للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَجُوزُ الْمُحَابَاةُ وَيُلْحَقُ بِصَدَاقِ مِثْلِهَا وَلَا يُرَدُّ النِّكَاحُ دَخَلَتْ أَوْ لَمْ تَدْخُلْ وَإِنْ طَلُقَتْ قَبْلَ ذَلِكَ أُخِذَ لَهَا نِصْفُ صَدَاقِ مِثْلِهَا. .

مَا جَاءَ فِي تَشَاحِّ الْوُلَاةِ

(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَإِذَا كَانَ الْوُلَاةُ شَرْعًا فَأَرَادَ بَعْضُهُمْ أَنْ يَلِيَ التَّزْوِيجَ دُونَ بَعْضٍ فَذَلِكَ إلَى الْمَرْأَةِ تُوَلِّي أَيَّهُمْ شَاءَتْ فَإِنْ قَالَتْ قَدْ أَذِنْت فِي فُلَانٍ فَأَيُّ وُلَاتِي أَنْكَحَنِيهِ فَنِكَاحُهُ جَائِزٌ فَأَيُّهُمْ أَنْكَحَهَا فَنِكَاحُهُ جَائِزٌ فَإِنْ ابْتَدَرَهُ اثْنَانِ فَزَوَّجَاهَا فَنِكَاحُهَا جَائِزٌ وَإِنْ تَمَانَعُوا أَقْرَعَ بَيْنَهُمْ السُّلْطَانُ فَأَيُّهُمْ خَرَجَ سَهْمُهُ أَمَرَهُ بِالتَّزْوِيجِ وَإِنْ لَمْ يَتَرَافَعُوا إلَى السُّلْطَانِ عَدَلَ بَيْنَهُمْ أَمَرَهُمْ فَأَيُّهُمْ خَرَجَ سَهْمُهُ زَوَّجَ وَإِنْ تَرَكُوا الْإِقْرَاعَ أَوْ تَرَكَهُ السُّلْطَانُ لَمْ أُحِبَّهُ لَهُمْ وَأَيُّهُمْ زَوَّجَ بِإِذْنِهَا جَازَ. .

إنْكَاحُ الْوَلِيَّيْنِ وَالْوَكَالَةُ فِي النِّكَاحِ

(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): أَخْبَرَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ عَنْ ابْنِ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ الْحَسَنِ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «إذَا أَنْكَحَ الْوَلِيَّانِ فَالْأَوَّلُ أَحَقُّ» قَالَ وَبَيَّنَ فِي قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْأَوَّلُ أَحَقُّ أَنَّ الْحَقَّ لَا يَكُونُ بَاطِلًا وَأَنَّ نِكَاحَ الْآخَرِ بَاطِلٌ وَأَنَّ الْبَاطِلَ لَا يَكُونُ حَقًّا بِأَنْ يَكُونُ الْآخَرُ دَخَلَ وَلَمْ يَدْخُلْ الْأَوَّلُ وَلَا يَزِيدُ الْأَوَّلُ حَقًّا لَوْ كَانَ هُوَ الدَّاخِلُ قَبْلَ الْآخَرِ هُوَ أَحَقُّ بِكُلِّ حَالٍ قَالَ: وَفِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ الْوَكَالَةَ فِي النِّكَاحِ جَائِزَةٌ وَلِأَنَّهُ لَا يَكُونُ نِكَاحُ وَلِيَّيْنِ مُتَكَافِئًا حَتَّى يَكُونَ لِلْأَوَّلِ مِنْهُمَا إلَّا بِوَكَالَةٍ مِنْهَا مَعَ «تَوْكِيلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَمْرَو بْنَ أُمَيَّةَ الضَّمْرِيَّ فَزَوَّجَهُ أُمَّ حَبِيبَةَ ابْنَةَ أَبِي سُفْيَانَ».

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): فَأَمَّا إذَا أَذِنَتْ الْمَرْأَةُ لِوَلِيَّيْهَا أَنْ يُزَوِّجَاهَا مَنْ رَأَيَا وَأَمَرَهَا أَحَدُهُمَا فِي رَجُلٍ فَقَالَتْ زَوِّجْهُ وَأَمَرَهَا آخَرُ فِي رَجُلٍ فَقَالَتْ زَوِّجْهُ فَزَوَّجَاهَا مَعًا رَجُلَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ كُفُؤَيْنِ. فَأَيُّهُمَا زَوَّجَ أَوَّلًا فَالْأَوَّلُ الزَّوْجُ الَّذِي نِكَاحُهُ ثَابِتٌ وَطَلَاقُهُ وَمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا مِمَّا بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ لَازِمٌ وَنِكَاحُ الَّذِي بَعْدَهُ سَاقِطٌ دَخَلَ بِهَا الْآخَرُ أَوْ لَمْ يَدْخُلْ أَوْ الْأَوَّلُ أَوْ لَمْ يَدْخُلْ لَا يَحِقُّ الدُّخُولُ لِأَحَدٍ شَيْئًا إنَّمَا يُحِقُّهُ أَصْلُ الْعُقْدَةِ فَإِنْ أَصَابَهَا آخَرُهُمَا نِكَاحًا فَلَهَا مَهْرُ مِثْلِهَا إذَا لَمْ يَصِحَّ عُقْدَةُ النِّكَاحِ لَمْ تَصِحَّ بِشَيْءٍ بَعْدَهَا إلَّا بِتَجْدِيدِ نِكَاحٍ صَحِيحٍ، وَإِذَا جَازَ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تُوَكِّلَ وَلِيَّيْنِ جَازَ لِلْوَلِيِّ الَّذِي لَا أَمْرَ لِلْمَرْأَةِ مَعَهُ أَنْ يُوَكِّلَ وَهَذَا لِلْأَبِ خَاصَّةً فِي الْبِكْرِ وَلَمْ يَجُزْ لِوَلِيِّ غَيْرِهِ لِلْمَرْأَةِ مَعَهُمْ أَمْرٌ أَنْ يُوَكِّلَ أَبٌ فِي ثَيِّبٍ وَلَا وَلِيٌّ غَيْرُ أَبٍ إلَّا بِأَنْ تَأْذَنَ لَهُ أَنْ يُوَكِّلَ بِتَزْوِيجِهَا فَيَجُوزُ بِإِذْنِهَا. فَلَوْ أَنَّ رَجُلًا خَرَجَ وَوَكَّلَ رَجُلًا بِتَزْوِيجِ ابْنَتِهِ الْبِكْرِ فَزَوَّجَهَا الْوَكِيلُ وَهُوَ فَأَيُّهُمَا أَنْكَحَ أَوَّلًا فَالنِّكَاحُ نِكَاحُهُ جَائِزٌ وَالْآخَرُ بَاطِلٌ الْوَكِيلُ أَوْ الْأَبُ، وَإِنْ دَخَلَ بِهَا الْآخَرُ فَلَهَا الْمَهْرُ وَعَلَيْهَا الْعِدَّةُ وَالْوَلَدُ لَاحِقٌ وَلَا مِيرَاثَ لَهَا مِنْهُ وَلَوْ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَهُمَا، وَلَا لَهُ مِنْهَا لَوْ مَاتَتْ وَلِزَوْجِهَا الْأَوَّلِ مِنْهَا الْمِيرَاثُ وَعَلَيْهِ لَهَا الصَّدَاقُ يُحَاسَبُ بِهِ مِنْ مِيرَاثِهِ. وَهَكَذَا لَوْ أَذِنَتْ لِوَلِيَّيْنِ فَزَوَّجَاهَا مَعًا أَوْ لِوَلِيٍّ أَنْ يُوَكِّلَ فَوَكَّلَ وَكِيلًا أَوْ لِوَلِيَّيْنِ كَذَلِكَ فَوَكَّلَا وَكِيلَيْنِ أَيَّ هَذَا كَانَ فَالتَّزْوِيجُ الْأَوَّلُ أَحَقُّ وَلَوْ زَوَّجَهَا الْوَلِيَّانِ وَالْوُكَلَاءُ ثَلَاثَةً أَوْ أَرْبَعَةً فَالنِّكَاحُ لِلْأَوَّلِ إذَا عُلِمَ بِبَيِّنَةٍ تَقُومُ عَلَى وَقْتٍ مِنْ الْأَوْقَاتِ أَنَّهُ فَعَلَ ذَلِكَ قَبْلَ صَاحِبِهِ. .

قَالَ وَلَوْ زَوَّجَهَا وَلِيَّاهَا رَجُلَيْنِ فَشَهِدَ الشُّهُودُ عَلَى يَوْمٍ وَاحِدٍ وَلَمْ يُثْبِتُوا السَّاعَةَ أَوْ أَثْبَتُوهَا فَلَمْ يَكُنْ فِي إثْبَاتِهِمْ دَلَالَةٌ عَلَى أَيِّ النِّكَاحَيْنِ كَانَ أَوَّلًا فَالنِّكَاحُ مَفْسُوخٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>