للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نَكَحَهَا وَتَرَكَ نِكَاحِهَا، إنْ لَمْ يَكُنْ نَكَحَهَا لِلْوَرَعِ فَإِنَّهُ إنْ يَدَعَ مَا لَهُ نِكَاحُهُ خَيْرٌ مِنْ أَنْ يَنْكِحَ مَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَلَوْ نَكَحَهَا لَمْ أُفَرِّقْ بَيْنَهُمَا إلَّا بِمَا أَقْطَعُ بِهِ الشَّهَادَةَ عَلَى الرَّضَاعِ، فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ فَهَلْ فِي هَذَا مِنْ خَبَرٍ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؟ قِيلَ: نَعَمْ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْمَجِيدِ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ أَخْبَرَنِي ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ «أَنَّ عُقْبَةَ بْنَ الْحَارِثِ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ نَكَحَ أُمَّ يَحْيَى بِنْتَ أَبِي أَهَابٍ فَقَالَتْ أَمَةٌ سَوْدَاءُ قَدْ أَرْضَعَتْكُمَا قَالَ فَجِئْت إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَذَكَرْت ذَلِكَ لَهُ فَأَعْرَضَ فَتَنَحَّيْت فَذَكَرْت ذَلِكَ لَهُ فَقَالَ وَكَيْفَ وَقَدْ زَعَمَتْ أَنَّهَا أَرْضَعَتْكُمَا».

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): إعْرَاضُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ لَمْ يَرَ هَذَا شَهَادَةً تَلْزَمُهُ، وَقَوْلُهُ " وَكَيْفَ وَقَدْ زَعَمَتْ أَنَّهَا أَرْضَعَتْكُمَا؟ " يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ كَرِهَ لَهُ أَنْ يُقِيمَ مَعَهَا وَقَدْ قِيلَ إنَّهَا أُخْتُهُ مِنْ الرَّضَاعَةِ وَهَذَا مَعْنَى مَا قُلْنَا مِنْ أَنْ يَتْرُكَهَا وَرَعًا لَا حُكْمًا. .

الْإِقْرَارُ بِالرَّضَاعِ

(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَإِذَا أَقَرَّ رَجُلٌ أَنَّ امْرَأَةً أُمُّهُ مِنْ الرَّضَاعَةِ أَوْ ابْنَتُهُ مِنْ الرَّضَاعَةِ وَلَمْ يَنْكِحْ وَاحِدَةً مِنْهُمَا وَقَدْ وَلَدَتْ الْمَرْأَةُ الَّتِي يَزْعُمُ أَنَّهَا أُمُّهُ أَوْ كَانَ لَهَا لَبَنٌ يُعْرَفُ لِلْمُرْضِعِ مِثْلُهُ وَكَانَ لَهَا سِنٌّ يُحْتَمَلُ أَنْ يُرْضِعَ مِثْلُهَا مِثْلَهُ لَوْ وُلِدَ لَهُ وَكَانَتْ لَهُ سِنٌّ تُحْتَمَلُ أَنْ تُرْضِعَ امْرَأَتَهُ أَوْ أَمَتَهُ أَوْ أَمَتَهُ الَّتِي وُلِدَتْ مِنْهُ مِثْلُ الَّذِي أَقَرَّ أَنَّهَا ابْنَتُهُ لَمْ تَحْلِلْ لَهُ وَاحِدَةٌ مِنْهُمَا أَبَدًا فِي الْحُكْمِ وَلَا مِنْ بَنَاتِهِمَا، وَلَوْ قَالَ مَكَانَهُ غَلِطْتُ أَوْ وَهَمْتُ لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ لِأَنَّهُ قَدْ أَقَرَّ أَنَّهُمَا ذَوَاتَا مَحْرَمٍ مِنْهُ قَبْلُ يَلْزَمُهُ لَهُمَا أَوْ يَلْزَمُهُمَا لَهُ شَيْءٌ. وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَتْ هِيَ الْمُقِرَّةُ بِذَلِكَ وَهُوَ يُكَذِّبُهَا ثُمَّ قَالَتْ غَلِطْت لِأَنَّهَا أَقَرَّتْ بِهِ فِي حَالٍ لَا يَدْفَعُ بِهَا عَنْ نَفْسِهِ وَلَا يَجُرُّ إلَيْهَا وَلَا تُلْزِمُهُ وَلَا نَفْسَهَا بِإِقْرَارٍ شَيْئًا.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَلَوْ كَانَتْ الْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا غَيْرَ أَنْ لَمْ تَلِدْ الَّتِي أَقَرَّ أَنَّهَا أَرْضَعَتْهُ أَوْ وَلَدَتْ وَهِيَ أَصْغَرُ مَوْلُودًا مِنْهُ فَكَانَ مِثْلُهَا لَا يُرْضِعُ لِمِثْلِهِ بِحَالٍ أَوْ كَانَتْ الَّتِي ذَكَرَ أَنَّهَا ابْنَتُهُ مِنْ الرَّضَاعَةِ مِثْلَهُ فِي السِّنِّ أَوْ أَكْبَرَ مِنْهُ أَوْ قَرِيبًا مِنْهُ لَا يُحْتَمَلُ مِثْلُهُ أَنْ تَكُونَ ابْنَتَهُ مِنْ الرَّضَاعَةِ كَانَ قَوْلُهُ وَقَوْلُهَا فِي هَذِهِ الْأَحْوَالِ بَاطِلًا وَلَمْ يَحْرُمْ عَلَيْهِ أَنْ يَنْكِحَ وَاحِدَةً مِنْهُمَا وَلَا وَلَدًا لَهُمَا إنَّمَا تُقْبَلُ دَعْوَاهُ وَيَلْزَمُهُ إقْرَارُهُ فِيمَا يُمْكِنُ مِثْلُهُ وَسَوَاءٌ فِي ذَلِكَ كَذَّبَتْهُ الْمَرْأَةُ أَوْ صَدَّقَتْهُ أَوْ كَانَتْ الْمُدَّعِيَةُ دُونَهُ: أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ قَالَ لِرَجُلٍ أَكْبَرَ مِنْهُ هَذَا ابْنِي وَصَدَّقَهُ الرَّجُلُ لَمْ يَكُنْ ابْنَهُ أَبَدًا. وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ رَجُلٌ هُوَ أَصْغَرُ مِنْهُ هَذَا أَبِي وَصَدَّقَهُ الرَّجُلُ وَلَا نَسَبَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا يُعْرَفُ لَمْ يَكُنْ أَبَاهُ إنَّمَا أَقْبَلُ مِنْ هَذَا مَا يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ مِثْلَهُ وَلَوْ كَانَتْ الْمَسْأَلَةُ فِي دَعْوَاهَا بِحَالِهَا فَقَالَ هَذِهِ أُخْتِي مِنْ الرَّضَاعَةِ أَوْ قَالَتْ هَذَا أَخِي مِنْ الرَّضَاعَةِ قَبْلَ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا وَكَذَّبَتْهُ أَوْ صَدَّقَتْهُ أَوْ كَذَّبَهَا فِي الدَّعْوَى أَوْ صَدَّقَهَا كَانَ سَوَاءً كُلُّهُ وَلَا يَحِلُّ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنْ يَنْكِحَ الْآخَرَ وَلَا وَاحِدًا مِنْ وَلَدِهِ فِي الْحُكْمِ وَيَحِلُّ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى إنْ عَلِمَا أَنَّهُمَا كَاذِبَانِ أَنْ يَتَنَاكَحَا أَوْ وَلَدُهُمَا وَلَوْ أَقَرَّ أَنَّهَا أُخْتُهُ مِنْ الرَّضَاعَةِ مِنْ امْرَأَةٍ لَمْ يُسَمِّهَا قَبِلْت ذَلِكَ مِنْهُ وَلَمْ أَنْظُرُ إلَى سِنِّهِ وَسِنِّهَا لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ أَكْبَرَ مِنْهَا وَتَعِيشُ الَّتِي أَرْضَعَتْهُ حَتَّى تُرْضِعَهَا بِلَبَنِ وَلَدٍ غَيْرِ الْوَلَدِ الَّذِي أَرْضَعَتْهُ بِهِ وَكَذَلِكَ إنْ كَانَتْ أَكْبَرَ مِنْهُ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَإِنْ سَمَّى امْرَأَةً أَرْضَعَتْهُ فَقَالَ أَرْضَعَتْنِي وَإِيَّاهَا فُلَانَةُ فَكَانَ لَا يُمْكِنُ بِحَالٍ أَنْ تُرْضِعَهُ أَوْ لَا يُمْكِنُ بِحَالٍ أَنْ تُرْضِعَهَا لِمَا وَصَفْت مِنْ تَفَاوُتِ السِّنِينَ أَوْ مَوْتِ الَّتِي زَعَمَ أَنَّهَا أَرْضَعَتْهُمَا قَبْلَ أَنْ يُولَدَ أَحَدُهُمَا كَانَ إقْرَارُهُ بَاطِلًا كَالْقَوْلِ فِي الْمَسَائِلِ قَبْلَ هَذَا إنَّمَا أُلْزِمُهُ إقْرَارَهُ وَإِقْرَارَهَا فِيمَا يُمْكِنُ مِثْلُهُ وَلَا أُلْزِمُهُمَا فِيمَا لَا يُمْكِنُ مِثْلُهُ إذَا كَانَ إقْرَارُهُمَا لَا يُلْزِمُ وَاحِدًا مِنْهُمَا لِصَاحِبِهِ شَيْئًا.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَلَوْ كَانَ مَلَكَ عُقْدَةَ نِكَاحِهَا وَلَمْ يَدْخُلْ بِهَا حَتَّى أَقَرَّ أَنَّهَا ابْنَتُهُ أَوْ أُخْتُهُ أَوْ أُمُّهُ وَذَلِكَ يُمْكِنُ فِيهَا وَفِيهِ سَأَلْتهَا فَإِنْ صَدَّقَتْهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>