للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَنْ يَنْفَسِخُ نِكَاحُهُ مِنْ قَبْلَ الْعَقْدِ وَمَنْ لَا يَنْفَسِخُ

(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَلَوْ أَسْلَمَ وَعِنْدَهُ امْرَأَةٌ عَقَدَ نِكَاحَهَا غَيْرَ مُطَلِّقٍ وَأَسْلَمَتْ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَثْبُتَ عَلَى نِكَاحِهَا لِأَنَّهَا لَمْ يُعْقَدْ عَلَيْهَا عَقْدُ نِكَاحٍ وَذَلِكَ أَنْ يَكُونَ نِكَاحُهَا مُتْعَةً وَالنَّاكِحُ مُتْعَةً لَمْ يَمْلِكْ أَمْرًا لِامْرَأَةٍ عَلَى الْأَبَدِ إنَّمَا مَلَكَهَا مُدَّةً دُونَ مُدَّةٍ أَوْ نَكَحَهَا عَلَى أَنَّهَا بِالْخِيَارِ أَوْ أَنَّ رَجُلًا أَوْ امْرَأَةً غَيْرَهَا بِالْخِيَارِ أَوْ أَنَّهُ هُوَ بِالْخِيَارِ لِأَنَّ هَذَا كُلَّهُ فِي مَعْنَى أَنَّهُ لَمْ يَمْلِكْ أَمْرَهَا بِالْعَقْدِ مُطْلَقًا وَلَوْ أَبْطَلَتْ النَّاكِحَةُ مُتْعَةً شَرَطَهَا عَلَى الزَّوْجِ قَبْلَ أَنْ يُسْلِمَ وَاحِدٌ مِنْهُمَا ثُمَّ أَسْلَمَا لَمْ تَكُنْ امْرَأَتَهُ لِأَنَّهُ لَمْ يَعْقِدْ لَهَا عَلَى الْأَبَدِ وَلَمْ يَكُنْ شَرْطُهُ عَلَيْهَا فِي الْعَقْدِ وَلَوْ اجْتَمَعَتْ هِيَ وَهُوَ فَأَبْطَلَا الشَّرْطَ قَبْلَ أَنْ يُسْلِمَ وَاحِدٌ مِنْهُمَا ثُمَّ أَسْلَمَا مَعًا فَالنِّكَاحُ مَفْسُوخٌ إلَّا أَنْ يَبْتَدِئَا نِكَاحًا فِي الشِّرْكِ غَيْرَهُ قَالَ وَهَكَذَا كُلُّ مَا ذَكَرْت مَعَهُ مِنْ شَرْطِ الْخِيَارِ لَهُ أَوْ لَهَا أَوْ لَهُمَا مَعًا أَوْ لِغَيْرِهِمَا مُنْفَرِدًا أَوْ مَعَهُمَا لَمْ يَكُنْ النِّكَاحُ مُطْلَقًا إذَا أَبْطَلَاهُ وَإِذَا لَمْ يُبْطِلَاهُ لَمْ يَثْبُتْ وَلَا يُخَالِفُ نِكَاحَ الْمُتْعَةِ فِي شَيْءٍ وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا نَكَحَ امْرَأَةً فِي الشِّرْكِ بِغَيْرِ شُهُودٍ أَوْ بِغَيْرِ وَلِيٍّ مُحَرَّمٍ لَهَا فَأَسْلَمَا أَوْ أَيُّ نِكَاحٍ أَفْسَدْنَاهُ فِي الْإِسْلَامِ بِحَالٍ غَيْرِ مَا وَصَفْت مِنْ النِّكَاحِ الَّذِي لَا نَمْلِكُهُ فِيهِ أَمْرَهَا عَلَى الْأَبَدِ وَكَانَ ذَلِكَ عِنْدَهُمْ نِكَاحًا جَائِزًا وَإِنْ كَانُوا يَنْكِحُونَ أُجَوِّزُ مِنْهُ ثُمَّ اجْتَمَعَ إسْلَامُهُمَا فِي الْعِدَّةِ ثَبَتَا عَلَى النِّكَاحِ وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا غَلَبَ عَلَى امْرَأَةٍ بِأَيِّ غَلَبَةٍ كَانَتْ أَوْ طَاوَعَتْهُ فَأَصَابَهَا وَأَقَامَ مَعَهَا أَوْ وَلَدَتْ مِنْهُ أَوْ لَمْ تَلِدْ مِنْهُ وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ نِكَاحًا عِنْدَهُمْ ثُمَّ أَسْلَمَا فِي الْعِدَّةِ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ نِكَاحًا عِنْدَهُمْ وَفُرِّقَ بَيْنَهُمَا عِنْدَهُمْ وَلَا مَهْرَ لَهَا عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يُصِيبَهَا بَعْدَمَا يُسْلِمُ عَلَى وَجْهِ شُبْهَةٍ فَلَهَا عَلَيْهِ مَهْرُ مِثْلِهَا لِأَنِّي لَا أَقْضِي لَهَا عَلَيْهِ بِشَيْءٍ فَائِتٍ فِي الشِّرْكِ لَمْ يَلْزَمْهُ إيَّاهُ نِكَاحُهَا إذَا لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُمْ أَوْ عِنْدَهُ إذَا لَمْ يَكُونَا مُعَاهِدَيْنِ يَجْرِي عَلَيْهِمَا الْحُكْمُ وَهَذَا كُلُّهُ إذَا نَكَحَ مُشْرِكَةً وَهُوَ مُشْرِكٌ (قَالَ الشَّافِعِيُّ): فَإِنْ كَانَ مُسْلِمًا فَنَكَحَ مُشْرِكَةً وَثَنِيَّةً أَوْ مُشْرِكًا فَنَكَحَ مُسْلِمَةً فَأَصَابَهَا ثُمَّ اجْتَمَعَ إسْلَامُهُمَا فِي الْعِدَّةِ فَالنِّكَاحُ يَنْفَسِخُ بِكُلِّ حَالٍ لِأَنَّ الْعَقْدَ مُحَرَّمٌ بِاخْتِلَافِ الدِّينَيْنِ وَلَا يَثْبُتُ إلَّا بِنِكَاحٍ مُسْتَقْبِلٍ. وَلَوْ كَانَ طَلَّقَهَا فِي الشِّرْكِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ مَعًا لَمْ يَلْزَمْهَا الطَّلَاقُ

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَإِذَا أَسْلَمَ الرَّجُلُ مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ وَامْرَأَتُهُ كَافِرَةٌ ثُمَّ ارْتَدَّ عَنْ الْإِسْلَامِ قَبْلَ أَنْ تُسْلِمَ امْرَأَتُهُ فَإِنْ أَسْلَمَتْ امْرَأَتُهُ قَبْلَ أَنْ تَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا وَعَادَ إلَى الْإِسْلَامِ قَبْلَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا حَتَّى يَكُونَا فِي الْعِدَّةِ مُسْلِمَيْنِ مَعًا فَهُمَا عَلَى النِّكَاحِ. وَإِنْ أَسْلَمَ قَبْلَهَا ثُمَّ ارْتَدَّ ثُمَّ أَسْلَمَ وَلَمْ تَنْقَضِ الْعِدَّةُ ثُمَّ أَسْلَمَتْ فِي الْعِدَّةِ فَهُمَا عَلَى النِّكَاحِ وَإِنْ لَمْ يُسْلِمْ حَتَّى تَنْقَضِيَ الْعِدَّةُ فَقَدْ انْفَسَخَ النِّكَاحُ، وَلَوْ أَسْلَمَتْ وَهُوَ مُرْتَدٌّ فَمَضَتْ عِدَّتُهَا وَهُوَ عَلَى رِدَّتِهِ انْفَسَخَ وَلَوْ عَادَ بَعْدَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا إلَى الْإِسْلَامِ فَقَدْ انْفَسَخَ نِكَاحُهَا وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا وَتَنْكِحُ مَنْ شَاءَتْ وَالْعِدَّةُ مِنْ يَوْمِ أَسْلَمَ وَهَكَذَا إنْ كَانَتْ هِيَ الْمُسْلِمَةَ أَوْ لَا فَارْتَدَّتْ لَا يَخْتَلِفَانِ وَسَوَاءٌ أَقَامَ الْمُرْتَدُّ مِنْهُمَا فِي دَارِ الْإِسْلَامِ أَوْ لَحِقَ بِدَارِ الشِّرْكِ أَوْ عُرِضَ عَلَيْهِ الْإِسْلَامُ أَوْ لَمْ يُعْرَضْ إذَا أَسْلَمَ الْمُرْتَدُّ عَنْ الْإِسْلَامِ قَبْلَ انْقِضَاءِ عِدَّةِ الْمَرْأَةِ فَهُمَا عَلَى النِّكَاحِ، قَالَ وَتُصَدَّقُ الْمَرْأَةُ الْمُرْتَدَّةُ عَلَى انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا فِي كُلِّ مَا أَمْكَنَ مِثْلُهُ كَمَا تُصَدَّقُ الْمُسْلِمَةُ عَلَيْهَا فِي كُلِّ مَا أَمْكَنَ كَانَتْ هِيَ الْمُرْتَدَّةَ أَوْ الزَّوْجَ فَإِنْ كَانَ الزَّوْجُ لَمْ يُصِبْهَا فَارْتَدَّ أَوْ ارْتَدَّتْ انْفَسَخَ النِّكَاحُ بَيْنَهُمَا بِرِدَّةِ أَيُّهُمَا كَانَ لِأَنَّهُ لَا عِدَّةَ فَإِنْ كَانَ هُوَ الْمُرْتَدَّ فَلَهَا نِصْفُ الصَّدَاقِ لِأَنَّ فَسَادَ النِّكَاحِ كَانَ مِنْ قِبَلِهِ، وَلَوْ كَانَتْ هِيَ الْمُرْتَدَّةَ فَلَا

<<  <  ج: ص:  >  >>