للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَا اشْتَرَى بِذَلِكَ الْعَقْدِ وَإِنْ سَمَّاهُ لِغَيْرِهِ وَهُوَ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَمْلِكَ امْرَأَةً بِعَقْدٍ عَقَدَهُ لِغَيْرِهِ وَلَا يَكُونُ لِلزَّوْجِ وَلَا لِلْمَرْأَةِ خِيَارٌ مِنْ قِبَلِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ فِي النِّكَاحِ خِيَارٌ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ وَيَثْبُتُ النِّكَاحُ فَيَكُونُ لَهَا صَدَاقُ مِثْلِهَا فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ فَكَيْفَ يُجْعَلُ لَهَا صَدَاقُ مِثْلِهَا وَلَمْ يَرْضَ الزَّوْجُ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا إلَّا بِصَدَاقٍ مُسَمًّى هُوَ أَقَلُّ مِنْ صَدَاقِ مِثْلِهَا؟ قِيلَ لَهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى أَرَأَيْت إذَا لَمْ يَرْضَ الزَّوْجُ أَنْ يَتَزَوَّجَ إلَّا بِلَا مَهْرٍ فَلَمْ أَرُدَّ النِّكَاحَ وَلَمْ أَجْعَلْ فِيهِ خِيَارًا لِلزَّوْجَيْنِ وَلَا لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا وَأُثْبِتُ النِّكَاحَ وَأَخَذْت مِنْهُ مَهْرَ مِثْلِهَا مِنْ قِبَلِ أَنَّ عُقْدَةَ النِّكَاحِ لَا تُفْسَخُ بِصَدَاقٍ وَأَنَّهُ كَالْبُيُوعِ الْفَاسِدَةِ الْمُسْتَهْلَكَةِ الَّتِي فِيهَا قِيمَتُهَا فَأَعْطَاهَا الزَّوْجُ صَدَاقَهَا وَوَلِيَ عُقْدَةَ النِّكَاحِ غَيْرُهُ فَزَادَهَا عَلَيْهِ فَأَبْلَغْتهَا صَدَاقَ مِثْلِهَا فَمَا أَخَذَتْ مِنْهُ مِنْ إبْلَاغِهَا صَدَاقُ مِثْلِهَا وَإِنْ لَمْ يُبْلِغْهُ أَقَلَّ مِنْ أَخْذِي مِنْهُ مُبْتَدَأَ صَدَاقَ مِثْلِهَا فَهُوَ لَمْ يَبْذُلْهُ وَلَمْ يَنْكِحْ عَلَيْهِ وَهَكَذَا لَوْ وَكَّلَ رَجُلٌ رَجُلًا يُزَوِّجُهُ امْرَأَةً بِعَيْنِهَا وَلَمْ يُسَمِّ لَهَا صَدَاقًا فَأَصْدَقَهَا أَكْثَرَ مِنْ صَدَاقِ مِثْلِهَا وَلَمْ يَضْمَنْهُ الْوَكِيلُ فَلَهَا صَدَاقُ مِثْلِهَا لَا يُجْعَلُ عَلَى الزَّوْجِ مَا جَاوَزَهُ إذَا لَمْ يُسَمِّهِ وَلَا تُنْقِصُ الْمَرْأَةُ مِنْهُ.

وَلَوْ وَكَّلَهُ بِأَنْ يُزَوِّجَهُ إيَّاهَا بِمِائَةٍ فَزَوَّجَهُ إيَّاهَا بِخَمْسِينَ كَانَ النِّكَاحُ جَائِزًا وَكَانَتْ لَهَا الْخَمْسُونَ لِأَنَّهَا رَضِيَتْ بِهَا وَلَوْ وَكَّلَ أَنْ يُزَوِّجَهُ إيَّاهَا بِمِائَةٍ فَزَوَّجَهُ إيَّاهَا بِعَبْدٍ أَوْ دَرَاهِمَ أَوْ طَعَامٍ أَوْ غَيْرِهِ كَانَ لَهَا صَدَاقُ مِثْلِهَا إلَّا أَنْ يُصَدِّقَهُ الزَّوْجُ أَنَّهُ أَمَرَهُ أَنْ يَعْمَلَ بِرَأْيِهِ أَنْ يُزَوِّجَهُ بِمَا زَوَّجَهُ بِهِ، وَهَكَذَا الْمَرْأَةُ لَوْ أَذِنَتْ لِوَلِيِّهَا أَنْ يُزَوِّجَهَا فَتَعَدَّى فِي صَدَاقِهَا.

الْخِيَارُ مِنْ قِبَلِ النَّسَبِ

(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَلَوْ أَنَّ عَبْدًا انْتَسَبَ لِامْرَأَةٍ حُرَّةٍ حُرًّا فَنَكَحَتْهُ وَقَدْ أَذِنَ لَهُ سَيِّدُهُ ثُمَّ عَلِمَتْ أَنَّهُ عَبْدٌ أَوْ انْتَسَبَ لَهَا إلَى نَسَبٍ فَوَجَدَتْهُ مِنْ غَيْرِ ذَلِكَ النَّسَبِ وَمِنْ نَسَبٍ دُونِهِ وَنَسَبُهَا فَوْقَ نَسَبِهِ كَانَ فِيهَا قَوْلَانِ. أَحَدُهُمَا أَنَّ لَهَا الْخِيَارَ لِأَنَّهُ مَنْكُوحٌ بِعَيْنِهِ وَغَارٌّ بِشَيْءٍ وُجِدَ دُونَهُ، وَالثَّانِي أَنَّ النِّكَاحَ مَفْسُوخٌ كَمَا يَنْفَسِخُ لَوْ أَذِنَتْ فِي رَجُلٍ بِعَيْنِهِ فَزُوِّجَتْ غَيْرَهُ كَأَنَّهَا أَذِنَتْ فِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْفُلَانِيِّ فَزُوِّجَتْ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مُحَمَّدٍ مِنْ غَيْرِ بَنِي فُلَانٍ فَكَانَ الَّذِي زُوِّجَتْهُ غَيْرَ مَنْ أَذِنَتْ بِتَزْوِيجِهِ فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ فَلِمَ تَجْعَلُ لَهَا الْخِيَارَ فِي الرَّجُلِ يَغُرُّهَا بِنَسَبِهِ وَقَدْ نَكَحَتْهُ بِعَيْنِهِ وَلَمْ تَجْعَلْهُ لَهَا مِنْ جِهَةِ الصَّدَاقِ؟ قِيلَ الصَّدَاقُ مَالٌ مِنْ مَالِهَا هِيَ أَمْلَكُ بِهِ لَا عَارَ عَلَيْهَا وَلَا عَلَى مَنْ هِيَ فِيهِ مِنْهُ فِي نَقْصِهِ وَلَا وِلَايَةَ لِأَوْلِيَائِهَا فِي مَالِهَا وَهَذَا كَانَ لِأَوْلِيَائِهَا عَلَى الِابْتِدَاءِ إذَا أَذِنَتْ فِيهِ أَنْ يَمْنَعُوهَا مِنْهُ بِنَقْصٍ فِي النَّسَبِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ عَلَى الِابْتِدَاءِ يَمْنَعُونَهَا كُفْئًا تَتْرُكُ لَهُ مِنْ صَدَاقِهَا، فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ فَكَيْفَ لَمْ تَجْعَلْ نِكَاحَ الَّذِي غَرَّهَا مَفْسُوخًا بِكُلِّ حَالٍ؟ قِيلَ لَهُ لِأَنَّهُ قَدْ كَانَ لِأَوْلِيَائِهَا عَلَى الِابْتِدَاءِ أَنْ يُزَوِّجُوهَا إيَّاهُ. وَلَيْسَ مَعْنَى النِّكَاحِ إذَا أَرَادَ الْوُلَاةُ مَنْعَهُ بِأَنَّ النَّاكِحَ غَيْرُ كُفْءٍ بِأَنَّ النِّكَاحَ مُحَرَّمٌ وَلِلْأَوْلِيَاءِ أَنْ يُزَوِّجُوهَا غَيْرَ كُفْءٍ إذَا رَضِيَتْ وَرَضُوا وَإِنَّمَا رَدَدْنَاهُ بِالنَّقْصِ عَلَى الْمُزَوَّجَةِ كَمَا يُجْعَلُ الْخِيَارُ فِي رَدِّ الْبَيْعِ بِالْعِنَبِ وَلَيْسَ بِمُحَرَّمٍ أَنْ يَتِمَّ إنْ شَاءَ الَّذِي جُعِلَ لَهُ الْخِيَارُ: فَإِنْ قَالَ فَقَدْ جَعَلْت خِيَارًا فِي الْكَفَاءَةِ.

قِيلَ مِنْ جِهَةِ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ جَعَلَ لِلْأَوْلِيَاءِ فِي بُضْعِ الْمَرْأَةِ أَمْرًا وَجَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نِكَاحَ الْمَرْأَةِ بِغَيْرِ إذْنِ وَلِيِّهَا مَرْدُودًا فَكَانَتْ دَلَالَةُ أَنْ لَا يَتِمَّ نِكَاحُهَا إلَّا بِوَلِيٍّ وَكَانَتْ إذَا فَعَلَتْ ذَلِكَ مُفَوِّتَةً فِي شَيْءٍ لَهَا فِيهِ شَرِيكٌ وَمِنْ يُفَوِّتُ فِي شَيْءٍ لَهُ فِيهِ شَرِيكٌ لَمْ يَجُزْ ذَلِكَ عَلَى شَرِكَتِهِ فَإِذَا كَانَ الشَّرِيكُ فِي بُضْعٍ لَمْ يَتِمَّ إلَّا بِاجْتِمَاعِ الشَّرِيكَيْنِ لِأَنَّهُ لَا يَتَبَعَّضُ وَلَمْ يَكُنْ لِلْوُلَاةِ مَعَهَا مَعْنًى إلَّا بِمَا وَصَفْنَا وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ إلَّا أَنْ تَنْكِحَ مَنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>