للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمَرْأَةُ مِنْ الدُّخُولِ أَوْ أَهْلُهَا لِعِلَّةٍ أَوْ إصْلَاحِ أَمْرِهَا لَمْ تَجِبْ عَلَى زَوْجِهَا نَفَقَتُهَا حَتَّى لَا يَكُونَ الِامْتِنَاعُ مِنْ الدُّخُولِ إلَّا مِنْهُ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَلَوْ امْتَنَعَتْ مِنْ الدُّخُولِ عَلَيْهِ فَغَابَ عَنْهَا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ نَفَقَتُهَا حَتَّى يَحْضُرَ فَلَا تُمْنَعُ مِنْ الدُّخُولِ عَلَيْهِ وَإِنْ طَالَتْ غَيْبَتُهُ إلَّا أَنْ يَبْعَثَ إلَيْهِ أَهْلُهَا أَنْ اُقْدُمْ فَادْخُلْ فَيُؤَجَّلُ بِقَدْرِ مَا يَسِيرُ بَعْدَ بُلُوغِ رِسَالَتِهَا إلَيْهِ أَوْ تَسِيرُ هِيَ إلَيْهِ وَيُوَسَّعُ فِي ذَلِكَ عَلَيْهِ لِقَضَاءِ حَاجَتِهِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَإِنْ تَأَخَّرَ بَعْدَ ذَلِكَ وَجَبَ عَلَيْهِ نَفَقَتُهَا لِأَنَّ الْحَبْسَ جَاءَ مِنْ قِبَلِهِ.

قَالَ وَلَوْ دَخَلَتْ عَلَيْهِ فَمَرِضَتْ مَرَضًا لَا يَقْدِرُ عَلَى إتْيَانِهَا مَعَهُ كَانَتْ عَلَيْهِ نَفَقَتُهَا وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ يَقْدِرُ عَلَى إتْيَانِهَا إذَا لَمْ تَمْتَنِعْ مِنْ أَنْ يَأْتِيَهَا إنْ شَاءَ وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَتْ لَمْ تَدْخُلْ عَلَيْهِ وَخَلَّتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ نَفْسِهَا كَانَتْ عَلَيْهِ نَفَقَتُهَا وَهَذَا مُخَالِفٌ لِلصِّغَرِ هَذَا إنَّمَا يَكُونُ الِامْتِنَاعُ فِيهِ مِنْ الْإِتْيَانِ مِنْهُ لِأَنَّهُ يَعَافُهَا بِلَا امْتِنَاعٍ مِنْهَا لِأَنَّهَا تَحْتَمِلُ أَنْ تُؤْتَى قَالَ وَلَوْ أَصَابَهَا فِي الْفَرْجِ شَيْءٌ يَضُرُّ بِهِ الْجِمَاعُ ضَرَرًا شَدِيدًا مُنِعَ مِنْ جِمَاعِهَا إنْ شَاءَتْ وَأَخَذَ بِنَفَقَتِهَا إلَّا أَنْ يَشَاءَ أَنْ يُطَلِّقَهَا وَكَذَلِكَ لَوْ أَرْتَقَتْ فَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى أَنْ يَأْتِيَهَا أَبَدًا بَعْدَ مَا أَصَابَهَا أَخَذَ بِنَفَقَتِهَا مِنْ قِبَلِ أَنَّ هَذَا عَارِضٌ لَهَا لَا مَنْعٌ مِنْهَا لِنَفْسِهَا وَقَدْ جُومِعَتْ وَكَانَتْ مِمَّنْ يُجَامَعُ مِثْلُهَا.

قَالَ وَلَوْ أَذِنَ لَهَا فَأَحْرَمَتْ أَوْ اعْتَكَفَتْ أَوْ لَزِمَهَا صَوْمٌ بِنَذْرٍ أَوْ كَفَّارَةٍ كَانَتْ عَلَيْهِ نَفَقَتُهَا فِي حَالَاتِهَا تِلْكَ كُلِّهَا.

قَالَ وَإِذَا دَخَلَتْ عَلَيْهِ أَوْ لَمْ تَدْخُلْ عَلَيْهِ فَهَرَبَتْ أَوْ امْتَنَعَتْ أَوْ كَانَتْ أَمَةً فَمَنَعَهَا أَهْلُهَا فَلَا نَفَقَةَ لَهَا حَتَّى تُخَلِّيَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ نَفْسِهَا.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَلَوْ ادَّعَتْ عَلَيْهِ أَنَّهُ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا وَأَنْكَرَ فَامْتَنَعَتْ مِنْهُ لَمْ يَكُنْ لَهَا نَفَقَةٌ حَتَّى تَعُودَ إلَى غَيْرِ الِامْتِنَاعِ مِنْهُ.

قَالَ وَلَوْ أَقَرَّ أَنَّهُ طَلَّقَ إحْدَى نِسَائِهِ ثَلَاثًا وَلَمْ يُبَيِّنْ أَخَذَ بِنَفَقَتِهِنَّ كُلِّهِنَّ حَتَّى يُبَيِّنَ لِأَنَّهُنَّ مَحْبُوسَاتٌ بِهِ وَالِامْتِنَاعُ كَانَ مِنْهُ لَا مِنْهُنَّ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَكُلُّ زَوْجَةٍ لِحُرٍّ مُسْلِمٍ حُرَّةً مُسْلِمَةً أَوْ ذِمِّيَّةً فَسَوَاءٌ فِي النَّفَقَةِ وَالْخِدْمَةِ عَلَى قَدْرِ سَعَةِ مَالِهِ وَضِيقِهِ وَكَذَلِكَ إنْ كَانَتْ امْرَأَتُهُ أَمَةً فَخَلَّى بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا إلَّا أَنَّهُ لَيْسَ عَلَيْهِ إنْ كَانَ مُوسِعًا أَنْ يُنْفِقَ لِلْأَمَةِ عَلَى خَادِمٍ لِأَنَّ الْمَعْرُوفَ لِلْأَمَةِ أَنَّهَا خَادِمٌ كَانَتْ فِي الْفَرَاهَةِ وَكَثْرَةِ الثَّمَنِ مَا كَانَتْ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَيَلْزَمُ الزَّوْجَ نَفَقَةُ وَلَدِهِ عَلَى مَا ذَكَرْت مِنْ قَدْرِ نَفَقَةِ امْرَأَتِهِ وَكِسْوَتِهِ مَا كَانَ عَلَيْهِ أَنْ يُنْفِقَ عَلَيْهِ فَإِنْ كَانُوا مَمَالِيكَ فَلَيْسَ عَلَيْهِ نَفَقَتُهُمْ وَإِذَا عَتَقُوا فَعَلَيْهِ نَفَقَتُهُمْ وَيُنْفِقُ عَلَى وَلَدِهِ وَوَلَدِ وَلَدِهِ وَآبَائِهِ كَمَا وَصَفْت وَلَا يُنْفِقُ عَلَى أَحَدِ أَقْرِبَائِهِ غَيْرُهُمْ لَا أَخٌ وَلَا عَمٌّ وَلَا خَالَةٌ وَلَا عَلَى عَمَّةٍ وَلَا عَلَى ابْنٍ مِنْ رَضَاعَةٍ وَلَا عَلَى أَبٍ مِنْهَا قَالَ وَكُلُّ زَوْجٍ حُرٍّ مُسْلِمٍ وَذِمِّيٍّ وَوَثَنِيٍّ عِنْدَهُ حُرَّةٌ مِنْ النِّسَاءِ فِي هَذَا كُلِّهِ سَوَاءٌ لَا يَخْتَلِفُونَ.

بَابُ نَفَقَةِ الْعَبَدِ عَلَى امْرَأَتِهِ

(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَإِذَا تَزَوَّجَ الْعَبْدُ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ حُرَّةً أَوْ كِتَابِيَّةً أَوْ أَمَةً فَعَلَيْهِ نَفَقَاتُهُنَّ كُلِّهِنَّ كَنَفَقَةِ الْمُقْتِرِ لَا يُخَالِفُهُ وَلَا يُفْرَضُ عَلَيْهِ أَكْثَرُ مِنْهَا لِأَنَّهُ لَيْسَ عَبْدٌ إلَّا وَهُوَ مُقْتِرٌ لِأَنَّ مَا بِيَدَيْهِ وَإِنْ اتَّسَعَ مِلْكٌ لِسَيِّدِهِ قَالَ وَلَيْسَ عَلَى الْعَبْدِ أَنْ يُنْفِقَ عَلَى وَلَدِهِ أَحْرَارًا كَانُوا أَوْ مَمَالِيكَ قَالَ وَالْمُكَاتَبُ وَالْمُدَبَّرُ وَكُلُّ مَنْ لَمْ تَكْمُلُ فِيهِ الْحُرِّيَّةُ فِي هَذَا كُلِّهِ كَالْمَمْلُوكِ وَإِنْ كَانَتْ لِلْمُكَاتَبِ أُمُّ وَلَدٍ وَطِئَهَا فِي الْمُكَاتَبَةِ بِالْمِلْكِ فَوَلَدَتْ لَهُ أَنْفَقَ عَلَى وَلَدِهِ فَإِنْ عَجَزَ فَلَيْسَ عَلَيْهِ نَفَقَتُهُمْ لِأَنَّهُمْ مَمَالِيكُ لِسَيِّدِهِ قَالَ وَيُنْفِقُ الْعَبْدُ عَلَى امْرَأَتِهِ إذَا طَلَّقَهَا طَلَاقًا يَمْلِكُ الرَّجْعَةَ فِي الْعِدَّةِ وَإِذَا لَمْ يَمْلِكْ رَجْعَتَهَا لَمْ يُنْفِقْ عَلَيْهَا إلَّا أَنْ تَكُونَ حَامِلًا فَيُنْفِقَ عَلَيْهَا لِأَنَّ نَفَقَةَ الْحَوَامِلِ فَرْضٌ فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى وَلَسْت أَعْرِفُهَا إلَّا لِمَكَانِ الْوَلَدِ فَإِذَا أَنْفَقَ عَلَيْهَا وَهِيَ مُطَلَّقَةٌ لَا يَمْلِكُ رَجْعَتَهَا وَهُوَ يَرَاهَا حَامِلًا ثُمَّ بَانَ أَنْ لَيْسَ بِهَا حَمْلٌ رَجَعَ عَلَيْهَا بِالنَّفَقَةِ مِنْ يَوْمِ طَلَّقَهَا وَأَنْفَقَ عَلَيْهَا إنْ أَرَادَ ذَلِكَ وَسَوَاءٌ أَنْفَقَ عَلَيْهَا بِأَمْرِ قَاضٍ أَوْ غَيْرِ أَمْرِ قَاضٍ لِأَنَّهُ كَانَ يَلْزَمُهُ فِي الظَّاهِرِ عَلَى مَعْنَى أَنَّهَا حَامِلٌ وَإِذَا بَانَ بِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِحَامِلٍ رَجَعَ عَلَيْهَا بِهِ. وَاَللَّهُ تَعَالَى الْمُوَفِّقُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>