للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ إذَا مَنَعَهَا فُرِّقَ مِثْلُ نُشُوزِ الرَّجُلِ وَمِثْلُ تَرْكِهِ الْقَسْمَ لَهَا مِنْ غَيْرِ إيلَاءٍ؟ فَقُلْت لَهُ نَعَمْ لَيْسَ فِي فَقْدِ الْجِمَاعِ أَكْثَرُ مِنْ فَقْدِ لَذَّةٍ وَوِلْدَةٍ وَذَلِكَ لَا يُتْلِفُ نَفْسَهَا وَتَرْكُ النَّفَقَةِ وَالْكِسْوَةِ يَأْتِيَانِ عَلَى إتْلَافِ نَفْسِهَا وَقَدْ وَجَدْت اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ أَبَاحَ فِي الضَّرُورَةِ مِنْ الْمَأْكُولِ مَا حَرَّمَ مِنْ الْمَيْتَةِ وَالدَّمِ وَغَيْرِهِمَا مَنْعًا لِلنَّفْسِ مِنْ التَّلَفِ وَوَضَعَ الْكُفْرَ عَنْ الْمُسْتَكْرَهِ لِلضَّرُورَةِ الَّتِي تَدْفَعُ عَنْ نَفْسِهِ وَلَا أَجِدُهُ أَبَاحَ لِلْمَرْأَةِ وَلَا لِلرَّجُلِ فِي الشَّهْوَةِ لِلْجِمَاعِ شَيْئًا مِمَّا حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِمَا وَأَنْتَ تَزْعُمُ أَنَّ الرَّجُلَ إذَا عَجَزَ عَنْ إصَابَةِ امْرَأَتِهِ وَإِنْ كَانَ يُصِيبُ غَيْرَهَا أُجِّلَ سَنَةً ثُمَّ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا إنْ شَاءَتْ قَالَ هَذَا رِوَايَةٌ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قُلْت فَإِنْ كَانَتْ الْحُجَّةُ فِيهِ الرِّوَايَةَ عَنْ عُمَرَ فَإِنَّ قَضَاءَ عُمَرَ بِأَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَ الزَّوْجِ وَامْرَأَتِهِ إذَا لَمْ يُنْفِقْ عَلَيْهَا أَثْبَتُ عَنْهُ فَكَيْفَ رَدَدْت إحْدَى قَضَايَا عُمَرَ فِي التَّفْرِيقِ بَيْنَهُمَا وَلَمْ يُخَالِفْهُ فِيهِ أَحَدٌ عَلِمْتُهُ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَبِلْت قَضَاءَهُ فِي الْعِنِّينِ وَأَنْتَ تَزْعُمُ أَنَّ عَلِيًّا - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - يُخَالِفُهُ؟ فَقَالَ قَبِلْته لِأَنَّ الْجِمَاعَ مِنْ حُقُوقِ الْعُقْدَةِ قُلْت لَهُ أَفَكَمَا يُجَامِعُ النَّاسُ أَوْ جِمَاعُ مَرَّةٍ وَاحِدَةٍ؟ قَالَ كَمَا يُجَامِعُ النَّاسُ قُلْت فَأَنْتَ إذَا جَامَعَ مَرَّةً وَاحِدَةً لَمْ تُفَرِّقْ بَيْنَهُمَا قَالَ مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ لَيْسَ بِعِنِّينٍ قُلْت فَكَيْفَ يُجَامِعُ غَيْرَهَا وَلَا يَكُونُ عِنِّينًا وَتُؤَجِّلُهُ سَنَةً؟ قَالَ إنَّ أَدَاءَ الْحَقِّ إلَى غَيْرِهَا غَيْرُ مُخْرِجٍ لَهُ مِنْ حَقِّهَا قُلْت فَإِذَا كُنْت تُفَرِّقُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ حَقًّا عَلَيْهِ جِمَاعُهَا وَرَضِيت مِنْهُ فِي عُمُرِهِ أَنْ يُجَامِعَ مَرَّةً وَاحِدَةً فَحَقُّهَا عَلَيْهِ فِي كِتَابِ اللَّهِ وَسُنَّةِ نَبِيِّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالْآثَارِ فِي نَفَقَتِهَا وَاجِبٌ قَالَ نَعَمْ قُلْت فَلِمَ أَقْرَرْتهَا مَعَهُ بِفَقْدِ حَقَّيْنِ فِي النَّفَقَةِ وَالْكِسْوَةِ وَفَقْدُهُمَا يَأْتِي عَلَى إتْلَافِهَا لِأَنَّ الْجُوعَ وَالْعَطَشَ فِي أَيَّامٍ يَسِيرَةٍ يَقْتُلَانِهَا وَالْعُرْيَ يَقْتُلُهَا فِي الْحَرِّ وَالْبَرْدِ وَأَنْتَ تَقُولُ لَوْ أَنْفَقَ عَلَيْهَا دَهْرَهُ ثُمَّ تَرَكَ يَوْمًا أَخَذَتْهُ بِنَفَقَتِهَا لِأَنَّهُ يَجِبُ لَهَا فِي كُلِّ يَوْمٍ نَفَقَةٌ وَفَرَّقْت بَيْنَهُمَا بِفَقْدِ الْجِمَاعِ الَّذِي تُخْرِجُهُ مِنْهُ فِي عُمُرِهَا بِجِمَاعِ مَرَّةٍ وَاحِدَةٍ فَقَدْ فَرَّقْت بَيْنَهُمَا بِأَصْغَرِ الضَّرَرَيْنِ وَأَقْرَرْتهَا مَعَهُ عَلَى أَعْظَمِ الضَّرَرَيْنِ ثُمَّ زَعَمْت أَنَّهَا مَتَى طَلَبَتْ نَفَقَتَهَا مِنْ مَالِهِ غَائِبًا كَانَ أَوْ حَاضِرًا فَرَضْتهَا عَلَيْهِ وَجَعَلْتهَا دَيْنًا فِي ذِمَّتِهِ كَحُقُوقِ النَّاسِ وَإِنْ كَفَّتْ عَنْ طَلَبِ نَفَقَتِهَا أَوْ هَرَبَ فَلَمْ تَجِدْهُ وَلَا مَالَ لَهُ ثُمَّ جَاءَ لَمْ تَأْخُذْهُ بِنَفَقَتِهَا فِيمَا مَضَى، هَلْ رَأَيْت مَالًا قَطُّ يَلْزَمُ الْوَالِيَ أَخْذُهُ لِصَاحِبِهِ حَاضِرًا أَوْ غَائِبًا فَيَتْرُكُ مَنْ هُوَ لَهُ طَلَبُهُ أَوْ يَطْلُبُهُ فَيَهْرُبُ صَاحِبُهُ فَيَبْطُلُ عَنْهُ؟ (قَالَ): فَيَفْحُشُ عِنْدِي أَنْ يَكُونَ اللَّهُ أَحَلَّ لِرَجُلٍ فَرْجًا فَأُحَرِّمُهُ عَلَيْهِ بِلَا إحْدَاثِ طَلَاقٍ مِنْهُ قُلْت لَهُ أَفَرَأَيْت أَحَدَ الزَّوْجَيْنِ يَرْتَدُّ أَهُوَ قَوْلُ الزَّوْجِ أَنْتِ طَالِقٍ فَأَنْتَ تُفَرِّقُ بَيْنَهُمَا؟ أَرَأَيْت الْأَمَةَ تَعْتِقُ أَهُوَ قَوْلُ الزَّوْجِ أَنْتِ طَالِقٌ؟ فَأَنْتَ تُفَرِّقُ بَيْنَهُمَا إنْ شَاءَتْ الْأَمَةُ أَوْ رَأَيْت الْمَوْلَى أَهُوَ طَلَّقَ؟ أَرَأَيْت الرَّجُلُ يَعْجِزُ عَنْ إصَابَةِ امْرَأَتِهِ أَهُوَ طَلَّقَ فَأَنْتَ تُفَرِّقُ فِي هَذَا كُلِّهِ قَالَ أَمَّا الْمَوْلَى فَاسْتَدْلَلْنَا بِالْكِتَابِ وَأَمَّا مَا سِوَاهُ بِالسُّنَّةِ وَالْأَثَرِ عَنْ عُمَرَ قُلْت فَحُجَّتُك بِأَنَّهُ يَقْبُحُ أَنْ يُفَرَّقَ بِغَيْرِ طَلَاقٍ يُحْدِثُهُ الزَّوْجُ لَا حُجَّةَ لَك عَلَيْهِ وَغَيْرُ حُجَّةٍ عَلَى غَيْرِك (قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَقُلْت لَهُ فَكَيْفَ زَعَمْت أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَى الرَّجُلِ نَفَقَةُ امْرَأَتِهِ إلَّا بِالدُّخُولِ وَإِنْ خَلَّتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ نَفْسِهَا؟ قَالَ لِأَنَّهُ لَمْ يَسْتَمْتِعْ مِنْهَا بِجِمَاعٍ قُلْت أَفَرَأَيْت إذَا غَابَ أَوْ مَرِضَ أَيَسْتَمْتِعُ مِنْهَا بِجِمَاعٍ؟ قَالَ لَا وَلَكِنَّهَا مَحْبُوسَةٌ عَلَيْهِ قُلْت أَفَتَجِدُهَا مُمَلَّكَةً مَحْبُوسَةً عَلَيْهِ؟ قَالَ نَعَمْ قُلْت وَيَجِبُ بَيْنَهُمَا الْمِيرَاثُ؟ قَالَ نَعَمْ قُلْت وَإِنْ كَانَتْ النَّفَقَةُ لِلْحَبْسِ فَهِيَ مَحْبُوسَةٌ وَإِنْ كَانَتْ لِلْجِمَاعِ فَالْمَرِيضُ وَالْغَائِبُ لَا يُجَامِعَانِ فِي حَالِهِمَا تِلْكَ فَأَسْقَطَ لِذَلِكَ النَّفَقَةَ. قَالَ إذَا كَانَ مِثْلُهَا يُجَامَعُ وَخَلَّتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ نَفْسِهَا وَجَبَتْ لَهَا النَّفَقَةُ قُلْت لَهُ لِمَ أَوْجَبْتَ لَهَا النَّفَقَةَ فِي الْعِدَّةِ وَقَدْ طَلُقَتْ ثَلَاثًا وَهِيَ غَيْرُ حَامِلٍ فَخَالَفْت الِاسْتِدْلَالَ بِالْكِتَابِ وَنَصِّ السُّنَّةِ؟ قَالَ وَأَيْنَ الدَّلَالَةُ بِالْكِتَابِ؟ فَقُلْت لَهُ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي الْمُطَلَّقَاتِ {وَإِنْ كُنَّ أُولاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} فَاسْتَدْلَلْنَا عَلَى أَنْ لَا فَرْضَ فِي الْكِتَابِ لِمُطَلَّقَةٍ مَالِكَةٍ لِأَمْرِهَا غَيْرِ حَامِلٍ قَالَ فَإِنَّهُ قَدْ ذَكَرَ

<<  <  ج: ص:  >  >>