للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَكُنْ فِي هَذَا حُجَّةٌ غَيْرُ هَذَا لَاكْتَفَى بِهَا فَكَيْفَ وَمَعَهُ تَخْيِيرُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إيَّاهُ وَتَرَكَ مَسْأَلَتَهُ عَنْ الْأَوَائِلِ وَالْأَوَاخِرِ كَمَا تَرَكَ مَسْأَلَةَ مَنْ أَسْلَمَ مِنْ أَهْلِ الشِّرْكِ عَنْ نِكَاحِهِ لِيَعْلَمَ أَفَاسِدٌ أَمْ صَحِيحٌ وَهُوَ مَعْفُوٌّ يَجُوزُ كُلُّهُ وَالْآخَرُ أَنَّهُ حَظَرَ عَلَيْهِ فِي الْإِسْلَامِ مَا لَا يَجُوزُ أَنْ يُجَاوِزَ بَعْدَهُ أَرْبَعًا وَمِنْ الْجَمْعِ بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ فَحَكَمَ فِي الْعَقْدِ بِفَوَاتِهِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ حُكْمَ مَا قَبَضَ مِنْ الرِّبَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} فَحَكَمَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِحُكْمِ اللَّهِ فِي أَنْ لَمْ يَرُدَّ مَا قُبِضَ مِنْ الرِّبَا لِأَنَّهُ فَاتَ وَرَدَّ مَا لَمْ يُقْبَضْ مِنْهُ لِأَنَّ الْإِسْلَامَ أَدْرَكَهُ غَيْرَ فَائِتٍ فَكَذَلِكَ حُكْمُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فِي عَقْدِ النِّكَاحِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ إنْ لَمْ يُرِدْهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِأَنَّهُ فَاتَ إنَّمَا هُوَ شَيْءٌ وَاحِدٌ لَا يَتَبَعَّضُ فَيُجَازُ بَعْضُهُ وَيُرَدُّ بَعْضُهُ وَحَكَمَ فِيمَنْ أَدْرَكَهُ الْإِسْلَامُ مِنْ النِّسَاءِ عُقْدَةَ حُكْمِ الْإِسْلَامِ فَلَمْ يَجُزْ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِ نِسْوَةٍ وَلَا أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ لِأَنَّ هَذَا غَيْرُ فَائِتٍ أَدْرَكَهُنَّ الْإِسْلَامُ مَعَهُ كَمَا أَدْرَكَ مَا لَمْ يَفُتْ مِنْ الرِّبَا بِقَبْضٍ.

قَالَ أَفَتُوجِدُنِي سِوَى هَذَا مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْعُقْدَةَ فِي النِّكَاحِ تَكُونُ كَالْعُقْدَةِ فِي الْبُيُوعِ، وَالْفَوْتُ مَعَ الْعُقْدَةِ؟ فَقُلْت فِيمَا أَوْجَدْتُك كِفَايَةٌ قَالَ: فَاذْكُرْ غَيْرَهُ إنْ عَلِمْته قُلْت أَرَأَيْت امْرَأَةً نَكَحْتهَا بِغَيْرِ مَهْرٍ فَأَصَبْتهَا أَوْ بِمَهْرٍ فَاسِدٍ؟ قَالَ فَلَهَا مَهْرُ مِثْلِهَا وَالنِّكَاحُ ثَابِتٌ لَا يَنْفَسِخُ قُلْت لَهُ وَلَوْ عَقَدْت الْبَيْعَ بِغَيْرِ ثَمَنٍ مُسَمًّى أَوْ ثَمَنٍ مُحَرَّمٍ رُدَّ الْبَيْعُ إنْ وُجِدَ فَإِنْ هَلَكَ فِي يَدَيْك كَانَ عَلَيْك قِيمَتُهُ؟ قَالَ نَعَمْ قُلْت: أَفَتَجِدُ عَقْدَ النِّكَاحِ هَهُنَا أُخِذَ كَعَقْدِ الْبَيْعِ يَرْبُونَهُ؟ قَالَ نَعَمْ قُلْت فَمَا مَنَعَك فِي عَقْدِ النِّكَاحِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ أَنْ تَقُولَ هُوَ كَفَائِتِ مَا اقْتَسَمُوا عَلَيْهِ وَقَبَضُوا الْقَسْمَ وَمَا أَرْبَوْا فَمَضَى قَبْضُهُ وَلَا أَرُدُّهُ، وَقُلْت أَرَأَيْت قَوْلَك اُنْظُرْ إلَى الْعُقْدَةِ فَإِنْ كَانَتْ لَوْ اُبْتُدِئَتْ فِي الْإِسْلَامِ جَازَتْ أَجَزْتهَا وَإِنْ كَانَتْ لَوْ اُبْتُدِئَتْ فِي الْإِسْلَامِ رُدَّتْ رَدَدْتهَا أَمَّا ذَلِكَ فِيمَا جَاءَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي حَدِيثِ ابْنِ الدَّيْلَمِيِّ وَنَوْفَلِ بْنِ مُعَاوِيَةَ مَا قَطَعَ عَنْك مَوْضِعَ الشَّكِّ قَالَ فَإِنَّمَا كَلَّمْتُك عَلَى حَدِيثِ الزُّهْرِيِّ لِأَنَّ جُمْلَتَهُ قَدْ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ عَامًّا عَلَى مَا وَصَفْت وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَامًّا فِي الْحَدِيثِ فَقُلْت لَهُ: هَذَا لَوْ كَانَ كَانَ أَشَدَّ عَلَيْك وَلَوْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ إلَّا حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ وَلَمْ يَكُنْ فِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ دَلَالَةٌ كُنْت مَحْجُوجًا عَلَى لِسَانِك مَعَ أَنَّ فِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ دَلَالَةً عِنْدَنَا عَلَى قَوْلِنَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ قَالَ: فَأَوْجَدَنِي مَا يَدُلُّ عَلَى خِلَافِ قَوْلِي لَوْ لَمْ يَكُنْ فِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ دَلَالَةٌ بَيِّنَةٌ قُلْت أَرَأَيْت رَجُلًا ابْتَدَأَ فِي الْإِسْلَامِ نِكَاحًا بِشَهَادَةِ أَهْلِ الْأَوْثَانِ أَيَجُوزُ؟.

قَالَ لَا وَلَا بِشَهَادَةِ أَهْلِ الذِّمَّةِ لِأَنَّهُمْ لَا يَكُونُونَ شُهَدَاءَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ قُلْت: أَفَرَأَيْت غَيْلَانَ بْنَ سَلَمَةَ أَمِنْ أَهْلِ الْأَوْثَانِ كَانَ قَبْلَ الْإِسْلَامِ؟.

قَالَ: نَعَمْ قُلْت أَفَرَأَيْت أَحْسَنَ مَا كَانَ عِنْدَهُ أَلَيْسَ أَنْ يَنْكِحَ بِشَهَادَةِ أَهْلِ الْأَوْثَانِ؟ قَالَ بَلَى قُلْت: فَإِذَا زَعَمْت أَنْ يُقِرَّ مَعَ أَرْبَعٍ وَأَحْسَنُ حَالِهِ فِيهِنَّ أَنْ يَكُونَ نِكَاحُهُنَّ بِشَهَادَةِ أَهْلِ الْأَوْثَانِ أَمَا خَالَفْت أَصْلَ قَوْلِك؟ قَالَ إنَّ هَذَا لَيَلْزَمُنِي، قُلْت: فَلَوْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْك حُجَّةٌ غَيْرُهُ كُنْت مَحْجُوجًا مَعَ أَنَّا لَا نَدْرِي لَعَلَّهُمْ كَانُوا يَنْكِحُونَ بِغَيْرِ وَلِيٍّ وَبِغَيْرِ شُهُودٍ وَفِي الْعِدَّةِ: قَالَ إنَّ هَذَا لَيُمْكِنُ فِيهِمْ وَيُرْوَى عَنْهُمْ أَنَّهُمْ كَانُوا يَنْكِحُونَ بِغَيْرِ شُهُودٍ وَفِي الْعِدَّةِ قَالَ أَجَلْ وَلَكِنْ لَمْ أَسْمَعْ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَيْفَ سَأَلَهُمْ أَصْلَ نِكَاحِهِمْ قُلْت أَفَرَأَيْت إنْ قَالَ لَك قَائِلٌ كَمَا قُلْت لَنَا قَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ سَأَلَهُمْ وَلَمْ يُؤَدِّ إلَيْك فِي الْخَبَرِ قَالَ إذًا يَكُونُ ذَلِكَ لَهُ عَلَيَّ قُلْت لَهُ أَفَتَجِدُ بُدًّا مِنْ أَنْ يَكُونَ لِمَا لَمْ يُؤَدِّ فِي الْخَبَرِ أَنَّهُ سَأَلَهُمْ عَنْ أَصْلِ الْعُقْدَةِ كَانَ ذَلِكَ عَفْوًا عَنْ الْعُقْدَةِ لِأَنَّهَا لَا تَكُونُ لِأَهْلِ الْأَوْثَانِ إلَّا عَلَى مَا يَصْلُحُ أَنْ يَبْتَدِئَهَا فِي الْإِسْلَامِ مُسْلِمٌ أَوْ تَكُونُ تَقُولُ فِي الْعُقْدَةِ قَوْلَك فِي عَدَدِ النِّسَاءِ أَنَّهُ يُفَرِّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَنْ تَحْرُمُ بِكُلِّ وَجْهٍ عَلَيْهِ فَتَقُولُ يَبْتَدِئُونَ مَعًا لِلنِّكَاحِ فِي الْإِسْلَامِ قَالَ لَا أَقُولُهُ قُلْت وَمَا مَنَعَك أَنْ تَقُولَهُ؟ أَلَيْسَ بِأَنَّ السُّنَّةَ دَلَّتْ عَلَى أَنَّ الْعُقْدَةَ مَعْفُوَّةٌ لَهُمْ؟ قَالَ بَلَى، قُلْت: وَإِذَا كَانَتْ

<<  <  ج: ص:  >  >>