للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْفَرْقِ، قُلْت لَهُ تَرَكْت فِي الْمَرْأَةِ تُنْكَحُ بِغَيْرِ إذْنِ وَلِيٍّ الْحَدِيثَ وَالْقِيَاسَ وَزَعَمْت أَنَّ الْعُقْدَةَ مَرْفُوعَةٌ وَالْجِمَاعَ غَيْرُ مُبَاحٍ، فَإِنْ أَجَازَهَا الْوَلِيُّ جَازَتْ وَقَدْ كَانَ الْعَقْدُ فِيهَا غَيْرَ تَامٍّ ثُمَّ زَعَمْت هَذَا أَيْضًا فِي الْمَرْأَةِ يُزَوِّجُهَا الْوَلِيُّ بِغَيْرِ إذْنِهَا فَقُلْت إنْ أَجَازَتْ النِّكَاحَ جَازَ وَإِنْ رَدَّتْهُ فَهُوَ مَرْدُودٌ وَفِي الرَّجُلِ يُزَوِّجُ الْمَرْأَةَ بِغَيْرِ عِلْمِهِ إنْ أَجَازَ النِّكَاحَ جَازَ وَإِنْ رَدَّهُ فَهُوَ مَرْدُودٌ وَأَجَزْت أَنْ تَكُونَ الْعُقْدَةُ مُنْعَقِدَةً وَالْجِمَاعُ غَيْرَ مُبَاحٍ وَأَجَزْت الْخِيَارَ فِي النِّكَاحِ وَهُوَ خِلَافُ السُّنَّةِ وَخِلَافُ أَصْلٍ مِنْ ذَلِكَ قَالَ فَمَا تَقُولُ أَنْتَ؟ قُلْت كُلُّ عِدَّةٍ انْعَقَدَتْ غَيْرَ تَامَّةٍ يَكُونُ الْجِمَاعُ بِهَا مُبَاحًا فَهِيَ مَفْسُوخَةٌ لَا نُجِيزُهَا بِإِجَازَةِ رَجُلٍ وَلَا امْرَأَةٍ وَلَا وَلِيٍّ وَلَا سُلْطَانٍ وَلَا بُدَّ فِيهَا مِنْ اسْتِئْنَافٍ بِالسُّنَّةِ وَالْقِيَاسِ عَلَيْهَا وَكُلُّ مَا زَعَمْت أَنْتَ مِنْ هَذَا أَنَّهُ مَوْقُوفٌ عَلَى رِضَا امْرَأَةٍ أَوْ رَجُلٍ أَوْ وَلِيٍّ أَوْ سُلْطَانٍ فَهُوَ مَفْسُوخٌ عِنْدِي، وَقُلْت لَهُ قَالَ صَاحِبُك فِي الصَّبِيَّةِ يُزَوِّجُهَا غَيْرُ الْأَبِ النِّكَاحُ ثَابِتٌ وَلَهَا الْخِيَارُ إذَا بَلَغَتْ فَجَعْلُهَا وَارِثَةً مَوْرُوثَةً يُحِلُّ جِمَاعَهَا وَتَخْتَارُ إذَا بَلَغَتْ فَأَجَازَ الْخِيَارَ بَعْدَ إبَاحَةِ جِمَاعِهَا إذَا احْتَمَلَتْ الْجِمَاعَ قَبْلَ تَبْلُغَ قَالَ فَقَدْ خَالَفْنَاهُ فِي هَذَا فَقُلْنَا لَا خِيَارَ لَهَا وَالنِّكَاحُ ثَابِتٌ فَقُلْت لَهُ وَلِمَ أَثْبَتَّ النِّكَاحَ عَلَى الصَّغِيرَةِ لِغَيْرِ الْأَبِ فَجَعَلْتهَا يَمْلِكُ عَلَيْهَا أَمْرَهَا غَيْرُ أَبِيهَا وَلَا خِيَارَ لَهَا، وَقَدْ زَعَمْت أَنَّ الْأَمَةَ إنَّمَا جُعِلَ لَهَا الْخِيَارُ إذَا عَتَقَتْ لِأَنَّهَا كَانَتْ لَا تَمْلِكُ نَفْسَهَا بِأَنْ تَأْذَنَ فَيَجُوزُ عَلَيْهَا وَلَا تُرَدُّ فَيَرُدُّ عَنْهَا فَلَمْ يَصْلُحْ عِنْدَك أَنْ تَتِمَّ عَلَيْهَا عُقْدَةٌ انْعَقَدَتْ قَبْلَ أَنْ يَكُونَ لَهَا الْأَمْرُ ثُمَّ يَكُونَ لَهَا أَمْرٌ فَلَا تَمْلِكُ النِّكَاحَ وَلَا رَدَّ إجَازَتِهِ؟ قَالَ فَتَقُولُ مَاذَا؟ قُلْت لَا يُثْبِتُ عَلَى صَغِيرَةٍ وَلَا صَغِيرٍ إنْكَاحَ أَحَدٍ غَيْرُ أَبِيهَا وَأَبِيهِ وَلَا يَتَوَارَثَانِ؟ قَالَ فَإِنَّا إنَّمَا أَجَزْنَاهُ عَلَيْهَا عَلَى وَجْهِ النَّظَرِ لَهَا قُلْت: فَيَجُوزُ أَنْ يَنْظُرَ لَهَا نَظَرًا يَقْطَعُ بِهِ حَقَّهَا الَّذِي أَثْبَته لَهَا الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ وَإِجْمَاعُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ أَنَّهُ لَيْسَ لِغَيْرِ الْأَبِ أَنْ يُزَوِّجَ حُرَّةً بَالِغَةً إلَّا بِرِضَاهَا وَذَلِكَ أَنَّ تَزْوِيجَهَا إثْبَاتُ حَقٍّ عَلَيْهَا لَا تَخْرُجُ مِنْهُ.

فَإِنْ زَوَّجَهَا صَغِيرَةً ثُمَّ صَارَتْ بَالِغَةً لَا أَمْرَ لَهَا فِي رَدِّ النِّكَاحِ فَقَدْ قَطَعَتْ حَقَّهَا الْمَجْعُولَ لَهَا وَإِنْ جَعَلْت لَهَا الْخِيَارَ دَخَلَتْ فِي الْمَعْنَى الَّذِي عِبْت مِنْ أَنْ تَكُونَ وَارِثَةً مَوْرُوثَةً وَلَهَا بَعْدُ خِيَارٌ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): فَقَالَ لِي فَقَدْ يَدْخُلُ عَلَيْك فِي الْأَمَةِ مِثْلُ مَا دَخَلَ عَلَيَّ قُلْت: لَا، الْأَمَةُ أَنَا أُخَيِّرُهَا عِنْدَ الْعَبْدِ بِالِاتِّبَاعِ وَلَا أُخَيِّرُهَا عِنْدَ الْحُرِّ لِاخْتِلَافِ حَالِ الْعَبْدِ وَالْحُرِّ وَأَنَّ الْعَبْدَ لَوْ انْتَسَبَ حُرًّا فَتَزَوَّجَهَا عَلَى ذَلِكَ خَيَّرْتهَا لِأَنَّهُ لَا يَصِلُ مِنْ أَدَاءِ الْحَقِّ لَهَا وَالتَّوَصُّلِ إلَيْهَا إلَى مَا يَصِلُ إلَيْهِ الْحُرُّ وَالْأَمَةُ مُخَالِفَةٌ لَهَا وَالْأَمَةُ الثَّيِّبُ الْبَالِغُ يُزَوِّجُهَا سَيِّدُهَا كَارِهَةً وَلَا يُزَوِّجُ الْبَالِغَةَ الْبِكْرَ وَلَا الصَّغِيرَةَ غَيْرُ الْأَبِ كَارِهَةً.

قَالَ فَمَا تَرَى لَوْ كَانَتْ فَقِيرَةً فَزُوِّجَتْ نَظِيرًا لَهَا أَنَّ النِّكَاحَ جَائِزٌ؟ قُلْت: أَيَجُوزُ أَنْ أَنْظُرَ إلَيْهَا بِأَنْ أَقْطَعَ الْحَقَّ الَّذِي جُعِلَ لَهَا فِي نَفْسِهَا؟ هَلْ رَأَيْت فَقِيرًا يَقْطَعُ حَقَّهُ فِي نَفْسِهِ وَلَا يَقْطَعُ حَقَّ الْغَنِيِّ؟ قَالَ: فَقَدْ بِيعَ عَلَيْهَا فِي مَالِهَا، قُلْت: فِيمَا لَا بُدَّ لَهَا مِنْهُ.

وَكَذَلِكَ أَبِيعُ عَلَى الْغَنِيَّةِ وَفِي النَّظَرِ لَهُمَا أَبِيعُ وَحَقُّهُمَا فِي أَمْوَالِهِمَا مُخَالِفٌ حَقَّهُمَا فِي أَنْفُسِهِمَا، قَالَ: فَمَا فَرْقٌ بَيْنَهُمَا؟ قُلْت: أَفَرَأَيْت لَوْ دَعَتْ الْمَرْأَةُ الْبَالِغَةُ أَوْ الرَّجُلُ الْبَالِغُ الْمَوْلَى عَلَيْهِمَا إلَى بَيْعِ شَيْءٍ مِنْ أَمْوَالِهِمَا إمْسَاكُهُ خَيْرٌ لَهُمَا بِلَا ضَرُورَةٍ فِي مَطْعَمٍ وَلَا غَيْرِهِ أَتَبِيعُهُ؟ قَالَ لَا، قُلْت: وَلَوْ وَجَبَ عَلَى أَحَدِهِمَا أَوْ اُحْتِيجَ إلَى بَيْعِ بَعْضِ مَالِهِ فِي ضَرُورَةٍ نَزَلَتْ بِهِ أَوْ حَقٍّ يَلْزَمُهُ أَتَبِيعُهُ وَهُوَ كَارِهٌ؟ قَالَ نَعَمْ قُلْت: فَلَوْ دُعِيَتْ الْبَالِغُ إلَى مُنْكِحٍ كُفْءٍ أَتَمْنَعُهَا؟ قَالَ لَا.

قُلْت وَلَوْ خَطَبَهَا فَمَنَعْته أَتُنْكِحُهَا؟ قَالَ لَا قُلْت: أَفَتَرَى حَقَّهَا فِي نَفْسِهَا يُخَالِفُ حَقَّهَا فِي مَالِهَا؟ قَالَ نَعَمْ، وَقَدْ يَكُونُ النِّكَاحُ لِلْفَقِيرَةِ الصَّغِيرَةِ وَالْكَبِيرَةِ سَوَاءً، قُلْت لَهُ: وَكَيْفَ زَعَمْت أَنْ لَا نَفَقَةَ لَهَا حَتَّى تَبْلُغَ الْجِمَاعَ فَعَقَدْت عَلَيْهَا النِّكَاحَ وَلَمْ تَأْخُذْ لَهَا مَهْرًا وَلَا نَفَقَةً وَمَنَعْتهَا بِذَلِكَ مِنْ غَيْرِ مَنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>