للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِلرَّجُلِ مِنْ الْمَرْأَةِ يُطَلِّقُهَا؟ قَالَ لَا يَحِلُّ لَهُ مِنْهَا شَيْءٌ مَا لَمْ يُرَاجِعْهَا، أَخْبَرَنَا سَعِيدٌ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ أَنَّ عَمْرَو بْنَ دِينَارٍ قَالَ مِثْلَ ذَلِكَ، أَخْبَرَنَا سَعِيدٌ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ أَنَّ عَطَاءً وَعَبْدَ الْكَرِيمِ قَالَا لَا يَرَاهَا فَضْلًا.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ) أَخْبَرَنَا سَعِيدٌ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ أَنَّهُ قَالَ لِعَطَاءٍ أَرَأَيْت إنْ كَانَ فِي نَفْسِهِ ارْتِجَاعُهَا مَا يَحِلُّ لَهُ مِنْهَا قَبْلَ أَنْ يُرَاجِعَهَا وَفِي نَفْسِهِ ارْتِجَاعُهَا؟ قَالَ سَوَاءٌ فِي الْحِلِّ إذَا كَانَ يُرِيدُ ارْتِجَاعَهَا وَإِنْ لَمْ يُرِدْهُ مَا لَمْ يُرَاجِعْهَا.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَهَذَا كَمَا قَالَ عَطَاءٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى؛ وَإِنْ أَصَابَهَا فِي الْعِدَّةِ فَقَالَ أَرَدْت ارْتِجَاعَهَا وَأَقَرَّ أَنَّهُ لَمْ يُشْهِدْ فَقَدْ أَخْطَأَ وَلَهَا عَلَيْهِ مَهْرُ مِثْلِهَا بِمَا أَصَابَ مِنْهَا وَتَعْتَدُّ مِنْ مَائِهِ الْآخَرِ وَتُحْصِي الْعِدَّةَ مِنْ الطَّلَاقِ الْأَوَّلِ فَإِذَا أَكْمَلَتْ الْعِدَّةَ مِنْ الطَّلَاقِ لَمْ يَكُنْ لَهُ عَلَيْهَا رَجْعَةٌ. وَلَهُ عَلَيْهَا الرَّجْعَةُ مَا لَمْ تُكْمِلْهَا وَتُكْمِلُ عِدَّتَهَا مِنْ الْإِصَابَةِ الْآخِرَةِ وَلَا تَحِلُّ لِغَيْرِهِ حَتَّى تَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا مِنْ الْإِصَابَةِ الْآخِرَةِ وَلَهُ هُوَ أَنْ يَخْطُبَهَا فِي عِدَّتِهَا مِنْ مَائِهِ الْآخَرِ، وَلَوْ تَرَكَ ذَلِكَ كَانَ أَحَبَّ إلَيَّ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَأَكْرَهُ لِلْمَرْأَةِ يَمْلِكُ زَوْجُهَا رَجْعَتَهَا مِنْ التَّعْرِيضِ لِلْخَلْوَةِ مَعَهُ مَا أَكْرَهُ لِلَّتِي لَا يَمْلِكُ رَجْعَتَهَا خَوْفًا مِنْ أَنْ يُصِيبَهَا قَبْلَ أَنْ يَرْتَجِعَهَا، فَإِذَا طَلَّقَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ تَطْلِيقَةً فَحَاضَتْ حَيْضَةً أَوْ حَيْضَتَيْنِ ثُمَّ رَاجَعَهَا ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ أَنْ يَمَسَّهَا فَفِيهَا قَوْلَانِ: أَحَدُهُمَا أَنَّهَا تَعْتَدُّ مِنْ الطَّلَاقِ الْأَخِيرِ عِدَّةً مُسْتَقْبَلَةً. وَالْقَوْلُ الثَّانِي أَنَّ الْعِدَّةَ مِنْ الطَّلَاقِ الْأَوَّلِ مَا لَمْ يَدْخُلْ بِهَا، أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ سَالِمٍ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا الشَّعْثَاءِ يَقُولُ تَعْتَدُّ مِنْ يَوْمِ طَلَّقَهَا. قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ وَعَبْدُ الْكَرِيمِ وَطَاوُسٌ وَحُسْنُ بْنُ مُسْلِمٍ يَقُولُونَ تَعْتَدُّ مِنْ يَوْمِ طَلَّقَهَا. وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَسَّهَا قَالَ سَعِيدٌ: يَقُولُونَ طَلَاقُهُ الْآخَرُ قَالَ سَعِيدٌ: وَكَانَ ذَلِكَ رَأْيَ ابْنِ جُرَيْجٍ، أَخْبَرَنَا سَعِيدٌ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ قَالَ: أَرَى أَنْ تَعْتَدَّ مِنْ يَوْمِ طَلَّقَهَا.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَقَدْ قَالَ هَذَا بَعْضُ الْمَشْرِقِيِّينَ. وَقَدْ قَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالتَّفْسِيرِ، إنَّ قَوْلَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ {وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ} إنَّمَا نَزَلَتْ فِي ذَلِكَ كَانَ الرَّجُلُ يُطَلِّقُ امْرَأَتَهُ مَا شَاءَ بِلَا وَقْتٍ فَيُمْهِلُ الْمَرْأَةَ حَتَّى إذَا شَارَفَتْ انْقِضَاءَ عِدَّتِهَا رَاجَعَهَا ثُمَّ طَلَّقَهَا فَإِذَا شَارَفَتْ انْقِضَاءَ عِدَّتِهَا رَاجَعَهَا فَنَزَلَ {الطَّلاقُ مَرَّتَانِ} أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ، قَالَ كَانَ الرَّجُلُ إذَا طَلَّقَ امْرَأَتَهُ ثُمَّ ارْتَجَعَهَا قَبْلَ أَنْ تَقْضِيَ عِدَّتَهَا كَانَ ذَلِكَ لَهُ وَإِنْ طَلَّقَهَا أَلْفَ مَرَّةٍ فَعَمَدَ رَجُلٌ إلَى امْرَأَتِهِ فَطَلَّقَهَا حَتَّى إذَا شَارَفَتْ انْقِضَاءَ عِدَّتِهَا ارْتَجَعَهَا. ثُمَّ طَلَّقَهَا، قَالَ: وَاَللَّهِ لَا آوِيك إلَيَّ وَلَا تَحِلِّينَ أَبَدًا فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ {الطَّلاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ} فَاسْتَقْبَلَ النَّاسُ الطَّلَاقَ جَدِيدًا مَنْ كَانَ مِنْهُمْ طَلَّقَ وَمَنْ لَمْ يُطَلِّقْ. قَالَ وَمَنْ قَالَ هَذَا انْبَغَى أَنْ يَقُولَ إنَّ رَجْعَتَهُ إيَّاهَا فِي الْعِدَّةِ مُخَالِفٌ لِنِكَاحِهِ إيَّاهَا نِكَاحًا جَدِيدًا مُسْتَقْبَلًا. ثُمَّ يُطَلِّقُهَا قَبْلَ أَنْ يَمَسَّهَا وَذَلِكَ أَنَّ حُكْمَهَا فِي عِدَّتِهَا حُكْمُ الْأَزْوَاجِ فِي بَعْضِ أَمْرِهَا. وَإِنَّمَا تَسْتَأْنِفُ الْعِدَّةَ لِأَنَّهُ قَدْ كَانَ مَسَّ قَبْلَ الطَّلَاقِ الَّذِي أَتْبَعَهُ هَذَا الطَّلَاقَ فَلَزِمَ فَحُكْمُهُ حُكْمَ الطَّلَاقِ الْوَاحِدِ بَعْدَ الدُّخُولِ وَأَيُّ امْرَأَةٍ طَلُقَتْ بَعْدَ الدُّخُولِ اعْتَدَّتْ. وَمَنْ قَالَ هَذَا أَشْبَهَ أَنْ يَلْزَمَهُ أَنْ يَقُولَ ذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يُحْدِثْ لَهَا رَجْعَةً فَيَقُولَ إذَا طَلَّقَهَا بَعْدَ الدُّخُولِ وَاحِدَةً فَحَاضَتْ حَيْضَةً أَوْ حَيْضَتَيْنِ. ثُمَّ أَتْبَعَهَا أُخْرَى اسْتَقْبَلَتْ الْعِدَّةَ مِنْ التَّطْلِيقَةِ الْآخِرَةِ، وَإِنْ تَرَكَهَا حَتَّى تَحِيضَ حَيْضَةً أَوْ حَيْضَتَيْنِ ثُمَّ طَلَّقَهَا اسْتَقْبَلَتْ الْعِدَّةَ مِنْ التَّطْلِيقَةِ الْآخِرَةِ وَلَمْ يُبَالِ أَنْ لَا يُحْدِثَ بَيْنَ ذَلِكَ رَجْعَةً وَلَا مَسِيسًا، وَمَنْ قَالَ هَذَا أَشْبَهُ أَنْ يَحْتَجَّ بِأَنَّ الرَّجُلَ يُطَلِّقُ امْرَأَتَهُ فَتَحِيضُ حَيْضَةً أَوْ حَيْضَتَيْنِ قَبْلَ أَنْ يَمُوتَ فَإِنْ كَانَ طَلَاقًا يَمْلِكُ فِيهِ الرَّجْعَةَ اعْتَدَّتْ عِدَّةَ وَفَاةٍ وَوَرِثَتْ كَمَا تَعْتَدُّ الَّتِي لَمْ تَطْلُقْ وَتَرِثُ وَلَوْ كَانَ طَلَاقًا لَا يَمْلِكُ فِيهِ الرَّجْعَةَ لَمْ تَعْتَدَّ عِدَّةَ وَفَاةٍ وَلَمْ تَرِثْ إنْ طَلَّقَهَا صَحِيحًا. وَلَوْ طَلَّقَهَا مَرِيضًا طَلَاقًا لَا يَمْلِكُ فِيهِ الرَّجْعَةَ فَوَرِثَتْهُ لَمْ تَعْتَدَّ عِدَّةَ الْوَفَاةِ لِأَنَّهَا غَيْرُ زَوْجَةٍ وَقَدْ قِيلَ فِي الرَّجُلِ يُطَلِّقُ امْرَأَتَهُ تَطْلِيقَةً

<<  <  ج: ص:  >  >>