للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَإِنْ نَكَحَهَا عَلَى أَرْشِ مُوضِحَةٍ خَطَأً كَانَ النِّكَاحُ جَائِزًا وَكَانَ لَهَا مَهْرُ مِثْلِهَا وَلَهُ عَلَى عَاقِلَتِهَا أَرْشُ مُوضِحَةٍ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا نَكَحَهَا بِدَيْنٍ لَهُ عَلَى غَيْرِهَا وَلَا يَجُوزُ صَدَاقُ دَيْنٍ عَلَى غَيْرِ الْمُصَدَّقِ وَهَذَا كُلُّهُ إذَا عَاشَ مِنْ الْجِنَايَةِ فَإِنْ كَانَتْ الْجِنَايَةُ خَطَأً أَوْ عَمْدًا فَمَاتَ مِنْهَا فَكَانَ الصَّدَاقُ جَائِزًا وَزَادَهَا فِيهِ عَلَى صَدَاقِ مِثْلِهَا رُدَّتْ إلَى صَدَاقِ مِثْلِهَا وَرَجَعَ عَلَيْهَا بِالْفَضْلِ؛ لِأَنَّهَا تَصِيرُ وَصِيَّةً لِوَارِثٍ فَلَا تَجُوزُ، وَلَوْ جَنَتْ عَلَى عَبْدٍ لَهُ جِنَايَةً فَنَكَحَهَا عَلَيْهَا جَازَ كَنِكَاحِهِ إيَّاهَا عَلَى جِنَايَةِ نَفْسِهِ فِي الْمَسَائِلِ كُلِّهَا إلَّا فِي أَنَّ الصَّدَاقَ إذَا كَانَ جَائِزًا وَكَانَ أَكْثَرَ مِنْ مَهْرِ مِثْلِهَا وَمَاتَ الْعَبْدُ جَائِزٌ؛ لِأَنَّهَا لَمْ تَجْنِ عَلَى السَّيِّدِ فَيَكُونُ قَابِلًا وَلَمْ يَكُنْ صَدَاقُهَا فِي مَعْنَى الْوَصَايَا بِحَالٍ فَلَا يَجُوزُ مِنْهُ مَا جَاوَزَ صَدَاقَ مِثْلِهَا. .

الشَّهَادَةُ فِي الْجِنَايَةِ

(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَيُقْبَلُ فِي الْقَتْلِ وَالْحُدُودِ سِوَى الزِّنَا شَاهِدَانِ. وَإِذَا كَانَ الْجُرْحُ وَالْقَتْلُ عَمْدًا لَمْ يُقْبَلْ فِيهِ إلَّا شَاهِدَانِ وَلَا يُقْبَلُ فِيهِ شَهَادَةُ رَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ وَلَا يَمِينٌ وَشَاهِدٌ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْجُرْحُ عَمْدًا مِمَّا لَا قِصَاصَ فِيهِ بِحَالٍ، مِثْلُ الْجَائِفَةِ وَمِثْلُ جِنَايَةِ مَنْ لَا قَوَدَ عَلَيْهِ مِنْ مَعْتُوهٍ أَوْ صَبِيٍّ أَوْ مُسْلِمٍ عَلَى كَافِرٍ أَوْ حُرٍّ عَلَى عَبْدٍ أَوْ أَبٍ عَلَى ابْنِهِ فَإِذَا كَانَ هَذَا قُبِلَ فِيهِ شَهَادَةُ رَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ وَيَمِينٌ وَشَاهِدٌ؛ لِأَنَّهُ مَالٌ بِكُلِّ حَالٍ فَإِنْ كَانَ الْجُرْحُ هَاشِمَةً أَوْ مَأْمُومَةً لَمْ يُقْبَلْ فِيهِ أَقَلُّ مِنْ شَاهِدَيْنِ؛ لِأَنَّ الَّذِي شُجَّ هَاشِمَةً أَوْ مَأْمُومَةً إنْ أَرَادَ أَنْ آخُذَ لَهُ الْقِصَاصَ مِنْ مُوضِحَةٍ فَعَلْت؛ لِأَنَّهَا مُوضِحَةٌ وَزِيَادَةٌ فَإِذَا كَانَتْ الْجِنَايَةُ الْأَدْنَى إنْ أَرَادَ أَنْ آخُذَ لَهُ فِيهَا قَوَدًا أَخَذْتهَا لَمْ أَقْبَلْ فِيهَا شَهَادَةَ شَاهِدٍ وَيَمِينٍ وَلَا شَاهِدٍ وَامْرَأَتَيْنِ وَإِذَا كَانَتْ لَا قِصَاصَ فِي أَدْنَى شَيْءٍ مِنْهَا وَلَا أَعْلَاهُ قَبِلْت فِيهَا شَاهِدًا وَامْرَأَتَيْنِ وَشَاهِدًا وَيَمِينًا.

وَإِذَا ادَّعَى رَجُلٌ عَلَى رَجُلٍ قَتْلَ عَمْدٍ وَقَالَ قَدْ عَفَوْت الْقَوَدَ أَوْ قَالَ لِي الْقَوَدُ أَوْ الْمَالُ وَأَنَا آخُذُ الْمَالَ وَسَأَلَ أَنْ يُقْبَلَ لَهُ شَاهِدٌ وَامْرَأَتَانِ أَوْ يَمِينٌ وَشَاهِدٌ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ لَهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجِبُ لَهُ مَالٌ حَتَّى يَجِبَ لَهُ قَوَدٌ.

وَإِذَا ادَّعَى رَجُلٌ عَلَى رَجُلٍ جُرْحًا عَمْدًا أَوْ خَطَأً لَمْ أَقْبَلْ لَهُ شَهَادَةَ وَارِثٍ لَهُ بِحَالٍ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ نَفْسًا فَيَسْتَوْجِبُ بِشَهَادَتِهِ الدِّيَةَ وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا لَهُ ابْنٌ وَابْنُ عَمٍّ فَادَّعَى جُرْحًا فَشَهِدَ لَهُ ابْنُ عَمِّهِ قَبِلْت شَهَادَتَهُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِوَارِثٍ لَهُ فَإِنْ لَمْ يُحْكَمْ بِهَا حَتَّى مَاتَ ابْنُهُ طَرَحْت شَهَادَةَ ابْنِ عَمِّهِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ صَارَ وَارِثًا لِلْمَشْهُودِ لَهُ؛ لِأَنَّهُ لَوْ مَاتَ وَرِثَهُ وَإِنْ حُكِمَ بِهَا، ثُمَّ مَاتَ ابْنُهُ فَصَارَ ابْنُ عَمِّهِ الْوَارِثَ لَمْ تُرَدَّ؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ قَدْ مَضَى بِهَا فِي حِينِ لَا يَجُرُّ إلَى نَفْسِهِ بِهَا شَيْئًا.

الشَّهَادَةُ فِي الْأَقْضِيَةِ

(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَإِذَا أَقَامَ الرَّجُلُ عَلَى الرَّجُلِ شَاهِدَيْنِ بِقَتْلٍ عَمْدًا وَهُوَ مِمَّنْ يُسْتَقَادُ مِنْهُ لِلْمَقْتُولِ فَأَتَى الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ بِرَجُلَيْنِ مِنْ عَاقِلَتِهِ غَيْرِ وَلَدِهِ أَوْ وَالِدِهِ يَشْهَدَانِ لَهُ عَلَى جَرْحِ الشَّاهِدَيْنِ اللَّذَيْنِ شَهِدَا عَلَيْهِ قَبِلْت شَهَادَتَهُمَا؛ لِأَنَّهُمَا لَا يَعْقِلَانِ عَنْهُ فِي الْعَمْدِ فَيَدْفَعَانِ عَنْ أَنْفُسِهِمَا بِشَهَادَتِهِمَا عَقْلًا وَلَوْ ادَّعَى عَلَيْهِ قَتْلَ خَطَأٍ وَأَقَامَ بِهِ عَلَيْهِ شَاهِدَيْنِ فَجَاءَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ بِرَجُلَيْنِ مِنْ عَاقِلَتِهِ يَجْرَحَانِ الشَّاهِدَيْنِ

<<  <  ج: ص:  >  >>